(..تستخدم التنظيمات الإرهابية وسائل مختلفة في استقطاب وتجنيد الشباب والفتيات والأطفال تحت مسمى “أشبال الخلافة”، ويعتمد تنظيم داعش على استخدام عناصره المنتشرة في بلدان عديدة لتجنيد العديد من المقاتلين والمنتمين لصفوفه، والعمل على تدريبهم ومن ثم دفعهم للعديد من العمليات الإرهابية.وأكد خبراء تابعون للأمم المتحدة إن تنظيم داعش يستخدم وسطاء ومجندِين لاستقطاب عناصر جديدة لصفوف التنظيم، وأن هؤلاء المجندين يحصلون على الأموال مقابل قيامهم باستقطاب الأجانب للانضمام إلى صفوف المقاتلين في سوريا والعراق، حيث يدفع التنظيم حوالي 11  ألف دولار مقابل استقطاب أحدهم لمقاتل واحد…)

وقالت مسئولة الأمم المتحدة، إن الشخص الذي يقوم باستقطاب الأفراد يتقاضى ما بين ألفين إلى عشرة آلاف دولار، بناء على مواصفات الشخص الذي يتم استقطابه، فإذا كان الشخص على قدر عال من التعليم والثقافة كأن يكون طبيباً أو مهندساً في مجال الإليكترونيات، فيتم دفع مبلغ أعلى للشخص الذي قام باستقطابه. وأضافت أن التنظيم يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في استقطاب المزيد من الشباب، وذكرت أن “بلجيكا” تٌعد من أكثر الدول الأوروبية التي تم استقطاب شباب منها.

دراسة مرصد الأزهر

فيما كشف مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في دراسة أعدها مسبقا عن  إسهام بعض المواقع في استقطاب الشباب مثل موقع ask.fm الذي يستخدمه المتطرفون للرد على أسئلة تهدف تجنيد الشباب وبث الأفكار المتطرفة إليهم بعدة لغات عن طريق رسم صورة مثالية للتنظيم.

وأوضحت الدراسة أن تنظيم داعش يقوم بتصميم ألعاب فيديو تحاول من خلالها غرس مفاهيم الجهاد والحرب في عقول الشباب والأطفال، كما تعمل التنظيمات الإرهابية على استغلال بعض الأحداث لتوقظ غضباً داخل الشباب في المجتمعات والأوساط المختلفة بهدف إثارة النزاعات وهو ما يصب في صالح الفكر الإرهابي المتطرف.

وسائل الإعلام

تلعب وسائل الإعلام  دواًر مهمًا في تنمية الأفكار وتوجيهها في مسارات محددة؛ وبحسب الخبراء فإن سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مساحات شاسعة فى سوريا والعراق واستقطابه لعشرات الآلاف من المقاتلين يعود إلى استخدامه آلة إعلامية ضخمة يواجه بها خصومه ويحشد أنصاره؛ مؤكدين أن قوة الجهاز الإعلامي لـ داعش لا مثيل لها، مقارنة بأي تنظيمات مشابهة، و يرصد مبالغ طائلة لتمويل بعض القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية والوسائل الإلكترونية والمجلات للترويج لأفكاره حول العالم، وبالتالي يخوض حربه الإعلامية بدرجة عالية من الاحتراف.

وأشارت الدراسة إلى أن التنظيم يستغل بمهارة فائقة عبر ما يعتبره “وزارة –إعلامه” كل أنواع وسائل الإعلام التقليدية وغير التقليدية – وجميع أنماط الأدوات والبرامج الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة، لإعداد ونشر أيديولوجياته وتحقيق أهدافه الفكرية والسياسية والعسكرية في فترة قياسية، مستغلًا الجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية لمن يتلقون رسالته الإعلامية.

المسموع والمرئي

أنشأ التنظيم أذرعا إعلامية، منها “أستوديو أجناد” الذي يتم فيه تسجيل الأناشيد الجهادية والدينية، وقناة “الفرقان” التي تم تأسيسها بدعم من تنظيم القاعدة، إلى جانب مجلة النبأ.

وفي السياق ذاته يستخدم التنظيم قناة “الاعتصام” وهدفها بث المعارك في أرض سوريا والعراق، فضلاً عن قناة “الحياة” التي تجري الحوارات التليفزيونية مع قيادات التنظيم، فضلا عن إذاعة “البيان”، وهي أول إذاعة ينشئها التنظيم، ومقرها في مبنى إذاعة الزهور بالموصل (العراق)، وتتصل بها أبراج للبث في الرقة بسوريا، وتبث نشراتها وبرامجها على الموجة القصيرة لساكني المناطق التي تقبع تحت سيطرة التنظيم في البلدين وعبر الإنترنت.

وقد امتد النشاط الإعلامي لداعش إلى أفغانستان وباكستان، وأعلن إطلاق أول محطة إذاعية خاصة به في منطقة “ننجرهار” الأفغانية ويتم من خلالها بث البيانات والأخبار والأناشيد الجهادية الخاصة به. كما قام بإصدار نشرة باسم “فتح” باللغتين الباشتو والدري في أفغانستان.

المجلات

يصدر التنظيم مجلات ناطقة بلغات مختلفة، منها مجلة “دابق” باللغة الإنجليزية و”دار الإسلام” باللغة الفرنسية و”القسطنطينية” باللغة التركية. وتعنى هذه الإصدارات مجملها بالحديث عن “إنجازات تنظيم داعش وما قدمه ويقدمه للمسلمين والمشاريع التي يسعى لإقامتها، وتوعية الناس بإقامة شرع الله وبحدود التنظيم في البلاد، وبقضايا الخلافة الإسلامية وأهميتها وأهدافها ودورها في إحقاق الحق، إضافة إلى شرح وتوضيح أسباب وجوب بيعة الناس ضمن حدود داعش وخارجه.

شبكات عنكبوتية

أشهر المواقع التابعة للتنظيم رسميا موقع “وكالة أعماق” الذي ينشر على مدار الساعة أخبار التنظيم السياسية والعسكرية، ويبث تسجيلات مصورة لمعاركه وما يتعلق بها، ورسومات توضح “إنجازاته” الميدانية، هذا بالإضافة إلى مواقع إلكترونية مؤيدة للتنظيم مثل “موقع الفرات”؛ يستخدم بصورة أكبر المواقع التي يطلق عليها “الشبكة المظلمة” أو “الخفية”.

ويرى مرصد الأزهر أن تركيز تنظيم داعش الإرهابي على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يرجع إلى كونها وسيلة متداولة بكثرة، خاصة بين الشباب وصغار السن، الذين يمكن أن ينخدعوا بسهولة، فمن خلاله يقوم هؤلاء المتطرفون بالترويج لأفكارهم لدى الشباب باعتبارهم الأكثر احتكاكًا بالتكنولوجيا، والأكثر سعيًا للتحرر من حالة “الجمود الفكري ” ، مستغلين عدداً من الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

السجون والمساجد

يكون الاستقطاب في السجون هو الأصعب بسبب التواجد الأمني، إلا أن العناصر التي تقوم بعملية التجنيد تستفيد من الشعور بالحنق أو ربما الظلم الذي يتعرض له السجين في تحفيزه إلى أن يكون ناقماً على الدولة أو العالم بأسره، وبالتالي تسهل عملية تجنيده وتوجيهه، حتى إذا خرج من السجن تحول إلى أداة في أيدي التنظيم.

ويستخدم التنظيم المساجد من خلال بعض ممن يدعون أنهم رجال دين، إذ يقومون بغسل عقول هؤلاء الشباب عن طريق بث مفاهيم خاطئة وأفكار مغلوطة عن الإسلام ومبادئ ممثلة في مفاهيم الجهاد والخلافة والتكفير ودار الإسلام ودار الحرب، محاولين إقناعهم أن مكان وجود داعش هو دار الإسلام وما عداه دار حرب وكذلك عن الجنة التي ستنتظرهم بعد الموت، ومن ثم ترسلهم إلى مناطق النزاع في سوريا والعراق. حيث يلتف الشباب حولهم، ويبدأون بدعوتهم إلى أفكار متطرفة، ويجد التنظيم في الشباب حديثي العهد بالإسلام أو الشباب المسلم غير الملتزم لقمة سائغة.

المدارس والمراكز الدينية

وتشير تقارير حكومية باكستانية إلى وجود ما يزيد عن 11 ألف مدرسة دينية منتشرة حاليًا في أرجاء البلاد، يدرس فيها قرابة 1.5 مليون طالب وطالبة؛ ومن أجل مواجهة الأمر، قامت الحكومة الباكستانية بإغلاق ما يزيد عن ثلاثين مدرسة في أنحاء باكستان خلال السنوات الخمس الأخيرة.

أفراد العائلة

وهذه الطريقة واحدة من أهم الطرق التي يستخدمها التنظيم الإرهابي لاستقطاب الشباب بهدف استخدام أفراد العائلة لتجنيد أقاربهم، ولعل ذلك لأسباب منها سهولة دعوة الشخص إلى التطرف وأن هذا أكثر أماناً وسرية من الوسائل الأخرى التي تتبعها السلطات في أوروبا، بالإضافة إلى الثقة المتبادلة بين أفراد العائلة.

التجنيد بالإكراه والتهديد

يقوم تنظيم داعش بتجنيد الشباب والأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاع للقتال في صفوفه قسرًاً وتحت تهديد السلاح أحياناً. وقد صرح مسئول في الحزب العراقي الكردستاني الديمقراطي أن الأطفال المختطفين تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 12 عاماً، مضيفا أنه قد تم إلحاقهم بالمراكز التعليمية والعسكرية التابعة لداعش من أجل تدريبهم.

فرص العمل

ويعد هذا نوعا من الاستقطاب بعرض مبالغ كبيرة نظير هذا العمل، مما يغري الشباب بالتقدم للالتحاق بصفوف التنظيم ومن ثم يمكن إجباره على حمل السلاح، وهو ما لن يكون بوسعه أن يرفضه، لأنه سيكون تحت سيطرة هذا التنظيم.

التكفيل بالسفر

وقال نبيل نعيم، القيادي المنشق عن الجماعات الإرهابية، إن التجنيد الخاص بالجماعات يأتي في المقام الأول عن طريق المعرفة الخاصة بالعائلة أو الصداقة أو الجيرة، كونها توثق العلاقة، مؤكدًا أن تنظيم داعش الإرهابي سعي منذ نشأته للاستقطاب عن طريق وسائل الإعلام المختلفة خاصة السوشيال ميديا، فيتم عدد من الاختبارات والمراحل المختلفة للتجنيد، ومن ثم إرساله لشخص ما من التنظيم يتكفل بسفره.

وأشار إلى أن وزير الداخلية التونسي، أكد في تصريحات إعلامية عن تمكينهم من إحباط سفر نحو 8 آلاف شخص إلى داعش في سوريا عن طريق ضبط شبكات التواصل الاجتماعي.

وأوضح أن التنظيمات الإرهابية كانت تستقطب رواد المساجد من خلال متابعتهم بشكل دوري ومنتظم، إلى جانب التجنيد بين طلبة الجامعات، مؤكدًا أن الجامعات كانت سببًا في بناء التنظيم السري لجماعة الأخوان كونها تضم أعدادا كبيرة من الطلاب على مختلف المستويات الاجتماعية المختلفة وتعمل على إنشاء المعسكرات والرحلات والتجمعات والخدمات الاجتماعية خاصة في المدن الجامعية التي كانت وكرًا للجماعات.

وتابع نعيم أن التنظيم يؤكد المقولة التي تقول أن سلوك الإنسان وليد فكره، خلال ما يفعله من بث أفكار صدامية بتكفير المجتمع والدولة، الأمر الذي يسهل عليهم التحويل من مرحلة الفكر إلى مرحلة العنف.

ولفت إلى أن كتيبات الجماعات تحتوي على أفكار تكفيرية من الدرجة الأولى خاصة أن بعض الكتب طرحت سؤالا افتراضيا عن مصير أطفال الكفار ونسائهم؟ وكانت الإجابة يجوز تفجيرهم وقتلهم، وهذا يتنافي مع حديث الرسول “ص” (لا تقتلوا صبياً ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً ولا راهباً ولا تقطعوا مُثمراً ولا تخربوا عامراً ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة إلا لمأكل ولا تٌغرقوا نحلاً ولا تحرقوه).

معايير مزدوجة

وفي سياق متصل، أكد سامح عيد، الباحث في الشئون الإسلامية، أن المجتمعات الإسلامية بشكل عام والعربية بشكل خاص مهزومة نفسيًا، وهذه مؤهلات تساعد التنظيمات على تحقيق أغراضها ونشر رسالتها بأن الإسلام هو الحل والعودة إلى الله، وهذا ما شاهدناه في استغلال أزمة كورونا والعمل على نشرها بأنها عقاب إلهي.

وفيما يخص مصر أضاف الباحث في الشئون الإسلامية أن هناك فجوة كبيرة في حالة تجنيد الأشخاص خاصة أن الأجيال المجندة مؤخرا تم تجنيدهم عن طريق السجون واستغلالهم للمظلومية بسبب تواجد مكتب الإرشاد ووجود عدد كبير من القيادات الإخوانية داخل السجون، استغلالهم للأوضاع السياسية والاقتصادية والمعايير العالمية المزدوجة لفكرة  المؤامرة على الإسلام من العالم الغربي، للترويج لأهدافهم.

وأكد أن المسلمين في الغرب يعيشون في حالة من التخوف بسبب الحفاظ على عقائدهم وشعائرهم ومن هنا يدخل التنظيم لترويج الوعظ الديني من خلال المراكز الإسلامية.

وأكد أن هناك شعرة بين العنف الفكري والعنف المادي الحامل للسلاح، ولكن المانع بينهما ربما الفئة العمرية التي لا تقدر على حمل السلاح، ولكن الجميع يعتنق بهذا الفكر ويرحبون بالعمليات التفجيرية وقتل الأبرياء.

وأفاد عيد أن الدعوة الفردية عند الاخوان تؤكد أن الصغير قبل الكبير وغير المنتمي قبل المنتمي وغير المتدين قبل المتدين، لافتًا إلى أن قسم الأشبال من أهم الأقسام وكان يترأسه عصام العريان في مصر بهدف تشكيل الأطفال حسب أهوائهم، وتأصيل الفكر لديهم.

موقع الأهالي المصري-