تحول الألعاب إلى المفضل لتجنيد الشبان ودفعهم إلى تنفيذ أعمال عنف وتمكن الجماعات من امتلاك طائرات (إف 16) واستهداف مواقع للجيش الأمريكي لكن افتراضاً.
عند الحديث عن فاعلية مواقع التواصل الاجتماعي، وإطلاق ألعاب إلكترونية تحاكي العمليات الإرهابية لـ"داعش"، وعلى مستوى عال من البرمجة والتصميم التي تخدم التنظيمات الإرهابية في تجنيد الأطفال، على أرض الواقع، لا يجد الباحث إحصائية تبين عدد الأطفال الذين جندهم "داعش" من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية الموصولة بالإنترنت.
وعلى الرغم من علم دول وسلطاتها وأجهزتها الأمنية والمعنية بانخراط أفراد من دولها، وتحمل جنسيتها، في مجموعات جهادية سافرت إلى سوريا والعراق أو ليبيا أو إلى أية دولة يتصف فيها الوضع الأمني بـ"غير المستقر والخطير"؛ أغلبها لم تأت على ذكر الوسيلة أو الأداة المستخدمة التي أسهمت في عملية التجنيد، ولم تفصح عن أعمار المجندين، وإن كان هناك إحصائيات فنقدّر أنها بقيت حبيسة المكاتب.
الخطاب الإعلامي للجهاديين استطاع خلق مناخ من النجاح، غرر به أتباعه ومريديه، بل وسع مساحة التجنيد للمزيد من الشغوفين بنصرة الإسلام.
وبرهن على قدرته على الوفاء بما يعد به الأتباع، وهو ما خلق حالة كبيرة من المصداقية لدى المتابعين للخطاب الجهادي، وأثبت الخطاب الإعلامي للجهاديين درجة عالية من الحرفية في ظل استخدام التقنيات الحديثة والتكنولوجيا، للتدليل على صحة موقفهم وبراعتهم في تقديم رسالتهم الإعلامية.
يرى البعض أن المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق يفتقدون اليوم إلى معرفة حقيقية بالأيديولوجية التنظيم؛ ويعتبرون أن وجودهم في أرض المعركة هو خير شهادة لهم. كما أنهم يبرعون في الإفادة القصوى من قوة مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف المحمولة في إقناع المناصرين لهم بشرعية قضيتهم وأفعالهم.
اللجوء إلى الألعاب الإلكترونية لجأ عناصر تنظيم "داعش" إلى الألعاب الإلكترونية الموصولة بالإنترنت، للتواصل فيما بينهم، باعتبارها أكثر تعقيدا وأقل تعقبا من مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني.
إضافة إلى تحول هذه الألعاب إلى مكان مفضل لـ"داعش" لتجنيد الشبان والتلاعب بعقولهم ودفعهم إلى تنفيذ أعمال عنف في مجتمعاتهم، وتمكن عناصر تنظيم "داعش" من امتلاك طائرات (إف 16) واستهداف مواقع للجيش الأمريكي..
لكن في العالم الافتراضي. فوفقا لتقارير استخباراتية يغزو عناصر التنظيم هذا النوع من الألعاب التي لم يعد ضررها ينحصر في العنف الموجود داخلها فقط، فمع إمكانية أن تكون هذه الألعاب موصولة بالإنترنت، أصبح عناصر التنظيم يلجؤون إليها هربا من التعقب.
حيث ينضم الأعضاء إلى معركة افتراضية ويجرون محادثات مطولة، ويضعون سيناريوهات لما قد يكون هجوما يُجرى التخطيط له، مستفيدين من كون الأجهزة الخادمة لتلك الألعاب موزعة في جميع أنحاء العالم.
ويصعب مراقبتها، على عكس مواقع التواصل الاجتماعي، ومستفيدين أيضا من كون هذه الألعاب –أصلا- قائمة على التفجير والقتل.
الأخطر من ذلك، أن عناصر متفرغين من "داعش" يحاولون على مدار الساعة التواصل مع اللاعبين لمحاولة تجنيدهم، خاصة الأطفال والمراهقين الأكثر تأثرا، لا سيما.
وأن هذا النوع من الألعاب وضع –أصلا- لمن يريدون فعل أشياء لا تمكنهم الحياة الحقيقية من الوصول إليها.
وهنا يكمن جوهر الخطورة، فيأتي "داعش" ليستغل هذه المشاعر ويقدم لهم عرضه السخي، الذي يتيح لهم -كما اللعبة- تنفيذ أعمال القتل والتفجير والاعتداء، لكن في العالم الحقيقي لا الافتراضي، وبمساعدة وإرشاد من أصدقائهم الافتراضيين أيضا في تنظيم "داعش".
اللاعبون الإرهابيون: حالات وألعاب دلائل واقعية تشير إلى أن "الألعاب الفيديوية" التي يستخدمها الأطفال والمراهقون عبر هواتفهم وأجهزتهم اللوحية لا يمكن الاستهانة بها أبداً؛ ولا تقل خطورة عن مواقع التواصل الاجتماعي، لأن "داعش" تمكن عبر هذه الألعاب من "غسل أدمغة" الكثير من الأطفال والمراهقين.
ويؤكد ذلك ما حدث في تونس في الـ26 من يونيو (حزيران) 2015 وهو ما يعرف بهجوم مدينة "سوسة"، الذي راح ضحيته نحو (40) سائحاً مع منفذ العملية "المراهق" والذي تبنّته "داعش" بعد يوم من تنفيذ العملية.
تقول والدة المنفذ: "إن ولدي كان يخشى قتل فأر عندما أطلب منه ذلك، فكيف تمكن من قتل (40) إنساناً؟ من المؤكد أنه تعرض لغسيل دماغ".
ففي سبتمبر (أيلول) عام 2014، أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي عبر منتديات ومواقع التواصل الاجتماعي و«يوتيوب» عن لعبة إلكترونية حملت اسم «صليل الصوارم» تحاكي لعبة «Grand Theft Auto» الشهيرة كما روجت للغرب تحت اسم آخر وهو جهاد سيمولاتور.
وتتيح لمستخدميها تنفيذ عمليات تفجير وقنص واقتحامات.
والأبطال فيها عناصر «داعش»، فيما العدو هم الجيوش العربية وقوات التحالف.
لكن لعبة كصليل الصوارم التي رأيناها على اليوتيوب اعتمدت المونتاجَ في عملها وليس عرضاً للعبة بشكلٍ كامل، وإنما أجزاءٌ ومقتطفات منها تمكّن مبرمِجوها من تسخيرِ مونتاجهم على هواهُم كي يُظهروها بشكل قوي.
"المود" هو عبارة عن نمط تعديل اللعبة الأصلية، بحيث يُسمح للمستخدم تغييرُ شكل اللعبة وخرائطِها وتوفير الأسلحة وذخائرها مع توفير النقود، وإضافة شخصياتٍ جديدة حسب الرغبة".
تبين في حوار أجراه موقع الـ"بي بي سي" البريطاني، مع أبي سمية البريطاني الذي عمل مع تنظيم "داعش" المتطرف في العراق، أنه ذهب إلى الجهاد مع الجماعات المتطرفة رغبة منه في تحقيق اللعبة العالمية "Call of Duty" أو "نداء الواجب".
وأضاف الموقع، أن "أبا سمية البريطاني" غادر المملكة المتحدة عام 2013 للاشتراك في ما يسميه بـ"الحرب المقدسة".
مؤكدًا أنه قال خلال "دردشة" من مقهى قريب من معسكر تدريب للإرهابين بإدلب، شمال غرب سوريا: "ما أعيشه الآن متعة حقًا".
وتفاخر الأب لثلاثة أطفال بالحياة مع تنظيم "داعش"، والذين يسيطرون على أجزاء من سوريا والعراق، وأن الحرب في سوريا والعراق أفضل بكثير من لعبة "Call of Duty".
وفي دراسة لحملة «السكينة للحوار» (التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد) في المملكة العربية السعودية حول هذه الظاهرة، وجدت أن التنظيم يحاول الاتصال باللاعبين بطرق مختلفة، مثل الدردشة معهم صوتياً، أو نصياً ومحاولة تضليلهم، أو محاولة تجنيد أطفال في الولايات المتحدة من داخل لعبة «Roblox» الطفولية، بهدف تنفيذ عمليات إرهابية داخل أراضيهم.
وطورت المجموعة كذلك تعديلاً مجانياً للعبة «آرما 3» الحربية المعروفة بواقعيتها في محاكاة الأسلحة والآليات في المعارك، وذلك بهدف تدريب جنودها على سيناريوهات مستوحاة من الواقع، إضافة إلى التأثير في الأطفال والشباب لتمجيد دور المجموعة.
لمجموعة «داعش» يجب على اللاعب قتالها، ولكن بعض التابعين للمجموعة حصلوا على تلك الملفات وعدلوها ليصبح بإمكان اللاعبين استخدام تلك الشخصيات، باعتبارها شخصيات رئيسة، وعدلوا المراحل وأضافوا أعلامهم وشعاراتهم وملابسهم.
طورت "داعش" مثلاً في الفترة الأخيرة لعبة على الهاتف موجهة للأطفال، تطلب منهم تدمير معالم غربية؛ مثل برج إيفيل في باريس، وساعة بيغ بن في لندن، وتمثال الحرية في نيويورك، بحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية. واللعبة التي تسمى «حروف» تطلب أيضا من الصغار نطق حروف كلمات مثل قنبلة يدوية وصاروخ.
حيث يتم عبر التطبيق منح جائزة للاعبين الذي يوفقون في نطق الحروف بإتاحة الفرصة لهم لاختيار أحد الأهداف الغربية من أجل تدميرها.
فالتطبيق الذي أصدرته مجموعة "مكتبة الهمة"، إحدى أذرع التنظيم، في 10 مايو (أيار) عام 2016 والذي يعمل بنظام تشغيل أندرويد مخصص للأطفال لتعليمهم الأبجدية العربية، يستخدم صوراً عنيفة، مرتبطة بالعنف والقتل، من أجل تعليم الأطفال الأحرف الأبجدية، مثل حرف "ط" طلقة، "ص" صاروخ، "ب" بندقية وغيرها من الأمثلة. المصدر : ميدل ايست