القصة الكاملة.. الإرهابي المصري محمد الغزلاني بين داعش واستخبارات تركيا
في مطلع سبتمبر/أيلول 2020، وبشكل مفاجئ وغير متوقع، أفرجت تركيا عن الإرهابي المصري محمد نصر الغزلاني، بعد التحقيق معه لتواصله مع داعش.
الاتصال مع تنظيم داعش الإرهابي، لم تكن التهمة الوحيدة في السجل الإرهابي والإجرامي، لواحد من أبرز وجوه تنظيم الجهاد في مصر، منذ الثمانينيات.
الغزلاني، واسمه بالكامل محمد نصر الدين فرج الغزلاني، مواليد 5 سبتمبر/أيلول 1968، كان يسكن في منطقة كرداسة بالجيزة غربي القاهرة، وينتمي والده، و6 آخرون من عائلته، إلى تنظيم الجهاد، بحسب مصدر أمني مصري مطلع.
وكشف المصدر لـ"العين الإخبارية"، عن تاريخ العائلة الإرهابي، حيث إن أفراد عائلة الغزلاني متورطون معه في قضايا إرهابية، أبرزها اغتيال اللواء نبيل فراج في أحداث مدينة كرداسة غربي القاهرة سبتمبر/أيلول 2013.
وتضم عائلة الغزلاني الإرهابية المنضمة لتنظيم الجهاد، نجله صهيب محمد الغزلاني، ونجل شقيقته محمود محمد الغزلاني، وابن عمه شحات مصطفى موسى الغزلاني، بالإضافة إلى ابن خاله أحمد محمد يوسف صالح، وعمه محمد السيد الغزلاني.
لكن الغزلاني الذي يصفه مراقبون بأنه "قائد الإرهابيين" في منطقة كرداسة ضد الجيش والشرطة قبيل هروبه إلى الكويت ثم قطر ومنها إلى تركيا، كان أبرز الوجوه الإرهابية في أنقرة، ونجح في اللعب على أحبال تنظيم داعش بالتعاون معه في تنفيذ عمليات خارج تركيا، وكذلك على أحبال الاستخبارات التركية، بعدما أوشى عن 16 شخصا مقابل الإفراج عنه، وفق مصادر مصرية مطلعة.
تاريخ إرهابي
قصة طويلة تبدأ مع تاريخ العائلة الإرهابي، ويقول صبرة القاسمي الخبير المصري في الحركات الإسلامية، والعضو المنشق عن تنظيم الجهاد لـ"العين الإخبارية"، إن "عائلة الغزلاني واحدة من ضمن العائلات الجهادية التي تقطن كرادسة، حيث ينتمي عدد كبيرة من العائلة إلى تنظيم الجهاد في الثمانينات، وتحديدا بعد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981".
ويضيف: "منطقة كرداسة سكنتها عائلات متشددة، وظلت في صراع مع السلطة حتى انتشار التنظيمات الجهادية، فبعد اغتيال السادات، بدأ الفكر الجهادي التقليدي يتمحور حول انتشار الفكر في محافظات الجيزة والقاهرة والقليوبية".
وتابع القاسمي: "انتسب كثيرون من عائلة الغزلاني لتنظيم الجهاد، وكانوا على علاقة وثيقة بعائلة الزمر ومحمد عبدالسلام فرج وغيرهم من الشخصيات الجهادية في بداية الثمانينات وحتى التسعينيات".
وتابع: "بعد تأسيس القاعدة في أفغانستان، أُجريت اتصالات بين القاعدة وأطراف جهادية في مصر لإنشاء تنظيم (طلائع الفتح) الجهادي عام 1992، والذي أسسه المحامي مجدي سالم، فكان أول من تقدم المجموعات الجهادية في كرداسة.
غير أن أجهزة الدولة المصرية نجحت في توجيه ضربات لتنظيم الطلائع وتم القبض على منتسبيه، بما فيهم مجموعات كرداسة والتي كان ضمنها أفراد من عائلة الغزلاني.
بدوره، يستكمل الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، السجل الأسود للإرهابي الغزلاني، وقال إنه: "تم القبض عليه في نفس عام انضمامه لتنظيم الطلائع وحُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً، بعد تورطه في أعمال عنف في تسعينات القرن الماضي أبرزها قضية خان الخليجي عام 1994".
وحسب ما نشرته صحيفة "الوطن" المصرية سبتمبر/أيلول 2013، وما أكده مراقبون لـ"العين الإخبارية" فإن الأجهزة الأمنية، بناء على تقارير من جهاز أمن الدولة المصري السابق، رفضت الإفراج عنه في عام 2008، لخطورته على الأمن العام، وظل داخل السجن حتى أُفرج عنه عقب 25 يناير عام 2011.
يناير 2011.. الهروب الكبير
ومثل كافة التنظيمات الإرهابية والجهادية في أعقاب 25 يناير 2011، أوضح عضو تنظيم الجهاد السابق "صبرة القاسمي" لـ"العين الإخبارية" "كيف لاذت عائلة الغزلاني بالحماية المؤقتة، حيث استغل الغزلاني علاقاته بالعناصر السيناوية التي التقاها في السجن، ليفتح معهم قنوات اتصال عقب خروجه، وقاد عدد من الفاعليات الفكرية لنشر فكر الجهاد في القاهرة والجيزة والقليوبية ثم البحيرة وامتدت لمطروح والإسكندرية".
وأضاف أنه: "كان من أبرز قيادات هذه الفاعليات، إلى جوار الغزلاني، رضوان سالم و محمد الظواهري وشحتة محجوب ومحمد السيد حجازي وأحمد سلامة مبروك، حيث كانوا يجوبون البلاد لنشر الفكر الجهادي، بعد يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2013"، بحسب القاسمي.
وفي أعقاب اتهامه في قضايا إرهابية أبرزها مذبحة كرداسة واغتيال اللواء نبيل فراج سبتمبر/أيلول 2013، فر الغزلاني هاربا للخارج ككثير من العناصر الإرهابية والمتطرفة.
أما عن وجهة هروبه، فيؤكد الرواية التي نشرتها "العين الإخبارية" حينها، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، وهي أن "الغزلاني فر إلى الكويت ومكث بها فترة، قبل أن يقر مع اثنين أخرين إلى قطر ثم تركيا، متفاديا توقيف الكويت لخلية إخوانية ضمت 8 عناصر إرهابية، صدرت في حقهم أحكام قضائية من قبل السلطات في القاهرة في عملية أمنية استباقية يوليو/حزيران 2019".
خيوط القصة
وكاشفا خيوط قصته في تركيا، يقول "القاسمي": "الاستخبارات التركية اكتشفت أن الغزلاني لديه علاقة بتنظيم داعش في سوريا، ويشترك في التعاون مع التنظيم في الإعداد لعمليات إرهابية، وأنه أصبح خطر على تركيا، فألقت القبض عليه، لكن بعد فترة قامت الاستخبارات التركية بتحييده، عبر صفقة خرج على إثرها بعد أن قدم لهم معلومات ساعدت في القبض على 16 آخرين، جميعهم من السلفية الجهادية".
ويرى "القاسمي" أن "الغزلاني يلعب على حبال الطرفين، الدواعش من جهة والاستخبارات التركية من جهة أخرى، حيث يساعد الأولى في تنفيذ عمليات خارج تركيا ويساعد الأتراك في معرفة أي تحركات لداعش".
واتفق معه الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق الذي قال لـ"العين الإخبارية" إن "عملية القبض على الغزلاني من قبل السلطات التركية كان بسبب تواصله مع عناصر تابعة لتنظيم داعش، وتم إلغاء القبض عليه بعد توسط قيادات من تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية",
فيما علمت "العين الإخبارية" أن الجالية المصرية في تركيا، الذي يقود مجلس إدارتها مجموعة من المصريين الهاربين والداعمين لتنظيم الإخوان الإرهابي، مثل الأستاذ الجامعي المفصول سيف عبدالفتاح، والمحامي ممدوح إسماعيل، قدمت أكثر من طلب للسلطات التركية للإفراج عن الغزلاني والذي يشغل عضوية الرقابة بالجالية.
ووفق مصادر مطلعة، فإن الغزلاني الذي حصل على الدكتوراه في القانون المقارن أثناء سجنه بمصر، يعمل لدى كيان إرهابي داخل أنقرة، تحت مسمى "الرابطة العالمية للحقوق والحريات".
وحول الفكر الجهادي لغزلاني، يوضح "فاروق" أن "غزلاني كان من الرافضين لفكرة المراجعات الفكرية التي طرحها الدكتور سيد إمام عقب انتهاء مدة سجنه".
ونوه "فاروق" إلى أنه بحكم علاقة الغزلاني بقيادات تنظيم الجهاد، تكونت لديه علاقات واسعة مع العناصر المتطرفة السيناوي لاسيما المتورطة في تفجيرات دهب وشرم الشيخ عام 2005، وكان من ضمن اللجنة التي شكلتها الرئاسة في عهد مرسي مايو/أيار 2013 للتفاوض مع العناصر التكفيرية في شمال سيناء للإفراج عن 7 جنود المختطفين.
وبحسب المختص، ضمت هذه اللجنة أكثر من 40 عنصرا جهاديا من أبناء الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد من بينهم محمد الظواهري ومجدي سالم ونزار غراب وأبو خالد المصري وغيرهم بالتنسيق مع نائب المرشد العام للتنظيم الإرهابي خيرت الشاطر وقيادات مكتب الإرشاد حينها.
وخلال حكم مرسي في الفترة من 24 يونيو 2012، وحتى عزله 3 يوليو 2013، فتحت الرئاسة حينها أبوابها لقيادات جهادية، بأمر مباشر من مكتب الإرشاد للإخوان الإرهابية، للتشاور والتدخل في أزمات داخلية كان أبرزها قضية الجنود المختطفين، ولقاء بناء سد النهضة الإثيوبي، في سابقة من نوعها، دون أن تعبأ بتاريخهم الإرهابي، الذي خلف وراءه مئات الضحايا.