أرملة إرهابي بارز في "داعش" تعيش في سلام بعد عودتها لألمانيا
"أميمة.أ" مواطنة ألمانية رحلت إلى سوريا، حيث انضمت لصفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، وتزوجت لاحقاً بإرهابي ألماني بارز. غير أن المرأة نفسها يبدو أنها تعيش الآن حياة هادئة في ألمانيا، حسبما كشفت مراسلة حرب لبنانية.
حال تلقي جنان موسى، مراسلة الحرب المشهورة لدى قناة "الآن" التلفزويونية، لهاتف ذكي بما فيه من محتويات من "مصدر موثوق" علمت على الفور أنها حصلت على كنز دفين.
تقول موسى إن ملكية الهاتف تعود لامرأة ألمانية من أصول تونسية تدعى "أميمة أ" ، وأن الهاتف يحتوي على آلاف الرسائل والصور، بالإضافة إلى أوراق رسمية، توثق رحلة أميمة من ألمانيا إلى أراضي "الدولة الإسلامية"، التي أعلنت عن نفسها بداية عام 2015 .
مشاهد بدون رقابة من الحياة تحت داعش وتقول موسى خلال حديثها لـDW إنها في اللحظة، التي رأت فيها محتوى الهاتف أدركت أنه هناك ثمة نظرة غير خاضعة للرقابة لحياة امرأة داعشية.
أمضت موسى شهورًا في البحث في المحتويات، ونشرت هذا الأسبوع بعض الصور والمستندات وتقول جنان إن محتويات الهاتف "توفر نظرة رائعة على حياة المرأة الشابة داخل تنظيم داعش".
ولدت أميمة أ في صيف عام 1984 شمال مدينة هامبورغ ، ويبدو أنها وقعت في غرام رجل يدعى نادر حضرة وتزوجته. انتقل نادر إلى الأوساط السلفية وكان على علاقة ببعض أبرز المتطرفين الإسلاميين في ألمانيا. وتقول جنان إن أميمة وأولادها الثلاثة تبعوا زوجها إلى سوريا.
مجموعة صور التقطت بداية عام 2015 تظهر انطباعات أولية للحياة في ظل تنظيم داعش: أعلامه السوداء سيئة السمعة تتدلى من أعمدة الإنارة ولقطات من ملصقات الدعاية. وتُظهر صور أخرى أطفالًا صغارًا - عرفتهم موسى بأنهم أولاد أميمه - يلبسون عمائم داعش ويحملون أعلامه ويلعبون بالسلاح. وفي صورة أخرى تعرفت جنان على إمرأة منقبة تقول إنها أميمة، تحمل ما يبدو أنه بندقية كلاشينكوف.
وعلى الرغم من أن مقاتلي داعش كانوا يجتاحون سوريا والعراق، وارتكبوا جرائم أدت إلى قتل وتعذيب واستعباد عدد لا يحصى من الأشخاص، إلا أن بعض محتويات الهاتف الذكي، توثق جانبًا مختلفًا من الحياة في ظل تنظيم داعش مثل الرحلات العائلية إلى محلات العصائر والنهر والعديد من الصور "السيلفي" البهيجة.
كما عثرت موسى على ما أسمته دعاية داعشية على الهاتف: إحدى الصور تظهر إرهابيين ملثمين أمام "الرايخستاغ": مبنى البرلمان الألماني في برلين. وكُتِب أسفل الصورة باللغة الألمانية: "الانتقام سيكون على عتبة داركم".
مجرد ربة منزل حنون؟ بعد مقتل زوجها نادر الحضرة أثناء القتال في كوباني، حصلت أميمة على ما يسمى "بتعويض الشهادة"، وتزوجت مرة أخرى. تشير الصور إلى أنها تعاملت مع أحد الإسلاميين الراديكاليين الأكثر شهرة في ألمانيا ،يدعى دينيس كوسبرت ، مغني الراب، الذي تحول إلى مقاتل في داعش والذي كان يطلق عليه اسم ديزو دوغ. ويعتقد أن كوسبرت قتل في سوريا في مطلع عام 2018، وكان مسجلاً في قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة منذ مطلع عام 2015.
أحد الإسلامويين، والذي انتقل ذات مرة الى نفس الدوائر الراديكالية السلفية في ألمانيا، قال لـ DW إنه سمع باسم أميمة من قبل لكنه لم يقابلها هي وزوجيها قط، بيد أنه يعتقد أنها كانت نشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التابعة لداعش في ألمانيا و سوريا .
تشير موسى أيضًا إلى وجود أدلة تبين أن أميمة كانت تدير حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم "داعش" أثناء وجودها في سوريا..
أدلة من هاتف تُرِك أو فُقِد ليس من الواضح ما إذا كانت أميمة فقدت هاتفها في سوريا أو تركته عن قصد عندما قررت العودة إلى ألمانيا وتقول موسى إنه يحتوي على 36 غيغابايت من المواد، تعود لأواخر عام 2015. ولم يتسنَ لموسى معرفة الوقت، الذي رجعت فيه أميمة إلى هامبورغ بصحبة أولادها، ولكنها تعتقد أنها عادت أواخر عام 2016
جنان موسى أعربت عن دهشتها إزاء نجاة أميمة حتى الآن من الإجراءات الجنائية. ومع ذلك، فإن العديد من أولئك الذين عادوا إلى ألمانيا من سوريا والعراق، بما في ذلك النساء وضعوا تحت المراقبة.
سافرت موسى شخصيا إلى هامبورغ لمواجهة أميمة ومع ذلك تقول إنها تحدثت فقط مع ابنة أميمة القاصر، التي أنكرت زيارة أسرتها لسوريا على الإطلاق. وعندما تحدثت موسى لاحقًا مع أميمة على الهاتف، تم تعليقه مرتين.
وقد حاولت DW أيضا الوصول إلى أميمة، لكنها لم تنجح في ذلك.
يظهر حساب تم حذفه بموقع "لينكد إن"، والذي تقول موسى إنه يعود لأميمة، امرأة عصرية، شعرها مربوط في شكل ذيل حصان، تصف نفسها كمترجمة ومنسقة أحداث. وتقول موسى: "لقد استرجعت حياتها للتو، وعاشت بشكل طبيعي ولم توجه السلطات لها أية اتهامات أو تُلقي القبض عليها قط".
لكن من المحتمل أن تكون السلطات قد عرفت مطلع عام 2015 أن أميمة غادرت إلى سوريا. فوفقاً لصورة من وثيقة رسمية، لم تتمكن DW من التحقق من صحتها، تشير الوثيقة إلى أن المعونات الاجتماعية لأميمة قد ألغيت بسبب مغادرتها إلى الخارج (سوريا).
مبررات إجراءات دعوى جنائية إذا كانت أميمة معروفة بالنسبة للسلطات الألمانية، فلماذا لم يتم القبض عليها؟
وفقًا للقانون الألماني، لا يمكن إصدار أمر اعتقال إلا في حالة وجود شك مُلِحٍ في أن الشخص المعني قد ارتكب بالفعل جريمة.
وحتى وقت قريب، كان رأي المحاكم الألمانية عمومًا هو أن العيش ببساطة في الأراضي التي يسيطر عليها داعش، ليس كافيًا لتبرير الإجراءات الجنائية ضد شخص ما. وبدلاً من ذلك، كان على النيابة العامة أن تثبت أن امرأة مثل أميمة دعمت من خلال نشاط معين التنظيم الإرهابي.
بالنظر إلى أن العديد من النساء اللواتي انضممن إلى داعش، أخذن أدواراً عامة أقل من أزواجهن، و في كثير من الأحيان اقتصرت أعمالهن على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن مشاركتهن النشطة يصعب إثباتها.
دينيس كوسبرت ، أحد الأزواج المفترضين لأميمة، وضع في العديد من مقاطع الفيديو الدعائية لداعش مقاطعا وهو يحمل رأسا مقطوعا.
عند عودتهم إلى ألمانيا، زعم عدد من النساء أنهن تعرضن للإكراه أو الخداع على أيدي أزواجهن ولم يدعمن أيديولوجية إرهابية قط.
في عام 2018 ، رفعت النيابة العامة في ألمانيا 865 دعوى جنائية متعلقة بالإرهاب الإسلاموي. وتشكل النساء نسبة ضئيلة في هذه القضايا، حيث صدرت خمس مذكرات اعتقال فقط ضد العائدات من داعش. وفي حالتين منها فقط، بدأت إجراءات محاكمة جنائية.
"ليست غريبة" إحدى هذه القضايا هي قضية منظورة في ميونيخ بحق جنيفر دبليو، وتمثل علامة فارقة. فتلك المرأة المولودة بألمانيا متهمة باستعباد طفلة إيزيدية كان عمرها 5 سنوات وتركها لتموت من العطش، عندما كانت تعيش في العراق. ويتهم الادعاء العام جنيفر دبليو بارتكاب جرائم حرب وقتل والعضوية في منظمة إرهابية أجنبية.
إذا تبين أن المستندات، التي حصلت عليها جنان موسى، عبر الهاتف الذكي الذي عُثر عليه في سوريا، مستندات أصلية فعلاً، فمن المحتمل أن يقوم مكتب المدعي العام الاتحادي بدراسة دقيقة لقضية أميمة. وتُظهر الصور الموجودة على الهاتف امرأة يبدو أنها تبنت إيديولوجية الخلافة المعلنة ذاتياً، في حين تشير الوثائق المحفوظة بالهاتف أيضًا إلى أن أميمة ربما كانت تجمع التبرعات للجمعيات الإسلامية المتطرفة. .
تواصلت DW مع العديد من الموظفين الرسميين، لكنهم غير راغبين في التعليق بشكل علني على المواد، التي حصلت عليها موسى. وفي حالة وجود أدلة جديدة يمكن اجراء تحقيقات جديدة .وصرح مصدر لـDW أن "أميمة لم تكن غريبة بالنسبة لنا".
وتجدر الإشارة إلى أن DW ملتزمة بالميثاق الإعلامي الألماني، الذي يؤكد على أهمية حماية خصوصية المجرمين المشتبه بهم أو الضحايا والامتناع عن الكشف عن الأسماء الكاملة في مثل هذه الحالات المصدر: قناة الآن