خلايا داعش النائمة تستيقظ على وقع الأزمة السياسية والاقتصادية في العراق
سُجّلت في العراق عودة لافتة لتحرّكات تنظيم داعش، في فترة حرجة تتميّز بأزمة سياسية حادّة ناجمة عن ضغوط الشارع المنتفض منذ أكتوبر الماضي ضدّ النظام القائم والتي أدّت إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي التي لم تتمكّن الطبقة السياسية من الاتفاق على حكومة بديلة لها، إضافة إلى أزمة مالية واقتصادية بدأت تلوح بوادرها جرّاء تهاوي أسعار النفط الذي يمثّل المورد شبه الوحيد لخزينة الدولة العراقية.
وخلّفت هجمات خاطفة للتنظيم في أنحاء عراقية متفرّقة ما لا يقل عن أربعة قتلى في ظرف ثماني وأربعين ساعة، بينهم جنديان أميركيان من قوات التحالف الدولي المشاركة في التصدّي لداعش في سوريا والعراق.
وفي المقابل كشفت تحرّكات أمنية وعسكرية عن وجود استعدادات لتجديد المجهود الحربي في مواجهة التنظيم بشكل منسّق بين القوات العراقية وقوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتّحدة الأميركية.
وأفاد مصدر أمني عراقي، الثلاثاء، بأن ضابطا في الجيش وعنصرا في الحشد الشعبي قتلا في هجوم لداعش بمحافظة ديالى شرقي البلاد.
وقال المصدر لوكالة الأناضول إنّ “مسلحين من تنظيم داعش شنوا، هجوما على حاجز أمني مشترك للجيش والحشد الشعبي بأطراف قضاء خانقين شمالي ديالى”. وأضاف المصدر أنّ “الهجوم خلف قتيلين هما ضابط في الجيش برتبة ملازم، وعنصر في الحشد الشعبي”.
ومن جهتها، قالت هيئة الحشد، في بيان إنّ “مسلحي داعش شنوا هجوما على قوات للحشد في قرية تل عري بقضاء خانقين”. وأضافت الهيئة أنّ “الهجوم أسفر عن مقتل آمر كتيبة الإسناد للواء 23 في الحشد الشعبي، محمد علي مجيد العنبكي”.
وجاء ذلك غداة الإعلان عن مقتل جنديين أميركيين أثناء “تقديم المشورة والدعم لقوات الأمن العراقية” خلال عملية عسكرية ضد مخابئ لتنظيم داعش في شمال العراق، بحسب ما أعلنه التحالف الدولي، الاثنين، في بيان.
وأفاد التحالف في بيانه أنّ “جنديين أميركيين قتلا بأيدي قوات معادية.. خلال مهمة للقضاء على معقل لتنظيم داعش في منطقة جبلية”.
وفي بيان منفصل أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية تنفيذ جهاز مكافحة الإرهاب عملية عسكرية ضد فلول داعش في منطقة الخانوكة بتلال حمرين.
وأوضح البيان “نفذت قوة من جهاز مكافحة الإرهاب وبالتنسيق مع طيران التحالف الدولي، عملية إنزال جوي في منطقة جبال قرة جوغ جنوب قضاء مخمور، واشتبكت مع العصابات الإرهابية. مع ضربات جوية متلاحقة. وقد أسفرت العملية عن مقتل 25 إرهابيا وتدمير تسعة أنفاق، فضلا عن معسكر للتدريب”.
وأشّرت العملية على استئناف قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عملها المشترك مع القوات العراقية في مواجهة تنظيم داعش الذي ما زال يشكّل خطرا رغم إعلان النصر العسكري عليه في العراق سنة 2017.
وجاء ذلك بعد أنّ أثّر التوتّر بين الولايات المتّحدة وإيران على دور التحالف في العراق الذي أصدر برلمانه قرارا يطالب حكومة بغداد بضرورة إخراج القوات الأجنبية من البلاد، وهو الأمر الذي تعذّر تطبيقه عمليا نظرا لحاجة القوات العراقية إلى المساعدة الدولية لمواصلة التصدي لداعش ومنع عودته إلى المناطق التي كان قد احتلها بدءا من سنة 2014 قبل طرده منها بعد حرب دامية ومرهقة بشريا وماديا.
ومع بروز حاجة العراق للدور الأميركي في الحفاظ على الاستقرار الهش في البلاد، غاب تدريجيا الحديث عن إجراءات طرد القوات الأميركية، فيما بدا أن واشنطن تدعم، على العكس من ذلك، وجود قواتها في العراق.
وقال قائد القيادة المركزية الأميركية، الثلاثاء، إنّ بلاده بصدد إرسال أنظمة دفاع جوي إلى العراق لحماية الجنود الأميركيين في حال تعرضهم لأي هجوم إيراني.
وأوضح الجنرال كينيث ماكينزي في جلسة للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب “نحن بصدد إرسال أنظمة دفاع جوي وأنظمة دفاع مضادة للصواريخ الباليستية إلى العراق، على وجه الخصوص، لحماية أنفسنا من أي هجوم إيراني آخر محتمل”.
وسجّلت خلال الأيام الماضية تحرّكات عسكرية في العراق، يرجّح أنّ لها صلة بمواجهة تنظيم داعش. وانسحبت، الاثنين، قوة من التحالف الدولي من قاعدة قرب الحدود العراقية السورية غربي محافظة الأنبار، بحسب ضابط برتبة مقدم بالجيش العراقي.
وقال الضابط مفضلا عدم ذكر اسمه، إنّ “قوة من التحالف الدولي وهي دنماركية ونرويجية وأميركية، انسحبت من قاعدة لها في محطة قطار الفوسفات الواقعة على بعد عشرين كيلومترا جنوب مدينة القائم غربي مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار التي تمتد حدودها إلى الحدود السورية”.
وزادت وتيرة هجمات عناصر تنظيم داعش خلال الأشهر القليلة الماضية وبشكل خاص في المنطقة بين محافظات كركوك وصلاح الدين شمال العاصمة بغداد وديالى بشرقها، وهي المنطقة التي تشكّل ما يعرف بـ”مثلث الموت”.