8 شهداء في الضفة أغلبهم في مخيم طولكرم بقصف طائرة مسيّرة
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدافها الدموي لمخيمات اللجوء في شمال الضفة الغربية. وكان الدور هذه المرة على مخيم طولكرم، وذلك عبر قصف بالطائرات المسيّرة أوقع 6 شهداء من مجموعات المقاومة، فيما استشهد فلسطيني جنوب نابلس، وآخر شرقها.
واقتحمت مساء أول أمس الثلاثاء، مدينة ومخيم طولكرم وسط اندلاع مواجهات عنيفة وهو الأمر الذي استمر حتى ساعات منتصف يوم أمس الأربعاء.
وبدأ الاقتحام، عبر قوات كبيرة من الجهة الغربية، مرورا بشارعي السكة ونابلس، وفي محيط دوار إكتابا شرقا. ونشر الاحتلال قناصة على أسطح عدة بنايات في المنطقة، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في سماء المدينة وضواحيها ومخيماتها.
وأعلن مخيم طولكرم والمناطق المحيطة به مناطق عسكرية ومنع التجول فيها، خاصة مربعة حنون والربايعة والبلاونة، فيما تمركزت آلياته على مداخل المخيم، ودفع بجرافتين مجنزرتين إلى المنطقة، وذلك بالتزامن مع اندلاع مواجهات وصفت بـ»العنيفة».
وأعلنت مصادر طبية أن مسيّرة للاحتلال قصفت بصاروخين منزلا في حارة البلاونة في مخيم طولكرم، ما أسفر عن استشهاد ستة مواطنين، وهم:
وأوضحت طواقم الإسعاف أنها تمكنت من نقل إصابتين إحداهما خطيرة بشظايا صاروخ من طائرة مسيّرة في الوجه والصدر والرأس، والثانية لطفل (16 عاما)، بشظية في الوجه.
وأغلقت جرافات مدخل المخيم من جهة شارع المقاطعة بالسواتر الترابية، وجرفت شوارع المخيم وحاراته وأزقته، وأحدثت دمارا كبيرا في البنية التحتية وممتلكات المواطنين، وقامت بتفجير غرفة في حارة البلاونة وسط المخيم.
وفرضت قوات الاحتلال حصارا على مستشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي، واقتحمت ساحة قسم الطوارئ في المستشفى، وفتشت مركبات الإسعاف، واعتقلت أحد المصابين من داخل إحداها. وأفاد شهود عيان بملاحقة مركبة إسعاف كانت تتنقل في مدينة طولكرم وعرقلت عملها ومنعت من التحرك، كما حوصر مستشفى الإسراء التخصصي.
تزامن ذلك، مع حملة اعتقالات واسعة في المخيم، ومداهمة مركز الإسعاف الطبي الذي تتواجد فيه جثامين الشهداء، وعدد من الجرحى، واعتقلت 14 مسعفا وجريحا.
وقال مقاتلو كتائب «شهداء الأقصى» إنهم أوقعوا مجموعة من قوات الاحتلال المتوغلة في «حارة البلاونة» بكمين محكم وأكدوا إصابة وقتل عدد من أفراد المجموعة وإعطاب آلية لجيش الاحتلال بعبوة شديدة الانفجار.
وفي نابلس، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «استشهاد الطفل معتز أنس عيد (16 عاما)، متأثرا بإصابته بالرصاص الحي، مساء الأربعاء، عقب اقتحام قوات الاحتلال قرية بورين، جنوب نابلس.
في قلقيلة، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة عزون شرق قلقيلية شمال الضفة الغربية، وارتقى الشاب أمير عبد الرحمن مجد (30 عاما)، متأثرا بإصابته برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحامها البلدة.
وذكرت مصادر محلية، بأن الشهيد مجد يعمل سائق مركبة عمومية على طريق عزون – قلقيلية، وقد أصيب هو والشاب محمد سويدان الذي كان يرافقه بنفس المركبة.
واعترض جيش الاحتلال مركبة الإسعاف التي كانت تقل الشابين مجد وسويدان، واحتجزتها لأكثر من ساعة، ما أدى لاستشهاد مجد، فيما اعتقل المصاب سويدان.
وفي طوباس، التي تشهد اقتحامات متكررة، أصيب شابان، واعتُقل آخران، خلال مواجهات في قرية تياسير شرق طوباس.
وأفادت مصادر طبية، بأن شابا أصيب بالرصاص الحي في الحوض، وآخر بشظية في الرأس، نُقلا إلى المستشفى لتلقي العلاج، ووُصفت حالتهما بالمستقرة.
وكانت قوات خاصة إسرائيلية «مستعربون» قد تسللت إلى المدينة، وتبعتها مركبات عسكرية من المدخل الشرقي، ونشرت القناصة فوق أسطح بعض البنايات، وداهمت أحد المنازل.
وفي الخليل، هدمت قوات الاحتلال، ستة مساكن وحظيرة أغنام في مسافر يطا جنوب الخليل. وقال منسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جنوب الخليل، راتب الجبور إن قوات الاحتلال هدمت بآلياتها الثقيلة ستة
مساكن من الصفيح وحظيرة أغنام، في قرية شعب البطم شرق يطا، تعود للمواطنين إسحق محمود الجبارين، وإبراهيم جبرين الجبارين، وتؤوي ما يقارب 20 شخصا أصبحوا في العراء، بعد هدم مساكنهم.
هدم مساكن
وأضاف أن الهدف من الهدم توسيع ما تسمى مستعمرة «أفيجال» المحاذية للقرية، والمقامة على أراضي المواطنين وممتلكاتهم جنوب الخليل.
وناشد المؤسسات الحقوقية والوطنية والدولية بالتدخل الفوري والعاجل لوضع حد لهذه الممارسات الهمجية التي تهدف إلى ترحيل المواطنين من أراضيهم، ومنعهم من تربية المواشي.
وفي السياق، قررت سلطات الاحتلال، الاستيلاء على نحو 2.5 دونم من أراضي بلدة بيت دجن شرق نابلس.
وأفاد رئيس مجلس قروي بيت دجن توفيق حج محمد، بأن سلطات الاحتلال سلمت قرارا يقضي بالاستيلاء على دونمين و616 مترا مربعا من أراضي بيت دجن، لأغراض شق طريق استعماري جديد، بالقرب من مستعمرة «مخورة» في الأغوار الوسطى.
يُذكر أن سلطات الاحتلال قررت يوم أمس الاستيلاء على دونمين و492 مترا مربعا من أراضي بلدتي حوارة وبورين جنوب نابلس، بذريعة استخدامها لأغراض عسكرية. كما اعتقلت 38 مواطنا من أنحاء متفرقة في الضفة الغربية، أغلبهم من بيت لحم وقلقيلية وطوباس وطولكرم.
وارتفعت حصيلة الاعتقالات بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى أكثر من (3035)، وهذه الحصيلة تشمل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا كرهائن، ومن جرى استدعاؤهم واعتقالهم لاحقا، ومن اعتقلوا بهدف التحقيق الميداني، وجرى الإفراج عنهم لاحقا.
ويداور الاحتلال عملياته العسكرية الدموية بين مخيمات ثلاثة حتى اللحظة وهي مخيم جنين، ومخيم طولكرم ومخيم بلاطة في نابلس.
وبين فترة وأخرى تمتد الهجمات إلى مخيمات في بيت لحم وأريحا والخليل، حيث تشهد تصعيدا احتلاليا يرافقه تنامي عمليات للمقاومة الفلسطينية.
وتشهد المخيمات الثلاثة عمليات تجريف وتدمير البنية التحتية تجاوزت حدود المخيمات إلى ما هو أبعد حيث وصلت لامتداد علاقة المخيمات الثلاثة بالمدن الفلسطينية التي تجاورها وهو أمر يراه مراقبون بإنه يهدف إلى كسر الحاضنة الشعبية للمقاومة وايقاع عقوبات جماعية بحق سكان المدن الثلاث.
مراقبة هدنة غزة
وتشير كافة التقارير إلى أن الضفة الغربية تشهدا انفجارا حقيقيا لكن المخاوف الإسرائيلية والدولية تتحسب من انفجار أكبر تشهده المدن والمخيمات الفلسطينية على إيقاع الهجمات الاحتلالية والجرائم في القطاع.
يأتي ذلك، فيما يراقب عموم الفلسطينيين في الضفة أخبار الهدنة المزمع البدء فيها فجر اليوم الخميس. وقسم كبير منهم، يرى أن العدوان الذي سيتوقف لأربعة أيام في القطاع، لا يشمل الضفة التي تعيش توحشا إسرائيليا متواصلا.
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ورغم إعلان دولة الاحتلال أنها لا تريد أن تحول الضفة إلى جبهة ثالثة إلى جانب قطاع غزة وشمال لبنان، فإن منسوب الهجمات ضد فلسطينيين تضاعف وزادت عمليات القصف بالطائرات التي أسقطت عشرات الشهداء.
وحسب الأكاديمي خالد عودة الله، وهو الباحث في العلوم الاجتماعية وفلسفتها، ومؤسس دائرة سليمان الحلبي للدراسات الاستعمارية والتحرر، فإن المتوقع من سلوك حكومة الاحتلال هو قيادة التصعيد في الضفة الغربية.
وأضاف: «دون تهويل ولا تخويف، إذا ما دخلت الهدنة حيز التنفيذ في غزة ستزيد «إسرائيل» من تصعيدها في الضفة لكي تحافظ على تدفق مستمر لأخبار الدم في مجتمعها، ولكي تخفف من وقع تنازلها عن موقفها السابق بشأن إرجاع الأسرى بالحرب فقط».
وتابع: «علينا أن نتذكر بأن الحرب بدأت في الضفة قبل أن تنتقل إلى غزة، فالضفة ليست ميدانا طارئا للعدوان، وبما أن كل العالم يتحدث عن انهيار المفاهيم والرؤى السياسية في السابع من اكتوبر، فعلى أهل الضفة مراجعة المفهوم الفتاك لإمكانية الحياة الطبيعية وفقاعة البحبوحة تحت رحمة الاحتلال وتقلبات مزاجه».
وشدد على أن ذلك يجب أن يتم من دون أن يعني أن ما نطلق عليه مسمى الضفة هو كل متجانس في علاقته مع الاحتلال سلما وتعاونا وحربا.
وأعاد طرح سؤال كان الباحث عودة الله قد طرحه قبل سنوات وهو: «لماذا تخلو الضفة وقوانين البناء فيها من ملاجئ وغرف محصنة مع أن ذلك ممكن ماديا وإنشائيا؟ من أين جاء هذا الشعور بالأمان الذي تحول اليوم إلى هلع وخوف مبالغ فيه لا بسبب جديته وإنما بسبب اعتياد الطمأنينة وصناعة الحياة الطبيعية؟ لماذا المستوطنة على بعد 100 متر من الحي الفلسطيني تتحضر للمعركة تحصينا وتخطيطا بينما «جارها» المهدد منذ 100 عام إذا جد الجد يخرج رئيس وزرائه يبكي على الهواء!؟».