مع انعدام كل مقومات الحياة المجاعة تضرب شمال قطاع غزة
مع دخول الحرب الإجرامية على قطاع غزة يومها الـ108، بدأت أزمة المجاعة في مناطق شمال القطاع تأخذ منحىً خطيرًا في ظل انعدام الطعام والمواد الغذائية والطحين والدواء وحتى المحروقات. لم يعد لمظاهر الحياة أي أمل، فآلة الإحتلال الإسرائيلي دمرت البيوت والمستشفيات وخزانات المياه والآبار، وجرفت البساتين وقطعت الأشجار وأتلفت كل المحاصيل الزراعية، حيث وُصف شمال قطاع غزة بأنه المنطقة الأكثر انعدامًا للحياة في العالم حسب العديد من المنظمات الإنسانية.
مدن غزة وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمال القطاع تعرضت منذ بداية حرب الإبادة الجماعية لأبشع المجازر، غالبية سكانها نزحوا نحو الجنوب، ومن تبقى منهم على قيد الحياة ونجا من طائرات ومدافع الاحتلال، كان الجوع والبرد والمرض كفيله بالموت.
ويقول صحافيون من القلائل المتبقين هناك إن الناس بدأوا بطحن الذرة وأعلاف حيوانات في سبيل إعداد الخبز. ووفق شهادات من هناك، فإنه حتى المياه الملوثة التي كان يشربها السكان انقطعت. ويتزامن هذا مع تجدد المعارك في شرق مدينة غزة وغربها وفي أطراف مخيم جباليا، وسط قصف مدفعي عنيف يستهدف منازل المدنيين حتى اليوم.
ووسط حالة الدمار الهائلة للبنية التحتية والمدنية والمشافي والجامعات والمساجد، قال عاصم النبيه، عضو لجنة الطوارئ في بلدية غزة، إن الاحتلال تعمّد خلال حربه إبادة الأشجار، مشيراً إلى أن أكثر من 50 ألف شجرة دمرت في شوارع مدينة غزة وحدها. فيما أعلنت بلدية غزة فيضان محطة الصرف الصحي الرئيسية في المدينة وغرق المناطق والمنازل المحيطة بها بسبب تدمير الاحتلال بعض أجزاء من المحطة والمولدات الكهربائية فيها.
وبهذا تكون القوات الإسرائيلية قضت على كل مقومات الحياة في شمال قطاع غزة، وخاصة بعد منعها إدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية.
ورغم هذه الظروف الكارثية، فإن مراكز الإيواء تعج بالحركة والحيوية، ما يؤكد صمود الناس وتشبثهم بأرضهم. وتقول إحدى السيدات: "أخرجونا من منازلنا وأملاكنا، هذه ليست حياة"، مضيفة أنه "لا يوجد طحين ولا دعم ولا شيء يأتينا".
ولا تقتصر معاناة الناس في شمال القطاع على غياب المواد الغذائية، بل الحياة تفتقر إلى أدنى مقومات العيش الكريم، فالناس تقطن خيامًا لا تكاد تحميهم من الأمطار، والأطفال لا ينامون من شدة البرد. ويقول أحد المواطنين الفلسطينيين: "نعيش في البرد والمطر.. لا يوجد نوافذ تحمينا ولا نملك ثيابًا.
أما الأطفال فقد دمرت أحلامهم وسرقت منهم طفولتهم ومستقبلهم، وتقول طفلة تعيش في أحد مراكز الإيواء: "افتقدنا كل ما نحبه، صرنا مجرد أطفال. نعيش حروب وليس لنا طفولة".
ومع تزايد الضربات الجوية والمدفعية على المستشفيات في شمال القطاع وفي محيطها، أصبحت جميعها خارج الخدمة بحسب ما أعلنته وزارة الصحة في غزة اليوم الإثنين (22/1/2024). إلا أن الناس ما زالت تقاوم صعوبة الحياة، وكلها أمل بوقف إطلاق النار وعودتهم إلى حطام ديارهم قريبًا.
وكشفت منظمة الصحة العالمية اليوم أن المستشفيات في شمال القطاع خرجت عن الخدمة، مضيفة أنه لم يعد هناك مستشفيات قادرة على العمل في ظل نقص الوقود والأطقم والإمدادات.
وأوضح ريتشارد بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة للصحفيين عبر رابط فيديو من القدس اليوم أنه: "لم تعد هناك مستشفيات قادرة على العمل في الشمال"، مشيرًا الى أن المستشفى الأهلي كان الأخير.
في موازاة ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة إن مئات الجرحى يفارقون الحياة جراء خروج مستشفيات شمال القطاع عن الخدمة.
وكان التلفزيون الفلسطيني قد أعلن إخلاء مركز جباليا الطبي، وهو آخر مركز يقدم خدمات طبية في شمال قطاع غزة، وذلك وسط استمرار القصف الإسرائيلي.