يتكشف المزيد من التفاصيل عن ضلوع مقربين من السلطات السعودية بتمويل الفصائل المسلحة في سوريا، وعلى رأسها «جبهة النصرة» المصنفة إرهابية، في الوقت الذي تلقت فيه الجبهة صفعة قوية تمثلت بانشقاق جديد لأحد «أمرائها الشرعيين» وقيامه بفضح ممارسات قادتها في المنطقة الجنوبية، وذلك بعد أسابيع فقط من الفضائح التي ساقها المنشق عنها السعودي سلطان العطوي (أبو الليث التبوكي). وفي إطار الحرب الإعلامية المحتدمة بين «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، والتي واكبت المعارك العسكرية بينهما، متخذة من مواقع التواصل الاجتماعي منصة أساسية، برز أمس ما نشره حساب «سرّية الملحمة»، التابع لـ«مؤسسة البتَار الإعلامية» شبه الرسمية، من تفاصيل تتعلق بضلوع السعودي عبد الله المحيسني بدعم وتمويل عدد من الفصائل الإسلامية، وعلى رأسها «النصرة». واللافت أن شبكة التمويل التي تحدث عنها الحساب تتضمن أسماء كانت مقربة من شخصيات كبيرة في النظام السعودي، مثل وزير الداخلية الراحل نايف بن عبد العزيز. وبحسب ما كشفه الحساب فإن حملات الدعم والتمويل، التي يتم الإعلان عنها في السعودية أو غيرها من الدول الخليجية، ما هي إلا غطاء لإخفاء حقيقة الدعم الذي ترسله سلطات هذه الدول إلى فصائل معينة، من بينها «جبهة النصرة». وإثباتاً لذلك كشف الحساب أن التبرعات التي جمعت ضمن حملة «جاهد بمالك»، التي يشرف عليها الشيخ السعودي عبد الله المحيسني، كان يجري تحويلها عبر مصرف «الراجحي» أو «بنك البلاد إنجاز» إلى حساب شخص يسمى محمد يحيى محناية، الذي يشغل منصب ممثل «الاتحاد السوري العام للجمعيات الخيرية والهيئات الإغاثية»، الذي يضم حوالي 100 جمعية إغاثية في كافة المناطق السورية، وهو في الوقت ذاته عضو المجلس المحلي لمحافظة إدلب. ثم يكشف أن رئيس هذا الاتحاد هو الشيخ محمود الكسر أبو اليمان، الموجود في الرياض منذ 17 عاماً، حيث كان يعمل مديراً لمكتبة «دار ابن حزم» لصاحبها الشيخ ابو عبد الرحمن الشيخ ابن عقيل الظاهري، المستشار السابق للأمير الراحل نايف. لينتهي الحساب إلى القول «المحيسني يجمع التبرعات في ما يسمى حملة جاهد بمالك، عبر غطاء إغاثي خيري بدعم حكومي سعودي وخليجي». تجدر الإشارة إلى أن «الأمير الشرعي» السابق في «النصرة» السعودي سلطان العطوي، كشف قبل أسابيع أن «جبهة النصرة» تلقت من الشيخ عدنان العرعور دعماً مالياً يبلغ مليون دولار أميركي، وذلك أثناء قتالها «الدولة الإسلامية» في المنطقة الشرقية. ومن المعروف أن العرعور كان يقوم بنشاطاته لدعم وتمويل الفصائل المسلحة في سوريا تحت أعين الاستخبارات السعودية، التي لم تستفق لخطورة هذه النشاطات إلا مؤخراً، حيث قامت بتجميد حسابات العرعور ومنعته من الظهور الإعلامي انطلاقاً من أراضيها. من جهة أخرى، تلقت «النصرة» صفعة قوية عبر انشقاق أحد «أمرائها الشرعيين» المدعو أبو بصير المهاجر، والذي يعتقد أنه سعودي الجنسية، ما يشير إلى تزايد حالات الانشقاق في صفوفها القيادية. وما يزيد من أهمية هذا الانشقاق أنه الأول من نوعه في المنطقة الجنوبية على هذا المستوى، إذ كانت محافظة درعا معروفة بأنها المدينة الوحيدة التي لم تتعرض فيها الجبهة لأي انشقاق منذ خلافها مع «داعش» في نيسان العام 2013. وقد يكون هذا الانشقاق مؤشراً على أن المسؤول الشرعي السابق في «جبهة النصرة» أبو ماريا القحطاني بدأ يلعب في المنطقة الجنوبية نفس الدور الذي لعبه في المنطقة الشرقية. لكن أبو بصير، وعلى درب سلفه سلطان العطوي، لم يكتف بالانشقاق وحسب بل عمد إلى فضح ما لديه من أسرار تخص بعض قيادات «جبهة النصرة» في المنطقة الجنوبية، وعلى رأسهم المسؤول «الشرعي العام» الأردني سامي العريدي و«أمير» المنطقة الجنوبية أبو جليبيب. وكان أخطر ما كشف عنه أبو بصير هو وجود سجون سرية لدى «النصرة» يعتقل فيها المئات من عناصر الفصائل الأخرى، ومن المدنيين، مشيراً إلى مقتل العشرات من هؤلاء المعتقلين نتيجة التعذيب الذي مارسته الجبهة تجاههم أثناء التحقيق والاستجواب. كما أشار إلى استغلال «جبهة النصرة» للمحكمة الشرعية لتحقيق مصالحها الخاصة، وذلك بفتاوى صادرة عن سامي العريدي، الذي بحسب أبو بصير، كان يفتي بجواز سرقة السلاح والغنائم من «الجيش الحر» والجماعات الإسلامية الأخرى، بذريعة أن هذه الأسلحة ستوجه إلى «جبهة النصرة» في قادم الأيام. وشدد أبو بصير على أن العريدي يتساهل في دماء المسلمين، ويفتي بالقتل على الشبهة، مشيراً إلى قتله العشرات ممن تحرم دماؤهم شرعاً، متسائلاً ما الفرق بين «النصرة» و«دولة (ابو بكر) البغدادي»؟. المصدر: جريدة السفير