كيف يزاول الأطباء السوريون مهنتهم في مدينة الرقة ؟
يعيش الطبيب في الرقة بين سندان الخوف من قمع تنظيم داعش، ومطرقة الحاجة إلى ما يكفيه، ليسد مطالب المعيشة في بلد أنهكته الحروب، وأما الهرب فهو قد يكلفه حياته، وفقدان بيته وأملاكه بالتأكيد.
فالأطباء الذين لم يهجروا مدينة الرقة قليلون جداً، والتنظيم يحاول الإبقاء عليهم للخدمة في مشافيه، فالطبيب مُطالب بأن يلتزم بالدوام في المشافي التي يشرف التنظيم على إدارتها " كمشفى التوليد، والمشفى الوطني"، وجلب المرضى "الدواعش" إليها، والمصابين في المعارك، وذلك بحدٍّ أدنى من الأيام في الشهر، فإن أبى أن يُداوم الأيام المحددة له كل أسبوع، فسوف تقع عليه العقوبة، إما بإغلاق عيادته الخاصة، أو إجباره على ترك المشفى الخاص الذي يعمل به.
الممرض محمود " لديه عيادة اسعافية خاصة" يقول: "تنظيم داعش يعاملنا كالأطباء في وجوب الدوام في مشافيهم، حيث علي أن أذهب لأداوي المصابين منهم، 24 ساعة أسبوعياً دون أن أتقاضى أي أجر على عملي، إلى أن أبايعهم فيمكن أن أقبض بالدولار، وقد تم تهديدي بإغلاق العيادة "لمدة أسبوع" في حال التغيب عن المشفى الداعشي ليوم واحد".
وتخضع جميع المشافي لقرارات صارمة من قبل المسؤولين عن القطاع الطبي، وأي مخالفة قد تستوجب العقوبة القاسية أو إغلاق المشفى الخاص، أو قد تصل العقوبة إلى الجلد في الساحات العامة، ويُلزم المسؤولون الطبيبات والممرضات باللباس الشرعي " كما يراه التنظيم" ، في كل أوقات عملهن حتى في غرفة العمليات.
(فؤاد)، طبيب جراحة نسائية، هرب من قبضة التنظيم بعد منعه من مزاولة هذه المهنة، وإغلاق عيادته الخاصة، وصف وضع الأطباء بالصعب، بسبب عدم التكيف مع الأجواء التي يفرضها عليهم تنظيم داعش، ويروي قصة زميله الذي أنقذ حياة زوجة أحد مسلحي داعش، والتي كانت بحاجة لعملية قيصرية سريعة، في مشفى الطب الحديث "الخاص"، حيث لم يتواجد طبيبات ليقمن بالعملية، فما كان من المرأة وزوجها إلا أن اشتكت عليه بعد خروجها من المشفى، لكشفه عليها في مواضع لا يجب على الرجل رؤيتها من المرأة، وتقرر معاقبته على جريمته، فاضطر للهرب تاركاً وراءه أملاكه غنيمة لهم.
ويعاني الأطباء كما أهالي الرقة من أجواء وتصرفات من قبل تنظم داعش، لم يألفوها ولا يتقبلونها. المصدر: العالم