أطلق الجيش العراقي، اليوم الخميس، عملية عسكرية في مناطق حزام بغداد، قال إنها لتعقب خلايا تنظيم "داعش" في هذا المحور، في أول مهمة ضد التنظيم من دون مشاركة قوات التحالف الدولي، الذي أعلن بدوره تعليق نشاطاته في العراق.
وأعلن التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، في تغريدة على "تويتر"، أنه علّق حالياً الأنشطة العسكرية في العراق، موضحاً أنّ الهدف هو "للتركيز على حماية القواعد العراقية التي تستضيف أفراد التحالف".
وأشار إلى أنّ "الأنشطة التي تم تعليقها تشمل التدريب مع الشركاء ودعم عملياتهم ضد داعش".
ودأبت قوات التحالف الدولي على توفير مظلة جوية للقوات العراقية في كل تحركاتها بالسنوات الخمس الماضية.
ويبدو أنّ مجريات الأحداث، في الساحة العراقية، والتي أعقبت اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب قائد "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، الجمعة الماضي، وما رافقها من قرار برلماني لإخراج القوات الأجنبية، الأحد الماضي، والقصف الإيراني لقواعد أميركية بالبلاد، أمس الأربعاء، قد ألقت بظلالها على العمليات العسكرية، إذ تعد هذه العملية الأولى من نوعها التي تنفذ من دون أي دور ولا غطاء جوي للتحالف الدولي.
والأحد الماضي، أعلن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ضد تنظيم "داعش" في العراق وسورية، "إيقاف التدريب مع الشركاء ودعم العمليات ضد داعش بسبب الهجمات الأخيرة على القواعد العسكرية في العراق".
ووسط تحذيرات أمنية، وشكوك من قدرة القوات العراقية على تحمل المسؤولية، أعلنت "خلية الإعلام الأمني" الحكومية في العراق، في ساعة مبكرة من فجر اليوم الخميس، إطلاق العملية، مؤكدة، في بيان، أنّ "العملية تنفّذ بإشراف قيادة عمليات بغداد، وتشمل بلدة الطارمية والمناطق المحيطة بها".
وأوضحت أن "العملية التي أطلق عليها اسم (السلام الواعد)، يشارك فيها، لواءان من الجيش، وفوجان من الشرطة ووحدات الهندسة العسكرية، وبدعم من طيران الجيش العراقي".
وأكدت أنّ "العملية أسفرت حتى الآن عن ضبط صواريخ وعبوات ناسفة وعتاد لخلايا التنظيم"، مشيرة إلى أن "العملية ما زالت مستمرة".
ويؤكد قادة ميدانيون مشاركون في العملية، أنّها أطلقت لإثبات قدرة القوات العراقية على تنفيذ مهامها بمعزل عن قوات التحالف الدولي، غير أنهم لم يخفوا قلقهم من أن غياب الطيران التابع للتحالف الدولي قد يضاعف فرصة تسجيل خسائر بشرية في صفوف القوات العراقية.
وأقرّ ضابط في قيادة عمليات بغداد، فضّل عدم الكشف عن هويته، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "منطقة الطارمية والمناطق المحيطة بها شمالي بغداد، لم تسجل خلال الفترة الأخيرة أي نشاط لخلايا داعش، وأن إطلاق عملية عسكرية بهذا الحجم فيها كان مفاجئاً بالنسبة لنا"، مبيناً أن "غالبية الضباط اعتبروا العملية بمثابة اختبار للقوات العراقية، وأن اختيار هذه المنطقة تحديداً دون غيرها جاء لإثبات تلك القدرة".
وأوضح أنّ "العملية ستنجح بالتأكيد، وأنها لن تستغرق وقتاً لا سيما أن مساحة المنطقة التي تنفذ بها ليست شاسعة، وأن طبيعتها الجغرافية غير وعرة".
ويرى مراقبون أمنيون، أنّ اختيار موقع العملية الأولى منذ وقف التحالف الدولي غالبية أنشطته في العراق، قد تم اختياره بدقة، مشككين بقدرة القوات على تنفيذ عمليات في صحراء الموصل والأنبار وكركوك، من دون دعم التحالف الدولي.
وقال الخبير الأمني، سنان المهداوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "إدارة الملف الأمني وفقاً للأجندات السياسية، سيعرض البلد إلى المخاطر"، مبيناً أنّ "عملية عسكرية بأطراف بغداد من الممكن أن تنفذ من دون مشاركة طيران التحالف، لكن لا يمكن أن تنفذ عمليات في المناطق الصحراوية الوعرة من دون تلك القوات وغطائها الجوي".
وأكد أنّ "القوات العراقية وبدعم جوي واستخباري لم تتمكن خلال عدّة عمليات أطلقتها على مدى الفترات السابقة، من القضاء على بقايا داعش"، متسائلاً "كيف للقوات العراقية أن تحقق نجاحاً لوحدها، بمعزل عن التحالف؟"، محذراً، في الوقت نفسه من أن "عدم مشاركة التحالف سيعزز من نمو خلايا داعش من جديد ويعيد خطرها على البلاد".
يشار إلى أن قوات التحالف الدولي، كان لها الدور الكبير بعمليات تحرير المحافظات العراقية، التي اجتاحها "داعش" صيف 2014، ولم تنفذ القوات العراقية أي عمليات بمعزل عنها.