توسّع استيطاني وتغوّل في الاعتقالات: العدوّ لا ينام عن الضفّة
تتابع قوات العدو الإسرائيلي حملة «كاسر الأمواج» في الضفة الغربية، والتي كانت قد أطلقتها في الأشهر الأولى من العام الحالي، لوقف سيْل العمليات الفدائية التي يخرج منفّذوها من الضفة، بالإضافة إلى تزايد حالات مقاومة اقتحامات الاحتلال لمدن الضفة وبلداتها، وتوسّعها أخيراً إلى الخليل ونابلس، حيث أُصيب بداية الشهر الحالي ضابط إسرائيلي. في الموازاة، تتابع المجموعات المتطرّفة مشاريع «التوسّع الإحلالي»، حيث أُنشئت 7 بؤر استيطانية جديدة في نقاط مختلفة في الضفة
انسحبت قوات العدو الإسرائيلي، صباح أمس، من مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية المحتلة، بعدما اعتقلت 3 أشخاص، من بينهم القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، الشيخ عبد الحليم عزّ الدين، من منزله في حيّ الزهراء. واقتحم جنود الاحتلال، بعشرات الآليات العسكرية، المدينة من عدّة مداخل، وحاصروا بعض أحيائها، قبل أن يداهموا عدداً من المنازل، وينفّذوا عمليات تفتيش فيها، حيث ادّعوا العثور على أسلحة وذخائر. وفي باقي مدن الضفة وبلداتها، اعتقلت قوات العدو 9 فلسطينيين، إثر حملة مداهمات وتفتيشات أدّت إلى اندلاع مواجهات مع الشبّان المقاومين، في بعض المناطق. وأفاد «نادي الأسير» الفلسطيني بأن جيش الاحتلال حوّل المعتقلين إلى التحقيق لدى الأجهزة الأمنية، بحجّة المشاركة في أعمال مقاومة شعبية ضدّ المستوطنين وجنود العدو. ولفت «النادي» إلى أن من بين المعتقلين: الأسير المحرّر فادي حمد من بيرزيت، والأسير المحرّر عبد الباسط معطان من البيرة، ولؤي وعباس أبو عليا من المغير في قضاء رام الله، وكرم ماهر من حوارة في قضاء نابلس، وناصر وعبد العطعوط من اليامون في جنين.
وبالإضافة إلى ما سبق، تداولت وسائل الإعلام العبرية خبر اعتقال الفلسطيني علام الراعي (42 عاماً)، وهو أحد قادة «كتائب شهداء الأقصى» الناشطين في مدينة نابلس. وزعمت تلك الوسائل أن الراعي شارك أخيراً في عمليات إطلاق نار باتجاه المستوطنين وقوات الاحتلال خلال اقتحامها نابلس، وعلى هذه الخلفية جرى اعتقاله، ولكن التحقيق معه كشف أنه «كان جزءاً من الخلية التي نفّذت الهجوم في17 تموز 2006، حيث قُتل الرقيب الإسرائيلي أوشر دمري، في حيّ القصبة في نابلس». ونقل موقع «واللا» العبري، عن بيان مشترك لمخابرات العدو وشرطته، أن «الراعي جُنّد عن طريق (مقاومين) من قطاع غزّة، للقيام بعمليات عسكرية في الضفة الغربية، كما جنَّد آخرين، وتسلّم أموالاً لهذه الغاية» على حدّ زعمها. وأشار الموقع إلى أن المقاوم الفلسطيني «أعطى خلال شهر نيسان من العام الجاري، موافقته على عمليتَي إطلاق نار على قوات الجيش والمستوطنين في منطقة قبر يوسف». وذكر بيان سلطات الاحتلال أن «لائحة اتهام خطيرة ستقدَّم اليوم ضدّ الراعي، بزعم ارتكاب عدد كبير من المخالفات الأمنية الخطيرة، بما في ذلك مقتل الجندي آشر دماري». ويُعدّ الراعي أحد مقاومي نابلس القدامى، الذين استمروا في المقاومة على رغم الاتفاق الذي أُبرم بينه وبين السلطة في عام 2008، والذي قضى بتسليم سلاحه هو و21 عنصراً من «كتائب الأقصى» في نابلس، مقابل احتجازهم داخل سجن جنيد الذي فرّوا منه في ما بعد.
تمكّنت الحملة الاستيطانية من إقامة 7 بؤر جديدة، وبدأ البناء بمجموعة خيام
وقبل يومين، اعتقل جيش الاحتلال، الأسير المحرّر والقيادي في حركة «حماس»، نايف الرجّوب، من منزله في مدينة دورا جنوبي غربي الخليل، خلال حملات دهم ليلية في محافظتي الخليل وبيت لحم، جنوبي الضفة الغربية. وقال محمد، نجل الرجّوب، لوسائل الإعلام، إن «قوّة إسرائيلية حاصرت منزل والده فجراً، ثمّ اقتحمته واقتادت الوالد، من دون أن تفسّر سبب الاعتقال». وبعد ساعات من الاحتجاز، أفرجت سلطات العدو عن الرجّوب، من دون توضيح أسباب اعتقاله. ونايف هو شقيق جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، وسبق أن انتخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة «حماس»، كما شغل منصب وزير الأوقاف سابقاً.
توسّع استيطاني
في موازاة ذلك، شارك، أول من أمس، مئات من المستوطنين المتطرّفين في الحملة التي قادتها منظّمة «نحالاه» الاستيطانية، بزعامة دانييلا فايس، ومباركة حاخامات «الصهيونية الدينية»، وفي مقدّمتهم الحاخام حاييم دروكمان؛ لبناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية في المناطق المصنَّفة «C». وقد تمكّنت الحملة في يومها الأوّل من إقامة 7 بؤر استيطانية جديدة، على أن يبدأ البناء بمجموعة خيام، ثم يتطوّر بعد ذلك، لتصبح المستوطنات الجديدة شبيهة بمستوطنة أفيتار المعروفة على جبل صبيح. وتمّت عمليات التشييد الأولى برعاية وحماية جيش العدو وشرطته، وجرى إسكان بعض عائلات مستوطني «فتيان التلال» في الخيام الجديدة، لتبدأ بالتمدّد لاحقاً. ومع أن يائير لابيد، رئيس الحكومة المستقيلة، لطالما زعم «رفضه» التوسّع الاستيطاني، إلا أنه وقف متفرّجاً اليوم أمام خطوة التوسّع هذه، بسبب عدم قدرته على الدخول في مواجهة مع الجماعات الاستيطانية المتطرّفة، حيث يعدّ هؤلاء كتلة انتخابية كبيرة وصلبة، ما قد يضرّ حلفاءه مثل حزب «يمينا»، ووزير الأمن بني غانتس، وعضو «الكنيست» جدعون ساعر. كما يُشار إلى أن الخطوة الاستيطانية تلك أتت بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للأراضي المحتلة، ومن المعلوم أن إدارة بايدن الديموقراطية تدّعي معارضتها إقامة المستوطنات، وهي تدعو حكومة العدو دائماً إلى وقفها، لكنها لا تفعل شيئاً، ولا يُنقص ذلك من دعمها المطلق للعدو، كما أكّد بايدن خلال زيارته.
وأفادت منظّمة «نحالاه» الاستيطانية بأنه «تمّ حتى الآن الوجود في مواقع 6 بؤر استيطانية جديدة على الأرض، 2 في منطقة كريات أربع، وبؤرة في بساغوت، وبؤرة في غوش تلمونيم، وبؤرة في ريفافا، وبؤرة في منطقة برقين». وقالت زعيمة المنظّمة، دانييلا فايس: «بعون الله، سجّلوا اليوم، لقد وُلدت مستوطنة جديدة في الضفّة، هكذا بدأنا كدوميم، وألون موريه، وعوفرا، ومعاليه أدوميم، وكفار أدوميم – في البداية هو بيان، ثم يتمّ ترجمته إلى لغة الفعل – ما نفعله قانوني، والشيء غير القانوني هو تسليم الأرض للعدو».