ذكر مصادر ومسؤولون استخبارتيون أكراد أن تنظيم داعش الإرهابي (المحظور في روسيا) يسعى لاستعادة قوته وترتيب صفوفه في العراق.
جاءت هذه التصريحات في تقرير لـ"بي بي سي" البريطانية، والذي ذكر فيه أحد المسؤولين في إقليم كردستان العراق أن مسلحي التنظيم أصبحوا يمتلكون أساليب وخطط أفضل، والكثير من الموارد المالية والدعم اللوجستي.
المؤشرات والدلائل
وعن الأسباب التي دعت للتصريح بذلك، والمؤشرات والدلائل التي تبين عودة التنظيم لاستعادة قوته يقول في حديث خاص مع "سبوتنيك" المستشار الإعلامي لرئاسة برلمان إقليم كردستان العراق طارق جوهر: أتصور أن ما تبقى من داعش هو خلايا نائمة، استغلوا الوضع المتأزم في العراق بعد المظاهرات التي شهدتها بغداد والمحافظات في جنوب العراق، ما أدى إلى تراخي في الحالة الأمنية في المناطق التي شهدت هذه المظاهرات.
ويكمل: الفجوة الكبيرة التي حدثت عام 2017 بعد الاتفاق بين الجيش العراقي وقوات البشمركة والحشد الشعبي، والحشد الذين دخلوا إلى المناطق التي تسمى المناطق المتنازع عليها، وأثر بترك فراغ أمني، ووجود فجوة بين القوات الأمنية العراقية وقوات البشمركة.
ويتابع جوهر: وبالرغم من مطالبة الإقليم بضرورة إعادة قوات البشمركة إلى المناطق التي كانت تشغلها لحماية الأمن والاستقرار في هذه المناطق، إلا أن الخلافات السياسية لم تحل هذا الملف، والدواعش استغلوا هذه الفجوة وهذه الفراغات لإعادة تنظيم نفسهم، والقيام بنوع من العمليات ضد المواطنين، والهجوم على النقاط الحكومة في هذه المناطق.
وأكد الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري أراز جوهر دزه يي في اتصال مع وكالة "سبوتنيك" بأن الأمر مبالغ به، ويكمل: ليست هناك مؤشرات قوية، بل الأمريكان دائما يصرحون بأن هناك مقاتلون لداعش، وهو نوع من التخويف فقط بسبب قيام الحشد الشعبي الموالي لإيران بتخويف القوات الأمريكية، ومن أسباب البقاء الأمريكي هو محاربة داعش، هناك فقط عدد قليل من الخلايا، تظهر في كركوك وفي الموصل، وعلى يبدو أن هناك تراخي أمني نوعا ما.
وكذلك يؤكد القيادي في الحشد الشعبي العراقي كريم النوري خلال حوار مع "سبوتنيك" ويقول: أولا داعش انتهى من حيث السيطرة على الأرض، وإذا كان هناك بعض الفلول الداعشي تختفي في صحراء الأنبار وفي جهة تكريت، فهي لا تشكل خطرا علينا، وإنما تقوم بعمليات إزعاج وسيطرة وهمية.
ويضيف: فداعش انتهى فعلا في العراق، وانتهى حتى دوليا وأصبح من الماضي، وما يتواجدون هم هؤلاء يقومون بأعمال سرية في الخفاء ولا يشكلون خطرا على العراق، ولا يمكنهم احتلال شبر واحد في العراق أو السيطرة على أي منطقة.
التمويل والدعم
وعن مصادر التمويل التي يتلقاه تنظيم داعش، وإذا ما كان هناك مقاتلون جدد ينضمون إليهم يقول المستشار الإعلامي طارق جوهر: بالنسبة للمقاتلين هم كانوا أعضاء في هذا التنظيم وبسبب عدم وجود محكمة،والإفراج عنهم بسبب الكثير من الإجراءات القانونية وغير الدستورية، ربما لملمت هذه العناصر من جديد.
ويكمل: أيضا بعض القوى التي كان لها دور في ظهور تنظيم داعش، كدول في الشرق الأوسط وغيرها، يقومون الآن بدعم وإعادة تنظيمه للاستفادة منه لأهداف سياسية وأمنية واستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وخلق نوع من الصراعات الجديدة في المنطقة.
أما الخبير العسكري أراز جوهر فيرى أن الأسلحة موجودة لدى داعش وهي مخبأة، ولا يوجد هناك دعم بالأسلحة من خارج العراق، ويتابع: هي متوفرة وكل فترة تجد القوات مخبأ أو ما شابه، ومن الصعب جدا إيجاد كل المخابئ، حيث أن معظمها يقع تحت الأرض، أما المقاتلون فهم من الموجودين داخل العراق ولم يتم القبض عليهم.
ويواصل: لقد خسروا الدعم من الخارج وخاصة في سوريا، حيث وجهت لهم ضربة كبيرة من قبل قوات التحالف الدولي والقوات الروسية التي لها دور كبير جدا في القضاء عليه، ومن الصعب جدا أن يتنقل المقاتلون بين العراق وسوريا، لأن القوات الكردية تمنعهم من الوصول، إلا إذا كانت من المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية.
فيما يعتبر كريم النوري القيادي في الحشد الشعبي العراقي أن دول تقف وراء هذا التمويل والدعم، ويبين: ما جمعوه خلال فترة الحرب من عدة دول مثل تركيا وبعض الدول العربية، وبعض ما حصلوا عليه من الجيش العراقي بعد عام 2014، ولديهم بالتأكيد بعض المخازن والمخابئ.
ويكمل: هم ربما يحصلون على بعض التمويل وبعض الأسلحة وبعض الإمكانيات، ولديهم قنوات للحصول على الدعم، والآن يبدو حتى أن التمويل قد جف أو قل على الأقل والدعم الدولي والإقليمي لهم.
التنسيق والخطة
وعن التنسيق بين مختلف القوى في العراق يقول طارق جوهر: هناك تنسيق مستمر بين قوات البشمركة والجيش العراقي، وهناك نوع من البرنامج لإعادة تنظيم المناطق التي كانت تتواجد فيها داعش، والآن يتم استغلال الفراغ الأمني في تلك المنطقة، وخصوصا المتنازع عليها، من ديالى إلى محافظة نينوى إلى سنجار، التي تعاني من عدم وجود قوات قوية أمنية هناك.
ويواصل: سابقا كان يتم الاعتماد على قوات البشمركة في التصدي لعمليات داعش الإرهابية، لكن ربما الآن القوات العراقية لا زالت تعاني من فقدان القوة والسيطرة والتنظيم، وهي قوات غريبة في بعض المناطق، لذلك لا تستطيع السيطرة.
ويضيف جوهر: القوات العراقية بحاجة إلى إعادة البشمركة إلى هذه المناطق، وأن يتعاونوا مع بعضهم في القضاء على داعش، إذا ما أرادت بغداد القضاء عليهم، لأن داعش لم ينتهي ويستغل الوضع الأمني وتدهور الوضع السياسي في العراق.
وكذلك يرى أراز جوهر دزه يي، ويبين: قوات البشمركة متعاونة مع الجيش العراقي، وهناك بعض الفصائل من الحشد الشعبي تسبب مشكلات في بعض المناطق، وباعتقادي أن بعد إزاحة عبد الوهاب الساعدي من جهاز مكافحة الإرهاب، الذي كان يريد تطوير الجهاز في مكافحة داعش وغيره من التنظيمات الأخرى.
ويستدرك: إزاحته تسببت في خلل لمنظومة مكافحة الإرهاب كبير جدا، لأنه قائد عسكري محنك وأثبت شجاعته وقوته العسكرية، وتم إزاحته لأسباب سياسية.
وكذلك يؤكد كريم النوري ويقول: بالتأكيد اليوم هناك قيادة عامة مشتركة تنسق بين القوات العراقية، التي يديرها الفريق سعد العلاقي، والتنسيق ليس فقط مع الأكراد، بل هناك تنسيق مع سوريا وروسيا وغيرها، وهذا التنسيق متواصل ومستمر، سواء في الإقليم وعن طريق البشمركة والقوات العراقية، والعمل مستمر ومتواصل وإلا لم نحقق هذا الانتصار دون التنسيق والتعاون بين القوات.
ويختم قائلا: هناك عمل متواصل ونوع من الحركة المستمرة والمتنقلة، وهناك نقاط تمركز وطائرات مسيرة وطلعات مستمرة لسلاح الجو العراقي للمسح الجوي على مستوى الأرض ومتابعة فلولهم، وكل المظاهر الداعشية المتواجدة، ورصد التحركات لداعش، ولن نسكت عن أي من هذا، لأن أي تراجع يمهد لظهور داعش من جديد.