التنظيم، الحرب، الوضع الامني... تقرير جديد عن زعيم داعش "قد يكون البغدادي وهميا!"
لا يبدوا وان للقائد الغامض لاحد أكثر التنظيمات الإرهابية خطورة في التاريخ، نهاية معروفة، او تصور واضح لما ستكون عليه، فهو الان، لا يحظى بذات الأهمية التي حظي بها سلفه المعروف "أسامة بن لادن"، الذي اعد الهدف الأساسي لمكافحي الإرهاب حول العالم.
قائد التنظيم الغامض، يتوارى خلف ستار عناصره، حيث ينصب الاهتمام الان على تدمير التنظيم، فيما تتداول التحليلات التي تتحدث عن كون أبو بكر البغدادي، لا يعدوا كونه صورة للتنظيم امام الاعلام، حيث يتحرك التنظيم بأمرة عدد من الافراد، وليس قائد واحد كما يحاول ان يصور.
البغدادي، تم الإعلان عن قتله او اصابته لعشرة مرات سابقة، خلال العام ونصف العام المنصرم، الامر الذي اجبر الولايات المتحدة في النهاية على وضع جائزة على راسه تقدر بــ 10 مليون دولار.
بعد 13 عام من العمل الناشط كإرهابي، ما زال البغدادي يعد صورة دعائية من قبل البعض، او شبح لرجل ميت لأخرين، فيما ينظر اليه الغالبية المقاتلة الان، على انه لا اكثر من قائد اخر ينتظر الموت بجانب خلافته المحتضرة.
الامر الذي ساعد شخصية البغدادي على ان تتحول الى شكل غامض، هو عدوله عن الظهور الإعلامي بكثرة كما سلفه بن لادن، فالبغدادي، لم يظهر سوى مرة واحدة في مقطع الفيديو الشهير الذي اعلن فيه قيام الخلافة، ثم في صورتين مؤكدتين له فقط.
الشيخ الخفي.. شيخ الخوف القلق الذي يبديه البغدادي حول سلامته، على العكس من اسلافه، اظهرته بصورة الضعيف الجبان، الذي يخشى الظهور اعلاميا، او حتى بين رفاقه الإرهابيين، فيما عمدت الة داعش، الى تحويله الى نوع من الشخص الخارق الذي قد لا يرى، مما إثر على بعض وسائل الاعلام الأجنبية التي أطلقت عليه كنية "الشيخ الخفي".
الكنية تاتي من حقيقة ان البغدادي، يعمد الى ارتداء قناع خلال لقائه مع قادته وزمرة خلافته، الامر الذي اثار الشكوك بين المحللين، ممن اعتبروا ذلك إشارة على انه قد قتل مسبقا، وهنالك من ينتحل صفته، بينما أكد اخرين، ان "الشيخ الخفي" ما هو الا "شيخ خوف"، يخشى على نفسه من الاستهداف حتى بين اقرانه، ولهذا فانه يعمد الى ارتداء الأقنعة اثناء اللقاءات التي يجريها، خصوصا، وان لا سبب منطقي اخر قد يدفع قائد تنظيم إرهابي بنمط داعش، الى إخفاء وجهه بين صفوف اتباعه.
البغدادي، ربما وحسب نظرة بعض المحللين، يحاول ان يتلافى الأخطاء التي وقع فيها سابقيه، حيث قتل في عام 2006 سلفه أبو مصعب الزرقاوي، بضربة جوية أمريكية، بعد ان استطاعت أجهزتها الاستخباراتية تتبعه، لكونه "رجل عروض"، عكف على تصوير نفسه وهو يشارك في عدة أنشطة إرهابية.
بن لادن كان كذلك، وكلاهما قد دفعا الثمن بسرعة، حين تمكنت قوات مكافحة الإرهاب على المستوى العالمي، من الظفر بهم وقتلهم، بالرغم من ان البغدادي، وان كان ادعائه قيادة تنظيم داعش بشكل كامل، فان نهضته الى المستوى القوي الذي وصل عليه، ولم يسبقه تنظيم جهادي إرهابي فيه، كانت ستكون كفيلة بان تجعله يشعر بالطمأنينة على الأقل بين اقرانه.
حتى الان، لا يمكن الجزم بشكل قاطع، ان كان البغدادي حي ام ميت، وينتحل صفة شخصيته اخر، بسبب ارتدائه القناع بشكل دائم في اجتماعاته، او ان كان مجرد شبح اعلامي خلقه تنظيم داعش للحفاظ على قادته الحقيقيين.
من هو البغدادي؟ المدعو أبو بكر البغدادي، قد بدا حياته باسم "إبراهيم عوض إبراهيم"، حيث يظن انه ولد في مدينة سامراء شمال بغداد، عام 1971، ويشار اليه هنا بالظن، لكون التأكد من حقيقة وجوده او الشخصية التي يمثلها، غير ممكن الى الان. ما يزيد الشك في كون هذه الشخصية حقيقية من الأساس، هو غياب وجود أي توثيق رسمي لحصوله بالاسم المذكور على شهادة الدكتوراة في العلوم الإسلامية من جامعة بغداد. اما على صعيد الشهود، فان من تم استجوابهم وهم على علاقة مباشرة بالشخصية المذكورة، وقدموا على انهم زملاء دراسة له، قد وصفوه على انه شخص خجول جدا، انطوائي، وغير عنيف البتة، مما قد يشير، الى ان البغدادي الذي ظهر، قد يكون شخصية حقيقية، لكنه مجرد واجهة للتنظيم، تستخدمه لإخفاء وجوه قادته الحقيقيين.
تذكر الروايات المتعلقة بهذه الشخصية من الشهود المدعين، انه وبحلول عام 2003، إبراهيم عوض كان إرهابي مكتمل الفكر يقطن في غرفة ملحقة بجامع، حيث كان هذا منزله لعدة سنين قادمة، حيث تشير بعض التقارير، الى انه كان يشغل منصب امامي الجامع الغامض أيضا، في الوقت الذي دخلت فيه القوات الامريكية الى العراق عام 2003.
تقارير أخرى، تؤكد بانه كان إرهابيا حتى خلال فترة حكم النظام الدكتاتوري السابق بقيادة صدام حسين، فيما تشير أخرى، الى ان إبراهيم عوض قد تم تجنيده للقاعدة خلال الأربعة أعوام التي حجز خلالها في سجن "بوكة"، والذي يضم عددا من قادة تنظيم القاعدة.
الرواية الرسمية التي صدرت عن الولايات المتحدة، وتحدثت عن شخصية البغدادي غير مؤكدة الوجود او الصفة الحقيقية، تحدثت عن قيامه ومجموعة من أصدقائه بانشاء اول تنظيم لهم، سموه بــ "جماعة جيش اهل السنة والجماعة" عام 2003، حيث تولى إدارة اللجنة الشرعية للتنظيم المذكور، ثم في عام 2006، انضم تنظيمه الى القاعدة بشكل رسمي، ليمسي جزءا من مجلس شورى المجاهدين في العراق، والذي كان الفرع الرسمي للقاعدة في بلاد الرافدين.
الجماعة الإرهابية، تم تغيير اسمها الى الدولة الإسلامية في ذات العام، وتولى عوض مرة أخرى، قيادة لجنة الشريعة، حيث يعتقد ان هذه هي الفترة التي تم ضمه فيها الى النخبة القائدة لتنظيم القاعدة.
نهوضه وافوله المرة الأولى التي وصل فيها عوض الى الشهرة على المستوى العالمي كإرهابي معروف، كانت حين تولى عام 2010، قيادة تنظيم القاعدة، والذي مثل البذرة الأولى لظهور تنظيم داعش الحالي، بعد محاولته الاندماج مع جبهة النصرة في سوريا.
خلال فترة أشهر من عام 2011، ادعي ان عوض، والذي امسى بعد قيادته التنظيم بأبو بكر البغدادي، قد خطط شخصيا لــ 23 هجوما على بغداد ومناطق جنوبها، حيث عرف عنه شخصيا، تفضيل الهجمات الانتحارية، فلم يستغرق اكثر من عام، كي يضم الى قائمة اشد المطلوبين للولايات المتحدة.
حتى هذه الفترة، لم يكن يعرف من هو القائد الفعلي لتنظيم داعش، او ان كان البغدادي هو ذاته من يزعم ان يكون، والمعرف بابراهيم عوض، حتى جاء بيان للبيت الأبيض الأمريكي، يسمي فيه "أبو دعاء"، او "أبو بكر البغدادي"، بقائد التنظيم الأعلى رتبة، واضعة جائزة مالية على راسه.
بعد الإعلان الأمريكي، بدا البغدادي يعلن مسؤوليته الشخصية عن غالبية العمليات الإرهابية التي تجري في العراق، وتستهدف المواطنين العزل والعسكريين ومؤسسات الدولة، ومنها الهجوم على سجن أبو غريب عام 2013، والهجوم على وزارة العدل، وبضعة هجمات أخرى.
خلال هذه الفترة بعد الإعلان الأمريكي ايضا، أصبح للتنظيم سمعة عالمية كبيرة جدا، نمت عبر الوحشية الكبيرة التي مارسها أعضاء التنظيم في انتهاج عمليات إبادة جماعية عبر الشرق الأوسط، الامر الذي ساعدهم في النهاية على خلق الدعاية الكفيلة باجتذاب المتطوعين، الذين سهلوا في النهاية، خلق داعش التي سيطرت على مدن رئيسية في العراق وسوريا بعد بضعة أشهر.
اما على صعيد الحياة الشخصية، فللبغدادي ثلاث زوجات، وبضعة أبناء، حسب ما يشاع، فيما أكد تقرير صدر العام الماضي، انه قد تزوج من مراهقة المانية، انضمت الى التنظيم قبل فترة، في الوقت الذي ادعت فيه امراة تدعى "سجى الدليمي"، بانها الزوجة السابقة لقائد التنظيم، مؤكدة بانها وطوال سبع سنوات، ظنت بان زوجها أستاذ جامعي، قبل ان تكتشف انه احد كبار الإرهابيين في العالم.
بالكشف عن التفاصيل الشخصية لهذه الزيجة التي وصفتها الدليمي بانها سطحية وغير سعيدة، بينت بان للبغدادي شخصية غامضة جدا، لم تجرؤا معها على ان تناقشه في أي امر، او تعرف عنه ما يكفي.
انا لم احبه مطلقا، متحدثة الى احدى الصحف السويدية، مضيفة "طبيعة شخصيته جعلت من المستحيل علي ان أقيم محادثة طبيعية معه، كل ما تحدثنا عنه، كانت الأوامر التي يعطيها الي بإحضار الأشياء والقيام بالأمور".
الدليمي اكدت أيضا، بان البغدادي كان يختفي لايام، قبل ان يظهر من جديد، حيث كانت تشك في كونه منتمي الى منظمات سورية، واصفة إياه، بانه "رجل عائلة طبيعي"، عادة تحوله الى امير أكبر التنظيمات الإرهابية في التاريخ، لغزا من الغاز العالم.
اما عن الطريقة التي تم عبرها الزواج، فالدليمي اكدت، بان زوجها الأول كان قد قتل في العراق لانتمائه الى احدى تنظيمات المقاومة "الإرهابية"، حيث اتى عمها الى والدها يبلغه بوجود عريس محتمل يبحث عن ارملة، ليتم الزواج، وتنتقل الدليمي برفقة ابنيها التؤام، الى العيش مع البغدادي وزوجته الأولى واطفالها، حيث وصفت التجربة بالصعبة، لضيق المكان وصعوبة العيش معا.
اطفالها الاثنين، كانوا ينظرون الى البغدادي كقدوة، قبل ان تلوذ بالفرار معهم منه وهي حامل بابنتهما "هاجر"، حيث ادعت ان المرة الأخيرة التي تحدثت فيها مع زوجها السابق، كانت في عام 2009، حين طلب منها العودة ورفضت.
في النهاية، فان كل الأدلة على وجود البغدادي، مبهمة، وغير دقيقة التواريخ والاسماء، في الوقت الذي يتم التعامل مع الشهود على وجود هذه الشخصية الوهمية، بشكل شبه سري ومثير للقلق، خصوصا، وان قائد التنظيم المقنع، لم يظهر الا مرة واحدة علنا، وله صورتين فقط على الاعلام اجمع، في الوقت الذي تمسي الأدلة على عدم وجوده، او انه قد قتل واستبدل بمنتحل شخصية اخر، اكثر قوة مع مرور الوقت. المصادر: Daily Mail Associated Press US Intelligence report on ISIS leader