إمام داعش يلقن اطفال الايزيدية الصلاة 7 مرات في اليوم !
في خيمة مكتظة بالأطفال والنساء والرجال، غالبيتهم نجت من قبضة داعش مؤخرا، كان سالم الاكثر قوة في سرد الاحداث التي مرت به وعائلته . بنشاط يتنقل من موقع الى اخر ليؤشر الى ما تعرض له واقرانه الاطفال من ممارسات تنافى كل القيم الانسانية . يضحك سالم وهو يقول ” كانوا مجانين، فقط يعلموننا الصلاة ونحن نقلدهم ونضحك عليهم بعدها ثم نتلقى الضرب بالعصي والرفس عقابا”. كان صوته الرخيم وحركاته الطفولية ، ولهفته للحديث عما شاهده وتعرض له اثناء سقوطه في قبضة داعش لحوالي ثلاثة اشهر في احدى المدارس التي اختصت بتلقين مئات الاطفال الايزيدية دروسا اسلامية و تدريبهم على الصلاة فجرا ، واصفا الامر ( كانت كل حياتنا صلاة – هل يعقل ان تصلي خمس مرات، احيانا ست او سبع مرات ، صلاة صلاة صلاة ولاشيء غير الصلاة ) واياك ان تعترض.
يمضي سالم الان لكي ينقل المشاهد التي رأها منذ اعتقال عائلته في الثالث من شهر آب 2014 ونقلهم من سنجار الى تلعفر ومن ثم منها الى مركز قضاء البعاج (35 كم جنوب سنجار ) ليمضوا ستة ايام هناك مع مجاميع كبيرة من النساء و الرجال والاطفال بعضهم من منطقته واخرون يتعرف عليهم لاول مرة كانت ( داعش ) قد نقلتهم الى هناك بعد “غزوتها” لسنجار .
المحطات الكثيرة التي تنقل بينها سالم من سنجار – تلعفر – الموصل – القيارة – ثم مجددا الموصل – تلعفر – الى ان استطاع الهرب مع افراد عائلته المكونة من 7 اشخاص قضوا اربعة ايام تمشي ليلا وتتوقف نهارا ، حتى تمكنوا من الوصول الى مشارف جبل سنجار بعد ان امضوا خمسة اشهر هناك تعرضوا خلالها الى كثير من المآسي وشاهدوا تعرض النساء والاطفال الى الاعتداءات والضرب في كل منطقة يتم نقلهم اليها، لكن الامر المهم هو ان سالم لايزال يتذكر الكثير من المشاهد والمواقف التي تعرض لها اثناء تواجده في احدى مدارس تلعفر لاكثر من شهرين عندما ادخلوه اليها جبرا مع شقيقه الاكبر ذي الـ 15 عاما لكي يتعلم مع حوالي 150 طفلا اخرين تعاليم الدين الاسلامي وفقا لمنهج ( داعش ) بحسب سالم، الذي كان واحدا منهم .
“الصلاة الاجبارية خلف امام نتن الرائحة” يقول سالم ” كانوا يأخذوننا منذ الصباح الباكر للمدرسة حتى نصلى جماعة خلف رجل دين اخرق كان قذرا وملابسة وسخة جدا وتفوح منه رائحة لا انساها ، كان علينا بعد الصلاة ان نستمع الى احاديثه عن الاسلام وقصص لم نكن نفهم عنها شيئا، نتركه يتحدث لساعات ولا احد منا يتكلم او يرد عليه نبقى صامتين، وهو امر كان يزعجه كثيرا و يجعله غاضبا منا ”
سالم كان في الثالثة عشرة من العمر عندما القي القبض عليه مع 6 من افراد عائلته ، ابعد عنهم لفترة شهرين ونصف لانه ادخل للمدرسة، يصف بعضا من المواقف هناك ” كنت كلما اقوم بالصلاة اردد مع نفسي اولا (( يا طاووس ملك اعذرني – طاووس ملك في الميثولوجيا الايزيدية هو ملك الملائكة )) ثم اتلو بعدها الصلاة ولأنني كنت شقيا 3 اطفال اخرين – وسام وخلف وسيبان كنا دائما نحاول عدم تنفيذ ما يطلبه منا الملا، ولانه كان يهددنا بارسالنا الى معسكرات اخرى للتدريب بعيدا عن تلعفر كننا ننصاع اليه، لكن كثيرا ما كان يعذب المخالفين وكنا نتجمع عليه نرجوه ليتوقف عن ضرب الاطفال ليقوم بقيد ايدهم وابقائهم في الساحة معرضين لشمس شهر آب طيلة النهار او يقطع عنه الطعام الذي كان بالاصل ردئيا وقليلا”
وسط عائلته لم يكن سالم يشعر بأي حرج بأنه كان يتلو القرآن، ويضحك ليقول ” والله كنا نتعب من كثرة تلاوة القرآن و اقامة الصلاة، في الصباح الباكر صلاة، ثم صلاة الظهر وصلاة ما اعرف شو اسمو وصلاة كنت اشمئز واقول للملا ألا يوجد لديكم شيء اخر غير الصلاة، فكنت اتلقى العقاب على كلامي دائما، لأكثر من مرة ضربني على قفاي بعصى رفيع كان يوجع كثيرا، لأكثر من مرة هددني بالقتل اذا لم اتوقف على تأجيج الاطفال ضده، كنا نضحك عليه بعد كل صلاة او حديث فيخرج مشمئزا من القاعة ليأتي رجل اخر من حراس المدرسة الى القاعدة ويضربنا ويشتمنا واحيانا كان الصمت وعدم تلبية طلباته سلاحنا ضده”. “عقاب تاركي الصلاة الوقوف في شمس الصيف طيلة اليوم” من الممارسات المؤثرة الكبيرة التي لاينساها سالم هي ان ” الملا واخرين كانوا يعذبون الكثير من الاطفال يوميا ولأننا كنا نقف مكتوفي الايدي لم يكن امامنا غير البكاء احيانا حتى يتوقفوا، كانوا مجرمين ويعذبون الاطفال ، بعض الصغار لم يكونوا ينفذون ما يطلب منهم فيتعرضون للسب والشتم والاهانة ، أمضينا حوالي 40 يوما في تلك المدرسة وكأنه الجحيم بحد ذاته”
ويستمر سالم بالقول ” اثناء تعليمنا القرآن والصلاة كانوا يستهزئون بديننا وكانوا يتلقون ردا عنيفا منا جميعا، فيتعجب الملا ليقول منذ شهر وتتلون القرآن ، لماذا تستمرون بالتمسك بديانتكم، انها لاشيء تذكروا ان الاسلام هو افضل الاديان ويجب ان لاتنسوا ان ما تتعرضون بسبب كونكم ايزيدية، كنا نصمت فكان يتعصب كثيرا، او احيانا لم يكن يتلق سوى الضحك والهوسات ليقوم بأدخال رجال ملثمين يقومون بضربنا بالعصي والرفسات وتفريقنا كأننا خراف “.
ما رأيته من الملا كان شيئا وحشيا يقول سالم بعد ان امضينا حوال شهر على هذه الشاكلة يأخذوننا صباحا ويعيدوننا بعد الظهر الى عوائلنا لنرى انهم في حالة يرثى لها، كنا نفكر بكيفية التخلص من الصلاة، وبعد ان كنا نسمع الملا احينا ونعترض عليه احيانا اخرى كان دائما يحسب لنا حساب نحن الاشقياء . ولأني كنت املك صوتا قويا طلب مني ان اتلو الصلاة بدلا منه ، خفت في البداية وبعدما هددني بالتعذيب قمت بذلك اعجبه صوتي فكان يشدد على ان اقوم انا بتلاوة القرآن فكنت اضحك مع نفسي عليه احيانا وأقلد حركاته وكنت اعتقد اذا ما قمت بالدعوة للصلاة بدلا عنه سأتخلص من بعض الواجبات الا ان الامر لم يكن كذلك”
يضيف سالم ” استمر الحال لاكثر من اسبوعين كنت اقوم بتلقين الاطفال كيف يتلون القرآن ، وكان الملا قد اعجبه صوتي فرأيت ان ذلك ستجلب لي المشاكل فقمت بالتهرب منذ ذلك الامر تدريجيا، لكن توقف سالم ليقول ، ولكن ولله لازلت ايزيديا، ولن ادخل الاسلام ولن اقبل به دينا ، لأن ما رأيته من الملا كان شيئا وحشيا حقا، بدا الحزن على وجهه ليقول “اعرف ان تعليم الدين الاسلامي لنا اساءة ولكن لأنني كنت اطلب العفو من ( طاووسي ملك ) قبل كل صلاة اعرف انني لازلت ايزيديا “.
وبحسب سالم انه قد جرى نقل العديد من الاطفال الذين كانوا يعترضون على مطالب الملا ، مشيرا الى ان اسمه ( ملا محمد في الاربعينات من العمر ) الى اماكن مجهولة، وكثيرا ما كان ينقل البعض الى غرف ويسد عليها الابواب لساعات لم نكن نعرف ما الذي يحدث لهم وعندما يخرجون لم يكونوا يلتحقون بالمدرسة مجددا. “لم ننس اهانات واساءات الملا ضد الايزيدية” سالم توقف عن الحديث لليقول ” ولله لا استطيع ان اقول لك كل شيء لم يكن تعليما دينيا كان سجنا ولم تكن مدرسة كان معسكرا. فصور الرجال الملتحين والوسخين لاتفارق مخيلتي الى الان اتذكر احيانا مشاهد التعذيب لاصدقائي، الذين انقطعت علاقاتي بهم بعد ان توقفت المدرسة لان ملا محمد لم يستطيع السيطرة علينا وتوقف ولان الكثير منهم تفرقوا في اماكن اخرى ”
وبعد شهرين من المدرسة يقول سالم ” نسينا كل شيء بعدها لأنهم في كل اسبوعين او ثلاثة كانونا ينقلوننا من منطقة الى اخرى مع عوائلنا ولكن لم ننس اهانات واساءات الملا ضد الايزيدية ولو حدث والتقيت به ثانية سأعرف كيف انقض عليه “.
ويوجد بين الناجين من الايزيدية الى الان بحسب لجنة المتابعة لشؤونهم اكثر من 200 طفل من الذين تقل اعمارهم عن 14 سنة ضمن الـ ( 900 ) شخص الذين نجوا من قبضة ( داعش ) الى الان . ويشير الباحث النفسي والاجتماعي حميد عمر الذي يعمل مرشدا نفسيا في احدى مشاريع منظمة وارفين لقضايا المرأة في مخيم خانكي غرب دهوك 25 كم التي فتحت مشروع لتقديم النصائح والارشادات النفسية للنساء والاطفال الناجين من داعش ضمن مشروع التأهيل النفسي والاجتماعي الى ان ” لا احد يعمل برامج مباشرة على هؤلاء الاطفال الى الان واعتقد انهم بحاجة ماسة الى تأهيل خاص حتى يتجاوزا تلك المحنة التي مروا بها”
ويضيف حميد ” ان النساء وبعض الرجال ياتون الينا لتقديم الارشاد النفسي لهم ولكن لم يراجعنا اطفال، واعتقد ان هناك كثيرين منهم مروا بتجربة سالم وبحاجة لكي ينسوا ما تعرضوا له، خاصة ان المجتمع بات يتقبلهم ويحتضنهم حتى ينسوا ما تعرضوا له “.
واضاف حميد “كل يوم تردنا الاخبار بان هناك اطفال نجوا ولكن لا توجد برامج تأهيل نفسي واجتماعي تستهدفهم مباشرة الى الان في هذا المخيم على الاقل”. المصدر: wanaltaqy