بات لـ “تنظيم داعش” فيجنوب دمشق إمارةً معلنةً وغير معلنة في نفس الوقت، تعتبر الحالة المنظمة الأولى للتنظيمعلى مقربة من أسوار العاصمة.
التنظيم الذي لم يذخر جهداًفي محاربة الجيش السوري في هذه المنطقة، كثّف نشاطه في التموضع والحشد والتعبئة، على مبدأ إستقطاب الفقراء والأهاليأولاً، وثانياً بعض الولاءات من الكتائب الأخرى، في سيناريو مشابهٍ لما يجري في منطقة القلمون، بحسب مراقبون. ثمةإعتقاد، ان التنظيم الذي يكن العداء المبدئي للجيش والدولة السورية يضعهما ثانياً على قائمة أهدافه في جنوبالعاصمة، بينما يرفع “الجبهة الإسلامية” و “جيش الإسلام” إلى الرتبة العليا واضعهما على رأسالأهدا، ايضاً على مبدأ “قضم الأقربون – الأعداء الاقرب” قبل قضم العدو الأكبر!.
في جنوبي دمشق، تختلف الصورة،صورة مشهدية القتال بين فرعي “القاعدة” عموماً، هنا، تعتبر “جبهة النصرة” صديقاً وفياً لـ “داعش”، فالتنسيق بينهماعلى أشدّه بفضل رأس هرم قيادة “داعش”، والذاكرة تعود بنا إلى يوم تطويق مقرّات “داعش” في يلدا، وكيفيةإنقاذ “النصرة” لأمير “داعش”العتيد ومن معهمن تحت سكين “جيش الإسلام”.
إذاً، أعلنت “داعش” إمارتهابالجنوب الدمشقي، وعلى الرغم من أنها لم تعلنها رسمياً، بات للتنظيم ركيزة تتخذ من بلدة “الحجر الأسود” الواقعة على تخوم “مخيماليرموك” قاعدةً. تشير مصادر ان “داعش” الذي يتمتّع بحضورٍ قوي في المخيم، يُمدّد أمارتهنحوه، ونحو مناطق جنوبية أخرى، لتكون الخنجر الموجه نحو التنظيمات المعارضة له، والتيطردته قبل أشهرٍ من الغوطة الشرقية.
على العموم، فإن ما يرشحمن أنباء، يفيد عن تعيين المدعو “أبو صيّاح طيّاره” الملقب بـ “أبو صيّاح فرامة” كأميرٍ على رأس إمارة “داعش” جنوبي العاصمة،إختير اللقب للرجل الثلاثيني، كدلالة على حبه “فرم الأعداء”، لتكون مادةٍ دسمةٍ في حرب الطواحينمع “علّوش”.
لا معلومات كثيرة عن الرجل،لكن ما توفّر يفيد أن أسمه الحقيقي عبد الله طيّارة، سوري الجنسية، يبلغ من العمر
38عاماً، من بلدة يلدا القريبة من الحجر الأسود، يعتبر من أبرز قادة “داعش”، لكن اللافتانه شخص أمّي لا
يُجيد القراءة أو الكتابة،فقير من عائلة فقيرة، عمل كسائق “بيك أب” اي (شاخنة نقل صغيرة)، قبل بدء الحراك
في سوريا الذي تحوّل إلىحرباً منظمة، أما قبل هذه المدة، وفي فترة شبابه، عمل في البحث بالقمامة عن موادٍ من
الألمينيوم، اي “عبواتمشروبات غازية، قطعٍ بلاستيكية..وغيره”، ما يسمح بإطلاق أسم “سمعان الخربة” عليه، تيمناًبإسم “الزبّال” سمعان في مسلسل الخربة الكوميدي السوري!.
قبل عمله في الشاخنة الصغيرة،يقال انّ “فراّمة” ذهب إلى العراق بعد الإحتلال الأمريكي، وإنخرط في تنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين” ومن ثم “الدولة الإسلاميةفي العراق” بقيادة “الزرقاوي”، ونال لقب “فرّامه” هناك، حيث كان مهتماً بـ “فرم الخصوم”!،وبعد ذلك، عاد إلى دمشق كبقية الجهاديين الذين عادوا من العراق محمّلين بالفكر، دونان يمسهم رجالات الأمن السوري الذين كانوا منهمكين بشرب المتة وملاحقة أصحاب الرأي،اما عن مصدر إستقائه وتشربه الفكر، فتتقاطع المصادر على انّ “فرامة” كان في شبابه قريباًمن فكر “الإخوان”، ومن ثم إستهواه “الجهاديون العرب” في أفغانستان.
تتقاطع معلومات، عن نشاط“فرّامة” قبل ظهور “داعش” في سوريا أو بدء الأزمة، حيث كان الرجل متمظهرٍ بمظهر التدين،معروف الفكر والتوجه الديني، وكان دعوي بإمتياز، لا يترك فرصة إلا ويوجه ملاحظاته الدينية.بعد أشهرٍ على بدء الحراك في سوريا، إعتقل “فرامه” بسبب “إنتمائه لتيّارات دينية متطرفة،وإطلق سراحة بعد ثمانية أشهر فقط كغيره من “القوادم” بسند عفو عام، ليذهب إلى ريف دمشقويعمل على تأسيس خلايا تابعة لفرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، “جبهة النصرة” في أولأيام نشأتها، ومن ثم تحوّل إلى “شرعي” في “الجبهة” جنوب دمشق، متخذاً من بلدته “يلدا”مسرحاً لنشاطه، ما لبث عن إنشق عنها عقب ظهور “داعش”، ومن ثم وضع على رأس قيادة التنظيمفي العاصمة ضمن ما سمّى “ولاية دمشق، القاطع
الجنوبي” ولهذا السبب،يرد البعض الإنسجام والتنسيق بين “جبهة النصرة” و “داعش” في جنوب دمشق، على الرغم منإشتباكهم في نواحٍ عديدة.
مراقبون يعتقدون ان أتباع“فرامة” و “داعش” جنوبي العاصمة، يقدرون بنحو 1000 عنصر، يتمركزون كخلايا نائمة فيعمق الغوطة الشرقية وفي بعض بلدات جنوب العاصمة كـ “يلدا”، وكعناصر ظاهرة في الحجر الأسود ومخيم اليرموك، هم لم يخوضواأية مواجهة منذ أشهر. ثمة إعتقاد بأنهم يعملون وفق سيناريو خفي يحضر لضربة ما يظهرونمن خلالها كقوة.