هل يمتلك تنظيم داعش الإرهابي جهاز استخبارات؟ كان هذا السؤال مثار بحث وتقص من جانب مرصد الأزهر في مصر للبحث عن إجابات، خاصة أن التنظيم سعى خلال فترة ظهوره إلى حماية نفسه من الاختراقات الأمنية. وفق المعلومات التي جمعها المرصد فإن التنظيم الإرهابي أسس بالفعل جهاز مخابرات من معقله في مدينة الرقة السورية، وأطلق عليه اسم "أمنيّات" وخطط هذا الجهاز لجزء كبير من الهجمات الإرهابية التي ضربت أوروبا، لا سيما في فرنسا وبلجيكا.
استند مرصد الأزهر في معلوماته إلى معلومات أخرى كشفها ماتيو سوك، الصحافي الفرنسي المتخصص في الجماعات الإرهابية، من خلال قراءة ملفات قضايا العائدين من "داعش"، والوثائق التي نُشِرَت في هذا الصدد، ومن خلال إجراء مقابلات مع قضاة وخبراء ورجال شرطة وعملاء للمخابرات.
"جواسيس الرعب" وقام بتجميع نتاج عمله في كتاب أسماه "جواسيس الرعب" وفق اعترافات هؤلاء الدواعش العائدين وذكرها سوك، فهناك شخصيتان يعتقد أنهما وراء تأسيس الجهاز وهما عبد الحميد أباعود الملقب بـ أبي عمر وهو العقل المدبر لهجمات باريس، والثاني هو حِجي بكر القائد العراقي السابق في الاستخبارات العسكرية بعهد صدام حسين، لكن الصحافي الفرنسي يرى أن المؤسس الرئيسي لهذا الجهاز هو "حِجي بكر"، الذي كان يرى ضرورة إنشاء جهاز استخباراتي لفرض السيطرة على المزيد من الأراضي في سوريا والعراق.
تاريخ إنشاء هذا الجهاز يرجع إلى أغسطس 2014، بعد بضعة أشهر من إعلان الخلافة على لسان "أبو بكر البغدادي وذهبت قيادة الجهاز إلى البلجيكي "أسامة العطار"، الذي وُصِفَ فيما بعد بأحد الرُعاة الرئيسيين لهجمات "باريس"، والتي وقعت في الثالث عشر من نوفمبر 2015.
من ماذا يتكون جهاز "أمنيات"؟ السبب الرئيسي وراء إنشاء جهاز الاستخبارات الداعشي "أمنيات" هو تجنب تسلل عملاء الاستخبارات الأجنبية وسط المقاتلين في سوريا، وإحكام السيطرة عليه لمنع تسريب أي معلومات عن التنظيم وهي معلومات أكدها سوك وفقا لاعترافات الدواعش العائدين.
احتوى جهاز "أمنيّات" على وِحدة مخصصة للتخطيط لهجمات على الأراضي الواقعة خارج سيطرته، وتهتم هذه الوِحدة بتدريب وإرسال انتحاريين فُرادى أو جماعات إلى جميع أنحاء العالم، لاسيما أوروبا، لتنفيذ هجمات إرهابية، أو لتجنيد أعضاء جُدد، أو لجمع المعلومات أو المواد التي يستخدمها التنظيم في عملياته الإرهابية.
الخلايا العنقودية وكشف مرصد الأزهر أن الخطط الاستراتيجية التي اعتمدت عليها وِحدة الهجمات الخارجية بالجهاز في تنفيذ هجماتها الإرهابية، تمثلت في "الخلايا العنقودية" المرتبطة بالتنظيم، والتي تعمل كل خلية منها بمعزل عن الأخرى لإعاقة رصدها، أو في "الذئاب المنفردة" والذين يتم تجنيدهم من خلال دعوات فردية عبر وسائل التواصل الاجتماعي للأشخاص الذين تبدو عليهم علامات الاستعداد للتضحية بأنفسهم، أو من خلال التجنيد الذاتي للذئاب الذين يخشون وسائل التواصل خوفا من أن تكون مراقبة من قِبَلِ الأجهزة الأمنية، كما تتمثل الخطط الاستراتيجية في تجنيد "أصحاب السوابق الإجرامية" ممن ليسوا على دِراية بالإسلام. القواعد التي عمل عليها الجهاز الاستخباراتي الداعشي هي فرز النشطاء والعسكريين الذين يسعون للانضمام إلى صفوفه، واستطلاع البيئة الحاضنة له لجذب مؤيدين محليين، وتوفير الموارد المالية اللازمة.
نشر فكر التنظيم لجذب المؤيدين عمل الجهاز على نشر فِكر التنظيم وإيديولوجيته على المستوى الدولي لجذب مؤيدين من مختلف الجنسيات، واكتساب طابع مختلف عن التنظيمات المتطرفة الأخرى، والتخطيط لهجمات إرهابية مُنظمة وموجهة لإرهاب الدول والمؤسسات الدولية، في محاولة منه للتأكيد على شرعية وجوده، وتوجيه رسالة إلى مؤيديه والمتعاطفين معه بأنه يسعى منذ نشأته لأن يأخذ شكل دولة ذات مؤسسات أقوى من كبرى قوى العالم.
ووفق ما يكشفه مرصد الأزهر فإن الاستخبارات الفرنسية والتي تعرّضت دولتها للنصيب الأكبر من هجمات "داعش" حرصت على الوقوف على طبيعة الجهاز الاستخباراتي الداعشي، من خلال استجواب "المقاتلين الفرنسيين" العائدين، والذين تقلدوا مناصب رفيعة داخل هذا التنظيم، ومن بينهم نيكولا مورو، الشقيق الأكبر للفرنسي فلافيان مورو، والذي كشف عن اسم جهاز الاستخبارات السِري لـ "داعش" "أمنيّات" وطبيعة عمله وتفاصيل مهامه. المصدر: العربية