في ظروف كثيرة تكون الأرقام التي توردها دراسات وإحصاءات وتقارير اقتصادية بلا أي معنى عند مقارنتها بواقع الحال في البلد أو المنطقة المعنية.
هذا ما ينطبق مثلاً على الإحصاءات الأخيرة التي نشرها جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني عن نسب التضخم وغلاء الأسعار في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة. في ما يتعلق بالضفة والقدس، يبقى صدور إحصاءات في هذه الظروف معقولاً، لكن في زمن المجاعة التي يموت فيها الغزيون من سوء التغذية، تصبح الأرقام والنسب المائوية من دون أي قيمة.
يقول مدير عام الإحصاءات الاقتصادية في جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني محمد قلالوة لـ"العربي الجديد"، إن "تراكم ارتفاع أسعار المستهلك" في قطاع غزة خلال أربعة أشهر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى يناير/ كانون الثاني، وصل إلى 66%، مع تداعيات على الضفة الغربية. ويشير قلالوة إلى أن أكثر من نصف التكوين لأسعار المنتج التي ارتفعت في يناير/ كانون الثاني عن الشهر الذي سبقه بنسبة 5.5%، يتعلق بالصناعة، في ظل ارتفاع كبير لأسعار أصناف الحبوب والقمح في قطاع غزة.
يتركز التراكم في ارتفاع الأسعار في قطاع غزة نتيجة أن ما يتم توريده إلى هناك لا يشكل أكثر من 5% مما يجب أن يتم إدخاله من مستلزمات أساسية في ظل وجود طلب كبير، يقابله نقص كبير في العرض في السوق. أما عن التوقعات للفترة المقبلة، فيقول قلالوة إن مؤشر الأسعار في فلسطين يرتبط بمجموعة من العوامل، أهمها أن فلسطين ترتبط بشكل كبير بارتفاع الأسعار عند الاحتلال، نتيجة عدم وجود عملة محلية وعدم السيطرة على المعابر وعدم التحكم في الاستيراد والتصدير، وبالتالي استمرار العدوان واستمرار عدم توريد السلع الأساسية إلى القطاع بالشكل المطلوب سيزيد ارتفاع الأسعار.
ويتابع قلالوة: "في ظل وجود تحركات في الضفة الغربية للسيطرة على ارتفاع الأسعار، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان، نرى أنه من الممكن السيطرة عليها في الضفة، لكن في غزة الأمور خارجة عن السيطرة بسبب الاحتلال والعدوان".