دمار رفح.. الاحتلال يُبيد نصف المحافظة التي كانت "آمنة"
العربي الجديد ـ أمجد ياغي
مرّ حوالي شهر على شن الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية على مدينة رفح، وقد عمد إلى تدمير منازل أهالي المدينة والمواقع الأساسية فيها ومعبر رفح، وهو المنفذ الوحيد للغزيين. كما أدت العملية العسكرية إلى تدمير البنى التحتية والمنازل بنسبة 50%، وغيّر الاحتلال معالم الكثير من المناطق التي كانت الأكثر اكتظاظاً وقت العدوان.
تتعرّض محافظة رفح للتدمير منذ السابع من مايو/ أيار الماضي. وبحسب الرصد الأولي للدفاع المدني الذي يوجد بعض أفراد طواقمه على أطراف المناطق من أجل عمليات الإنقاذ والإغاثة، في ظل التأكيد على وجود مدنيين في المناطق الغربية لمدينة رفح لعدم وجود ملاجئ كافية للنازحين، فقد جرى تدمير أهم مراكز المدينة والبلدات على مدى شهر واحد.
تضم محافظة رفح على مساحة قرابة 55 كيلومتراً مربعاً مدينة رفح ومخيم رفح، الذي تمدد على مدار سنوات ما بعد النكبة الفلسطينية حتى أصبح مخيماً كبيراً له فروع مثل مخيم الشابورة ومخيم يبنا والمخيم الكبير، بالإضافة إلى قرى وبلدات تقع في المنطقة الشرقية من مدينة رفح والجانب الشمالي الغربي من المدينة.
وبحسب المعلومات الميدانية لطواقم الدفاع المدني، فإن مناطق بلدة الشوكة الجديدة وحي البرازيل وحي السلام، شرق مدينة رفح، ومخيم يبنا وجنوب حي الشابورة، والمخيم الغربي في حي تل السلطان، وحي التنور، وحي المشروع، ومنطقة تبة زارع، والحي السويدي، والمناطق القريبة من الشريط الحدودي مع مصر بطول 14 كيلومتراً، كلها مناطق منكوبة والدمار فيها تجاوز الـ75% بعدما أعلن الاحتلال الإسرائيلي السيطرة على محور فيلادلفيا بالكامل.
عدد من الموجودين في غرب شمال مدينة رفح على حدود الحي السعودي ومنطقة تل السلطان، يؤكدون وجود غزيين في خيام بسبب امتلاء مناطق عديدة في غرب مدينة خانيونس ودير البلح بالمهجرين، علماً أنهم يدركون مدى خطورة وجودهم هناك. إلا أن عدم وجود ملاجئ يعرضهم للإرهاق الشديد، وخصوصاً أن بينهم أشخاص ذوو إعاقة وكبار في السن.
يوجد محمد مهنا ووالده ووالدته المسنان وزوجته في المنطقة الغربية لمدينة رفح، ويشير إلى أنهم عاجزون عن التحرك. لكن قبل ثلاثة أيام توجهوا لإحضار كمية من البضائع لمساعدة الناس وإطعام الموجودين في المنطقة بعد خروج هيئات المساعدة الإنسانية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن الخدمة في المنطقة، ليصدموا بحجم الدمار في مناطق في مقدمة حي تل السلطان. ولم يتقدموا كثيراً في ظل توغل قوات الاحتلال من مناطق قريبة من المنطقة التي كانت حتى الـ20 من الشهر الماضي ضمن المناطق الآمنة.
يوضح مهنا أن الاحتلال خلال الأسبوع الحالي قصف بشكلٍ عشوائي المنطقة الغربية لمدينة رفح، ودمر العديد من المنازل فيها. ونتيجة تدمير عدد من الشوارع، لم يتمكنوا من الوصول إلى عدد من المتاجر والمخازن التي يرافقهم أصحابها لإحضار الطعام. كما دمّر الاحتلال متاجر لعدد من النازحين من مخيم يبنا القريب على الحدود المصرية. وبذلك، يعيشون الخطر والجوع وسط تدمير مستمر للمحافظة. يقول مهنا لـ"العربي الجديد": "كلما خرجنا في مدينة رفح، وجدنا أن الدمار يزداد بشكلٍ كبير. كان الاحتلال موجوداً مع آلياته العسكرية في منطقة تل زعرب، ويقصف أي جسم يتحرك إلى المنطقة الجنوبية. استشهد شابان كانا معنا في المنطقة، وكانا يعيلان عائلتيهما".
يضيف مهنا: "لا توجد مياه في المنطقة ولا كهرباء ولا إنترنت. نتواصل مع أهلنا في المناطق التي نزحوا إليها بالاعتماد على شرائح هاتفية إلكترونية (خط دولي). رفح خرجت بالكامل عن الخدمة، وما يعيق تحركنا هو أن عملية النزوح قد تهدد ذوينا بالوفاة. وكان قد توفيّ اثنان من أقاربي المسنين نتيجة النزوح، ولا أريد خسارة والديّ وهما من أصحاب الأمراض المزمنة".