بعد حوالي ثلاثة أشهر ونصف من حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لم تعد أبسط مقومات الحياة موجودة فيه. إن الغالبية الساحقة من السكان باتوا يعيشون في الخيم وتحت أسقف الأبنية المدمرة، لا طعام ولا ماء ولا دواء، ولا حتى وسائل تدفئة تقيهم برد الشتاء. من نجا من طائرات العدوان الصهيوني الهمجي ومدفعيته، باتت الظروف القاسية كفيلة أن تقتله في أية لحظة وخاصة الأطفال والشيوخ. 

الأطفال هم من يتحملون أشد المعاناة والألم

الحقت الحرب المدمرة على قطاع غزة آثارًا مدمرة بالأطفال، تجازوت كل القيم والمعايير الإنسانية، إذ أدى ازهاق الأرواح وتمزق الأسر الى فقدان الكثير من الأطفال لأمهاتهم وأبائهم وإخوانهم، ومنهم الكثير من الرضعـ إذ بات كثير منهم بحاجة إلى خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي. ومع تلوث المياه أصيب الكثير منهم بالأمراض. 

ومع مواجهة القطاع للنقص الحاد في المواد الغذائية وخاصة الأساسية منهات كالحليب والحفاضات والأدوية المخصصة للأطفال، أصبحت حياة هؤلاء جحيمًا.

بسبب الجوع الأطفال يتحوّلون إلى هياكل عظمية

ذكر تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانية أنّ الجوع " يحول الأطفال في غزة إلى هياكل عظمية". ومع ارتفاع معدلات سوء التغذية، يخشى الخبراء من أن يتعرض جيل كامل لخطر "تأخر النمو"، وفق الصحيفة. 

كذلك، ذكر التقرير أنّ الأطفال يبحثون مثلاً عن "الباذنجان" في الحقول المهجورة، وقد قضى الكثيرون أياماً من دون طعام. ولم يأكل آخرون أكثر من نصف قطعة خبز أو علبة من الفاصوليا، تقاسموها مع العديد من أفراد أسرهم.

ونقل التقرير عن العاملين في المجال الإنساني على الأرض في غزة، أنّ العديد من الأطفال يقضون بانتظام ما يصل إلى ثلاثة أيام من دون تناول الطعام، ومع سوء التغذية"، يخشى الكثيرون أن يكون القطاع على شفا مجاعة، يمكن أن تؤدي عواقبها إلى مقتل عدد أكبر من الأطفال مقارنةً بالقنابل الإسرائيلية.

وتشير الأبحاث إلى أنه من دون إمدادات كافية من الطاقة، في أول 1000 يوم من حياة الطفل، يمكن أن يضعف نمو الطفل، مما يتسبب في أضرار جسدية ومعرفية لا رجعة فيها تُعرف باسم "تأخر النمو".

وفي السياق، أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، أن المئة يوم الماضية كانت بمثابة 100 عام لسكان غزة الذين يتعرضون لعدوان إسرائيلي خلّف أكثر من 24 ألف شهيد، مشيرًا إلى أن معظم هؤلاء السكان بما في ذلك كافة الأطفال، سيحملون الجروح الجسدية والنفسية الناجمة عن الهجمات مدى الحياة.

"إكسترا نيوز": الحرب أدت لضياع كافة حقوق أطفال غزة

في غضون ذلك، رصدت قناة "إكسترا نيوز" فى تقرير لها ضياع حقوق الأطفال فى الحياة والبقاء والطعام والمأوى الآمن والحماية من العنف أثناء الحروب والحفاظ على الأسرة معًا، وهى حقوق من ضمن قائمة طويلة لاتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة التى لم ينفذ منها بند واحد فى غزة، وفى ظل العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وجد أطفال غزة أنفسهم بين مصابين أو يتامى فقدوا عائلات بأكملها.

وبدموع حزينة وصوت مملوء بالألم قالت إحدى الأمهات الفلسطينيات: "حسبى الله ونعم الوكيل فى اليهود الذين تسببوا فى إصابة الأطفال ووصولهم لهذه الحالة الصعبة.. دمروهم".
 
وقالت طفلة مصابة: "أنا كنت مبسوطة بحياتى وبلعب وبجرى والآن فقدت رجلى وصارت حياتى بشعة وحزينة، وأتمنى تركيب طرف صناعى"، وأكدت ممرضة أنها تحاول التخفيف عن هؤلاء الأطفال بقدر المستطاع، لكنهم يعانون معاناة نفسية شديدة ويشعرون بالنقص والآلام الحادة، فضلاً عن عدم توفر الأدوية المسكنة.
 
ولفت التقرير إلى أن الطفلتين "نور معروف وإيمان الخولى" صغيرتان لم تتجاوز أعمارهما العشر سنوات وهما طفلتان من آلاف الأطفال بغزة يعيشون معاناة نفسية وجسدية بصورة مأساوية، فضلاً عن أطفال آخرين وجدوا أنفسهم مجبرين على مواجهة مشاهد الدمار والخراب وتحمل الجوع والبرد فى ظل تواصل دوى الانفجارات بمفردهم وبأجسادهم الضئيلة يبحثون عن ملاذ آمن بعد زوال مخبأهم خلف ظهر أب وكتف أم.