هل كان كافياً للولايات المتحدة أن تهزم “داعش” في معقله الأخير في الباغوز قبل أن تقتل زعيمه أبو بكر البغدادي لكي تعلن النصر النهائي على المنظمة الإرهابية وترفع نخب هذا الانتصار مع حلفائها؟ إنها ليست اللحظة المناسبة ولا المبررة لإعلان الهزيمة الكاملة للمجموعة القاتلة. فهناك العديد من الهجمات التي شنت منذ وفاة البغدادي والمدفوعة بالتأثير واسع الانتشار لعقدة “داعش”. ثمة حاجة إلى توجيه اهتمام عاجل لتحديد الاستراتيجيات اللازمة للتعرف إلى “الذئاب الوحيدة” المحتملة ونزع تطرفها. ويمكن للأفكار المستوحاة من “داعش” أن تحول الأفراد الضعفاء إلى مخلوقات وحشية جاهزة للموت، وإنما بطبيعة الحال، ليس قبل قتل عدد كبير من الناس الذين يرون أنهم “كفار”. في 29 تشرين الثاني (نوفمبر)، تعرض خمسة أشخاص للطعن حتى الموت في وسط لندن. وكان قد تم إطلاق سراح المهاجم، عثمان خان، من السجن في العام 2018 بعد أن قضى عقوبة بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية. ذكر تقرير الشرطة البريطانية أن “المهاجم كان يحضر مؤتمراً لإعادة تأهيل المجرمين عندما هدد بتفجير ما تبين أنه سترة انتحارية مزيفة، وبدأ في مهاجمة الناس بسكينتين مثبتتين على معصميه، مما أدى إلى مقتل اثنين من المشاركين في المؤتمر بطعنهما في الصدر”. وقد أظهر العديد من الناس شجاعة كبيرة في الاشتباك مع خان قبل فراره من المبنى وظهوره على جسر لندن؛ حيث أطلق عليه ضباط الشرطة النار وأردوه قتيلاً. لسوء الحظ، لن يكون خان الذئب الوحيد الأخير الذي يستلهم عقائد داعش المنشورة عبر وسائل الإعلام التابعة له والمنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من دون أي جهد تبذله منصات الإنترنت العملاقة لمنع نشر المواد التي تدعو إلى الكراهية والغضب اللذين يتخطيان الحدود. ويمكن تجنيد العديد من الأفراد المضطربين والذين يعانون من المشكلات لفصول الرعب المستقبلية. أعلنت وزارة العدل الأميركية في 16 كانون الأول (ديسمبر) أن أحمد خليل الشاذلي، وهو مواطن أميركي يبلغ من العمر 22 عاماً في ويست هيفن، كونيتيكت، قد اتُهم بمحاولة توفير الدعم المادي لـ”داعش”، الذي صنفته الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية. وقد ألقي القبض على الشاذلي أثناء التخطيط للسفر على متن سفينة حاويات والانضمام إلى “داعش” في سورية. على مدار عام كامل، أدلى الشاذلي بتصريحات عديدة شخصياً وعلى الإنترنت حول رغبته في القتل من أطل “داعش” وكراهيته للولايات المتحدة. ونُقل عنه أنه أدلى بالبيان التالي في العلن: “يقولون إن الحرب قد بدأت وأننا نسير لدخولها… لكن كل الأبواب مغلقة. إنني أسأل نفسي، كيف أصل إلى هناك؟ كيف يمكنني أن أساعد المسلمين؟ كيف يمكنني أن أفعل أي شيء”؟ وأضاف: “إن شاء الله! أدعو أن يحترق هذا البلد (الولايات المتحدة) بالطريقة نفسها التي يحرقون بها المسلمين!”. في العام 2014، شكلت 74 دولة وخمس منظمات دولية التحالف العالمي لهزيمة “داعش”، وهو تعاون دولي لم يسبق له مثيل لمكافحة إرهاب “داعش”. بحلول العام 2019، كان التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، قد حرر كل الأراضي في سورياة والعراق التي كان تنظيم “داعش” قد تمكن من السيطرة عليها. ومع ذلك، فإن الحملة ضد المجموعة لم تنته أبداً. وأصبحت المعركة الجديدة في تلك الحرب هي معركة إعادة تأهيل أولئك الذين ضلوا الطريق. وقد بدأت تلك المعركة للتو. كانت دول التحالف منخرطة بعمق في مكافحة حملات التجنيد عبر الإنترنت التي يستخدمها “داعش” وفرض إغلاق مواقعه على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تبادل المعلومات لتجفيف مناطق توالد المقاتلين الأجانب لـ”داعش”. ومع ذلك، هناك حاجة إلى بذل الكثير من الجهود، وعلى وجه الخصوص بعد انسحاب القوات الأمريكية من سورية. فقد خلق خروج هذه القوات فراغاً كبيراً سرعان ما ملأته القوات التركية والروسية والسورية. يدخل التحالف الذي حرر أكثر من 3 ملايين مدني أجبروا على العيش في ظل قواعد “داعش” الهمجية المرحلة التالية من عملية حساسة لحماية الأطفال الذين ولدوا ونشؤوا في بيئة من الخوف والكراهية والعنف، وربما إعادة تأهيلهم، من بين 70.000 من المحتجزين المتصلين سابقاً بتنظيم “داعش” في معسكر الهول في شمال شرق سورية. ويهدف هذا الجهد الجدير بالثناء إلى محاولة إعادة جيل إلى الحياة الطبيعية. وسيكون يكون هذا الجهد مدفوعاً بالكثير من التفاؤل بشأن البشرية وقدرتها على الانتصار على التلقين المدمر والمليء بالكراهية.