يواصل تنظيم "داعش" المتطرّف التضييق على المدنيين بريف حلب الشرقي والغربي، عن طريق فرض الغرامات في المجال الخدمي وإلزامهم باتباع شروط معيّنة أثناء عملهم تحت مسمى (الزكاة). فرض تنظيم "داعش" على تجار وأصحاب معامل في مناطق سيطرته بريف حلب الشمالي الشرقي دفع "الزكاة" عن طريق "ديوان الزكاة" التابع للتنظيم
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إنّ التنظيم "أجبر تجار وصناعيين، على دفع نسبة 2,5 % على كل مبلغ يساوي ثمن 100 غرام من الذهب في كل عام، وأنَّ كل من لا يحقق مرابح سنوية تعادل 100 غرام من الذهب، لا يفرض عليه دفع الزكاة".
وحسب المرصد، أبلغ تجار وصناعيون تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أنهم يتكفَّلون بعوائل فقيرة، ويقومون بدفع الزكاة إليهم، إلا أن التنظيم ردَّ على التجار والصناعيين بأن يرسلوا تلك العوائل إلى "ديوان الزكاة" لـ "دراسة أوضاعهم وإعطائهم الزكاة إذا كانوا يستحقونها وأن ما يُدفع للفقراء دون الرجوع إلى ديوان الزكاة يُعتبر صدقة، ولا تعفيه من دفع الزكاة لديوان الزكاة".
إلى ذلك، قال تلفزيون "الآن" في تقرير له إنّ تجّار الخضار والوقود كانوا بين من فُرضت عليهم هذه الغرامات، إضافة إلى ذلك حدد التنظيم بعض الأسعار المتعلّقة ببيع وشراء واستئجار "البراكيّات" وهي البيوت المصنوعة من ألواح الصفيح.
كل هذه الأساليب والأتاوات أثرت على معيشة الكثير من العائلات، لاسيما بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة وازدياد نسبة العائلات ذات الدخل المحدود، بعد إغلاق معظم المؤسسات الإغاثية أبوابها، وقيام التنظيم باعتقال العاملين فيها.
ويقول أحد الباعة لـ"أخبار الآن": "فرض تنظيم داعش غرامات وشروطاً مختلفة تعلّقت ببعض المهن الصغيرة في منبج، بعدما بنى سوقاً للخضار في الساحة العامة بالمدينة، وألزمنا جميعاً بالعمل في هذا السوق، وأجبرنا على دفع إيجار شهري قدره 3500 ل.س لكل بائع خضار".
وأضاف: "بدأ التنظيم بمشروع هدم الحدائق، وتعديل المناظر العامّة بعد القرار ببناء براكيّات بمساحة مترين، وفرض على كلّ من يودّ استئجار براكيّة دفع مبلغ شهري وقدره سبعة آلاف ل.س، أمّا من يريد شراء واحدة منها فعليه دفع 60 ألف ل.س".
ولم يستثن أحد من فرض الغرامات، يقول أبو أمين: "فرض التنظيم على جميع المحال التجاريّة زكاة تتراوح بين 10 آلاف و80 آلف ل.س حسب نوع وحجم المحل، بالإضافة لذلك فرضوا على باعة الوقود مبلغ 200 ل.س على كلّ برميل يتم إدخاله إلى سوق النفط في منبج رغم أن هذا النفط يتم شراءه منهم في الرقة ودير الزور".
وحسب معلومات من بعض أبناء المدينة، فُرضت الأتاوات على أصحاب المواشي، وأصحاب المكاتب العقاريّة، وتعهدات النقل، والمطاعم، والصيدليات، والعيادات الطبيّة، والأراضي الزراعيّة، ومجالات كثيرة".
وحسب (أخبار الآن)، يجمع معظم الأهالي على أنّ ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة في ريف حلب سببه الأوّل التنظيم، ويقول أبو علي ابن مدينة منبج أنّ الوضع الاقتصادي متردّي جداً عند عامّة الناس، مضيفاً: "كان سعر ربطة الخبز قبل دخول التنظيم 50 ل.س أمّا اليوم أصبح سعر الربطة 110 ل.س، وأعرف عائلة تضع مصروفاً للخبز شهرياً ما يعادل 100 دولار".
وأردف: "فيما يتعلّق بأسعار المواد الغذائيّة، فقد زاد سعرها ثلاثة أضعاف عن السابق خصوصاً بعدما أغلقت كلّ المنظّمات الإغاثيّة أبوابها، وسجن التنظيم مدراء بعضها منذ رمضان الماضي، وهذا أثّرّ على العائلات الفقيرة المعتادة بشكل أساسي على المعونات الشهريّة".
من جانبها، تقول أمّ أمجد من منبج: "بقي التنفّس لم يفرضوا عليه الزكاة، ومن يريد العيش في مناطق التنظيم عليه أن يعمل معهم بمجال التعهد العقاري أو الخدمات حتّى يستطيع العيش ويتأقلم مع موجة الغلاء".
في المقابل، يقول تاجر مواد غذائية رفض الكشف عن اسمه لـ"أخبار الآن": بسبب الوضع الأمني: "من آثار ازدياد أسعار المواد الغذائيّة بريف حلب هو إغلاق معبر جرابلس وازدحام معبر باب السلامة الأمر الذي أدّى إلى تحميل التجّار تكاليف إضافيّة عوّضوها برفع أسعار بضاعتهم".
يذكر أنّ الكثير من رجال الأعمال خرجوا من منبج متجّهين نحو تركيا لضمان الاستمرار بنشاطهم الاقتصادي دون أيّ ضغط يُفرض عليهم بالقوّة، لاسيما أنّ تركيا أصبحت حسب رأي البعض الملجأ الآمن والوحيد الذي يكفل بعض حقوق السوريين بعد التسهيلات الكثيرة التي قدّمتها الحكومة التركيّة لهم.
يشار إلى تنظيم "داعش" يحاول تعزيز موارده المالية منذ سيطرته على مناطق شاسعة من سوريا والعراق، من خلال بيع النفط في السوق السوداء، وجمع التبرعات وفرض (الزكاة) على الاهالي. المصدر: إيلاف