تزامنت عودة هجمات تنظيم «داعش» ضد قوات الأمن العراقية، خلال الأيام الماضية، مع اقتراب إعلان حكومة بغداد نتائج مفاوضاتها مع الأميركيين حول جدولة انسحاب قوات "التحالف الدولي" من البلاد، ولا سيما الأميركية منها. وأثار ذلك ريبة كبيرة في أوساط المراقبين العراقيين، وخاصة أن "التحالف" سعى، عبر السفير البريطاني في بغداد، ستيفن هيتش، إلى استغلال هذا التطور للحديث عن الحاجة إلى بقاء قواته، ما استدعى هجوماً لاذعاً من العراقيين كونه يخالف رغبتهم في خروج القوات الأجنبية من البلاد.
وكانت خلايا «داعش» قد شنّت هجومين، الأول الاثنين الماضي واستهدف سرية للجيش العراقي في قرية مطيبيجة بين محافظتَي ديالى وصلاح الدين، وأسفر عن مقتل آمر فوج برتبة عقيد ركن، وأربعة جنود عراقيين وإصابة خمسة آخرين؛ والثاني أول من أمس، واستهدف مقراً للجيش قرب مدينة كركوك في شمال البلاد، وأسفر عن مقتل جندي وجرح اثنين آخرين. وحصل الهجومان على رغم تحرّكات تقوم بها الحكومة والأجهزة الأمنية لتثبيت الأمن والاستقرار في البلاد، ومطاردة التنظيم الإرهابي الذي يحاول، من خلال شنّ هجمات ضد العسكريين العراقيين، إيجاد موطئ قدم له مرة أخرى، طبقاً لمراقبين. وعقب الهجوم بين ديالى وصلاح الدين، أطلق الجيش العراقي حملة أمنية كبرى في المحافظتين.
ويستغرب مراقبون عراقيون تزامن عودة نشاط الخلايا النائمة لـ«داعش»، مع قرب إعلان الحكومة العراقية نتائج محادثات اللجنة العسكرية العليا المشتركة مع الولايات المتحدة، بهدف وضع جدول زمني لإنهاء وجود قوات "التحالف الدولي" في البلاد، بعدما أعلنت حكومة بغداد، أكثر من مرة، انتفاء الحاجة إلى هذه القوات، واكتمال جهوزية القوات الأمنية في مواجهة الإرهاب. وأثار السفير البريطاني جدلاً في الأوساط العراقية، بعد قوله إن الهجوم الذي شنّه «داعش» على قرية مطيبيجة لا يوقف تقدّم العراق، لكنه يذكّر بأن التهديد لا يزال قائماً، ما اعتبره ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي تلميحاً واضحاً إلى رغبة "التحالف" في إبقاء قواته في العراق، الأمر الذي دفعهم إلى شنّ هجوم لاذع على السفير.
وفي هذا الإطار، يؤكد الناطق باسم «قيادة العمليات المشتركة» ورئيس «خلية الإعلام الأمني»، اللواء تحسين الخفاجي، أن «جميع القوات الأمنية تقوم بعمليات نوعية استباقية في مختلف محافظات العراق، ولا سيما التي تتعرّض لهجمات من بقايا داعش الإرهابي»، مبيّناً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «العمليات الحالية تهدف إلى ملاحقة خلايا داعش الذي عاد ينشط في مناطق معقّدة جغرافياً، فيها جبال وأودية وصحراء ومناطق قصيّة. لذا، جاءت العمليات لتطهير تلك المناطق». ويلفت إلى أنّه «ما زالت هناك خلايا لداعش الإرهابي، لكن يقابلها عمل كبير من قواتنا الأمنية لملاحقة ما تبقى من هذه الخلايا»، مضيفاً أن «الأجهزة الأمنية تنفّذ عملية كبيرة في مطاردة داعش، على مستوى الجهد الاستخباري والفني في متابعة الخلايا».
من جانبه، يرى عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، مهدي آمرلي، أن «داعش لا يزال يمثل خطراً وتهديداً للعراق، لكنّ القوات الأمنية والحشد الشعبي لديهما القدرة على مواجهته ومطاردته، وخاصة أن الفترة السابقة شهدت تطوّراً ملحوظاً في الجانب الأمني»، معتبراً أنّ «هجمات داعش الأخيرة هي محاولات بائسة من بقاياه في الصحراء أو الجبال». ويشير، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أنّ «لجنة الأمن والدفاع تتابع عن كثب تلك العمليات الإرهابية، وأيضاً أوصت القيادات الأمنية العليا بالحيطة والحذر منها، في وقت ينعم فيه العراق بالاستقرار»، مستبعداً «وجود أبعاد سياسية خلف الهجمات الإرهابية ضد الجيش العراقي». ويؤكد أنّ «المفاوضات الحكومية مع الجانب الأميركي لسحب قوات التحالف، وفق جداول زمنية محدّدة، سارية ولا عوائق أمامها، حسب التقارير التي تصلنا بشكل دوري»، مضيفاً أنّ «داعش انتهى وأعلن العراق النصر عليه. ولذا، لا نحتاج إلى قوات قتالية أجنبية، وهذا ما أكده رئيس الحكومة خلال زيارته الأخيرة لواشنطن».