حرب العصابات والكمائن.. استراتيجية "داعش" الجديدة في العراق
أثبت تنظيم "داعش" قدرته على شن هجمات مؤثرة يستهدف من خلالها القوات الأمنية في العراق، رغم إعلان الحكومة العراقية إنهاء سيطرته في البلاد، منذ ديسمبر 2017.
ونفذ التنظيم، في الأسابيع القليلة الماضية، هجمات أدت إلى قتل عشرات من القوات الأمنية العراقية؛ تسببت في رفع درجة الحيطة داخل المنشآت الأمنية بالبلاد، كان آخرها في 29 يناير الماضي، عندما استهدف حاجزاً أمنياً في كركوك (شمال)، نتج عنه مقتل أحد منتسبي الشرطة الاتحادية العراقية.
وبدا واضحاً أن إرباك الأمن في العراق لم يعتمد فقط على استهداف القوات الأمنية؛ فتفجير وقع الأحد (3 فبراير الجاري) استهدف حافلة زوار إيرانيين، في محافظة صلاح الدين (شمال)، أدى إلى مقتل إيراني وإصابة 7 آخرين على الأقل.
القوات الأمنية العراقية عادت بعد فترة من الرخاء الأمني إلى الحذر الشديد، بحسب ما علمه "الخليج أونلاين" من مصادر أمنية.
وبحسب تلك المصادر، التي تحدثت طالبةً عدم الإفصاح عن هويتها، فإن "تسريبات أمنية" تفيد بأن تنظيم "الدولة" ينوي تنفيذ تفجيرات تستهدف مراكز تجارية وأماكن عامة ومؤسسات حكومية. المصادر أكدت أن القوات الأمنية "دخلت حالة الإنذار المشدد"، وأنها أرسلت وحدات عسكرية إضافية إلى مداخل بغداد، "لمنع دخول سيارات مفخخة محتملة".
وأضافت أن الأجهزة الأمنية شكلت خلايا استخباراتية، للكشف عن المجاميع المسلحة التابعة لتنظيم "الدولة" والتي تنوي الهجوم على "أهداف حيوية في بغداد والمحافظات العراقية".
هجمات سريعة خاطفة في هذا الخصوص، يقول حسين المنصوري، أحد منتسبي الشرطة الاتحادية في محافظة ديالى (شرق)، إنه "حذِر جداً" في أثناء تنقُّله خارج وحدته العسكرية، مؤكداً أن مقرات أمنية تابعة للقوات العراقية، وأخرى لقوات "الحشد الشعبي" -مليشيا مسلحة تقاتل تنظيم الدولة- تعرضت في الفترة الأخيرة لهجمات شنتها عناصر تنظيم "الدولة"، خاصة في محافظتي ديالى وصلاح الدين.
بحسب المنصوري، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، فإن البساتين والمناطق الجبلية الوعرة في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك تعتبر من أبرز معاقل التنظيم في العراق؛ حيث تسمح بتوفير مخابئ من الصعب وصول القوات الأمنية إليها.
وأضاف: "أغلب الهجمات التي شنها تنظيم داعش هجمات سريعة خاطفة وكمائن، مثل السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، إضافة إلى عمليات الاغتيالات بأسلحة كاتمة"، مشيراً إلى أن "أكثر هذه الهجمات استهدفت ضباط الجيش وقياديين في فصائل الحشد الشعبي، فضلاً عن شيوخ وزعماء قبائل".
يتفق مع ما ذهب إليه المنصوري، كرار الزاملي، أحد القياديين في فصائل "الحشد الشعبي" المنخرطة بالجيش؛ إذ يؤكد أن كتائب تابعة للفصائل تعرضت لـ"هجمات مكثفة ومركزة شنها مقاتلو تنظيم داعش، خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا إلى العراق".
وكانت قوات أمريكية انسحبت من أراضٍ سورية إلى العراق؛ عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ديسمبر الماضي، سحب قوات بلاده من سوريا.
وأضاف الزاملي لـ"الخليج أونلاين": "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هجمات تنظيم داعش، وأي قوة تحاول المساس بمنظومة الحشد الشعبي. سيكون الرد عليها قاسياً ومزلزلاً".
إلى ذلك، يصف الخبير في الشؤون العسكرية العميد المتقاعد فاروق الدليمي "تكتيكات تنظيم داعش في مواجهة القوات العراقية والحشد الشعبي" بـ"الذكاء العسكري".
وتابع الدليمي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، قائلاً: إن "ما تبقى من مقاتلي تنظيم داعش بعد الهزيمة في المعارك التي شنتها القوات العراقية لا يمكنهم سوى شن هجمات متفرقة من خلال الكمائن المتقنة".
وأكد أن "أسلوب تنظيم داعش هذا سيمنح عناصره قدرة كبيرة على شن هجمات نوعية، إضافة إلى المناورة والاختفاء، لذلك على القوات الأمنية العراقية أن تشن هجمات استباقية على المناطق التي ينشط فيها". المصدر: الخليج أونلاين