يلغمون الأجهزة الإلكترونية وأحزمة التدليك والمجوهرات ومقابض أبواب المنازل
يعمد تنظيم “داعش” إلى “الابتكار” في وسائل التفخيخ التي يستخدمها, من الأجهزة الالكترونية الى المجوهرات, وصولاً إلى نصب مكائد تكبد خصومه والمدنيين خسائر في الأرواح, بعد استعادة مناطق كان يسيطر عليها. وعانت القوات الكردية التي استعادت في الاسابيع الماضية مناطق سيطر عليها التنظيم منذ هجومه في شمال العراق وغربه في يونيو من العام الماضي, من العبوات التي زرعها المتطرفون في المنازل وعلى الطرق. ويقول مروان سيدو حسن, وهو خبير تفكيك عبوات كردي, ان “هؤلاء الناس (عناصر التنظيم) ذوو مخيلة واسعة, وهم مثل الشياطين”. ويعرض حسن, ومقره في بلدة سنوني شمال شرق سنجار, التي استعادتها القوات الكردية أخيراً من التنظيم, صوراً لهذه العبوات على هاتفه الخليوي. ويقول “أنظر الى هذه … عثرنا على هذا الحزام المخصص للتدليك وقد فخخوه بكمية صغيرة من المتفجرات أخفوها بشكل تام وجهزوها لتنفجر ما إن يتم تشغيله”. وتتعدد الأغراض التي يستخدمها التنظيم للتفخيخ وزرع الموت, ومنها تلفاز معد للانفجار ما إن يستخدم جهاز التحكم التابع للعبة “بلاي ستايشن”, وخاتم من الذهب مرمي أرضاً يتسبب بانفجار بمجرد رفعه. واستخدم المتطرفون في بعض المنازل أسلاكاً لتفجير ألغام مزروعة في داخلها, وأسلاكاً أخرى متصلة بمقابض مفخخة لباب المنزل. ويقول درويش موسى علي, وهو خبير متفجرات آخر, “لدينا لائحة من 24 جهازاً مختلفاً استخدموها في هذه المنطقة”. وينتسب مروان ودرويش الى قوات الامن الكردية المعروفة باسم “الاسايش”, وهما الوحيدان المكلفان بتفكيك العبوات الناسفة في كامل منطقة شمال جبل سنجار الممتد على مساحة 60 كيلومتراً عند الحدود مع سورية. وأرسل الخبيران من قاعدتهما في بلدة جلولاء في شرق العراق, الواقعة في اقصى جنوب شرق خط تماس ممتد على قرابة ألف كيلومتر بين القوات الكردية ومقاتلي “داعش” في شمال البلاد. ويقول درويش “خلال 24 يوماً, عثرنا على 410 أجهزة زنتها أكثر من خمسة أطنان, وغالبيتها عبوات ناسفة محلية الصنع”, يزرع معظمها على جوانب الطرق لإعاقة أي محاولة لتقدم القوات. وتلقى مروان ودرويش تدريبا متخصصا على يد وحدة اميركية لتفكيك العبوات الناسفة قبل انسحاب القوات الاميركية من العراق في العام 2011, الا أنهما بالكاد يملكان العتاد اللازم لإنجاز عملهما. ويقول مروان “لا نملك درعا واقياً, ولا أجهزة روبوت, ولا أجهزة تشويش على الشبكات الخليوية. فقط عينانا, خبرتنا, وكماشتان”. ويضع سيدو حسن معظم عدته في حقيبة زرقاء اللون, وإلى جانبها مجموعة من الصواعق والسكاكين وشريط لاصق. ويحتفظ الخبيران بالمواد المتفجرة التي يفككونها في غرفة تخزين رطبة ملاصقة لمتجر بقال, يفصلها عن العالم الخارجي باب حديد جرار كتبت عليه كلمة “خطر” بالانكليزية, وبأحرف صفراء كبيرة. وما زال الخبيران يعثران بشكل متواصل على عبوات ناسفة, وقد يصل عددها في بعض الايام الى 30 عبوة. وفي الميدان, يضطر الخبراء أحياناً الى تفجير العبوات بدلاً من تفكيكها. ويقوم هادي خلف جيرغو, وهو عنصر في قوات البشمركة الكردية, بمساعدة الخبيرين من “الاسايش” في هذه المهمة, فيمد شريطا طويلا موصولا بالعبوة لتفجيرها عن بعد. ويؤدي أحد هذه التفجيرات على طريق غير معبدة, الى انبعاث كتلة من الغبار تجحب مشهد جبل سنجار. وكانت العبوات الناسفة السبب الرئيسي خلف معظم الوفيات في صفوف قوات البشمركة, التي فاق عددها 750 عنصراً, منذ هجوم “داعش” في يونيو من العام الماضي. وتبذل هيئة نزع الالغام الكردية جهودا اضافية لتوعية السكان على التعامل مع العبوات الناسفة, عبر نشر لوحات اعلانية تتضمن ارشادات بشأن ما يجب القيام به لدى الاشتباه بأجسام غريبة, إلا أن الفرق المتخصصة المحدودة العدد, تواجه صعوبات نظرا لاتساع مساحة المنطقة المطلوب منها العمل فيها, وسرعة تبدل الواقع الميداني. المصدر: السياسة الكويتية