للإعلام دورُ أساسيٌّ في الحروب حيث بإمكانه تغيير مجرياتها، ويتجلى هذا في حرب اليمن، فمنذ بدايتها حتى الآن يسهم الإعلام السعودي بعكس صورة انتصارات اليمنيين، فجولة على الصحف السعودية عند حصول أي عملية نوعية لليمنيين كافية.
لم يتغير تعاطي الصحف الخليجية السطحي مع حرب اليمن، حيث تشعر بأن مملكة آل سعود ليست في حرب. فالصحف تعتمد سياسة امتصاص أي ردة فعل من الشارع السعودي عبر عدة ادعاءات أصبحت واضحة وجلية، فعلى سبيل المثال نقرأ هذه العبارات: "أتباع إيران قاموا بكذا وكذا، اعتراض صاروخ إيراني أطلقه الحوثيون، أسر خبراء من حزب الله وإيران، الحوثيون لا يمتلكون أي قدرات عسكرية لأنهم جهلاء والذي يقود المعارك ويستهدف السعودية هم خبراء من إيران وحزب الله". هذه الادعاءات تهدف إلى إيقاظ الطائفية والعرقية لدى الشعب السعودي لكي يتعامى عن حقيقة ما يجري، وهكذا يمر اخفاق المملكة مرور الكرام، كما تعتمد الصحف على المحللين والكتاب وخاصة اليمنيين منهم بهدف دحض مزاعم الوطنيين اليمنيين والتشكيك بقدراتهم، والتبشير بالانتصار السعودي عليهم.
لكي يكون الأمر جلياً للقارىء الكريم سوف نعرض كيف تعاطت الصحف السعودية خلال العمليتين النوعيتين لليمنيين على مطار أبها الدولي.
ففي البداية لم تتمكن الصحف من إخفاء الحادثة وذلك لانتشار الفيديوهات عبر تويتر، وسرعان ما نقلت اعتراف القائد العام للتحالف السعودي بتعرض مطار أبها لهجوم بصاروخ أدى إلى جرح 26 مدنياً، وبعدها بدأت مهمة الصحف في تبديد الحدث وتشتيت المتابع السعودي، وذلك عبر عدة إجراءات منها: دعوة جميع المغردين السعوديين لعدم تناقل الفيديوهات والأخبار التي يبثها اليمنيون، لكي لا يساهموا في الحرب النفسية للعدو حسب تعبيرهم.
التأكيد على أن الحادثة هي جريمة حرب لأن الصاروخ استهدف مطارًا مدنيًّا، وقد نسيت هذه الصحف المجازر التي ارتكبتها السعودية بحق المدنيين اليمنيين والتي تستحق أن تكون جرائم حرب من الدرجة الأولى. التذكير بإنجازات قوات الدفاع الجوي السعودي، وذلك لتبرير الإخفاق الأخير بصد الصاروخ الذي أصاب المطار بدقة، وكأنهم يقولون للمواطن: لقد تصدينا لآلاف الصواريخ لكن هذا الصاروخ أفلت منا.
استضافة عسكريين سابقين من عهد علي عبد الله صالح، لكي يؤكدوا أن هذا النوع من الصواريخ لم يكن بحوزتهم بل هو إيراني الصنع. كل إجراءات الصحف تعكس بوضوحٍ انتصار اليمنيين وتمكنهم من إيلام السعودية، فكلما كان الألم أشد كلما وجدت حدة كلماتها التي تعكسها صياغة الأخبار والمقالات المنشورة. يجب على المواطن السعودي أن يعي أنه في مملكة تخوض حرباً حقيقية ومعرضة للاستهداف بأي زمانٍ ومكان، وقيادته جل ما فعلته هدر أمواله على صفقات منظومات دفاعية أثبتت الصواريخ والمسيّرات اليمنية فشلها، فهو ليس بمأمن لأن مملكته لا تقوم بحمايته، فكيف بدولة تخوض حرباً منذ أربع سنوات ولم تؤمن ملجأً آمناً لمواطنيها يقيهم الصواريخ والمسيرّات؟