صليبة الحمبوشية هي قرية صغيرة على مفترق طرق بين القرى المجاورة: الحمبوشية ونبيطه، ويشار إليها بمسمى من اثنين، إما صليبة بلوطة أو صليبة الحمبوشية. زارت " هيومن رايتس ووتش" القرية الصغيرة في 7 سبتمبر/أيلول، 2013 وتحدثت إلى السكان الذين وصفوا كيف كانت صليبة الحمبوشية واحدة من المناطق التي بدأ فيها مقاتلو المعارضة القصف وبعدها دخلوها في ساعات الصباح الباكر يوم 4 غسطس/آب. جمعت "هيومن رايتس ووتش" أدلة من الناجين، وشهود عيان آخرين، واستعرضت فيديوهات، وصورا، وسجلات طبية وشرطية، تشير بقوة إلى أن نحو 14 شخصاً من أهالي صليبة الحمبوشية على الأقل قتلوا بطريقة غير مشروعة من قبل مقاتلي المعارضة، في 4 أغسطس/آب. ينتمون إلى عائلات سليم، وديب، وإبراهيم. أربعة من هؤلاء السكان قتلوا نتيجة القصف العشوائي للمعارضة على القرية الصغيرة بينما توفي الباقون من الطلقات النارية وإصابات بطعنات، أو بالذبح من الحلق. في ثلاث حالات إضافية من الضروري إجراء تحقيق لتحديد ما إذا كان القتل يغر مشروع (انظر الملحق 1 للاطلاع على قائمة الضحايا). قالت دنيا سليم، من الأهالي، لـ "هيومن رايتس ووتش" إنه في الصباح الباكر من يوم 4 أغسطس/آب استيقظت هي وعائلتها على صوت طلقات نارية. خلافا للعديد من أقاربها، تمكنت هي وأسرتها من الفرار. قالت: كنت نائمة واستيقظنا على صوت الرصاصوتكبير المقاتلين، لله أكبر. لم يأت المقاتلون للمنزل، لكننا كنا خائفين، وجرينا على أقدامنا إلى القرية التالية. كنت مع أطفالي البالغين 16 و 11 و 6 أعوام وزوجي. كنا جميعا بخير. لم استطع رؤية المقاتلين، لكني أستطيع القول من خلال أصواتهم أنهم كانوا صغارا. قال شخص آخر من الأهالي، سامر بديع سليم، ل " هيومن رايتس ووتش" أنه كان في المنزل، نائما هو وعائلته، عندما بدأت قوات المعارضة الهجوم على جيرانه. استيقظ على صوت الرصاص وقذائف الهاون، وحاول الفرار هو ووالدته. لم يكن بمقدور بقية عائلته، بمن فيهم والده المسن، بديع سالم سليم، وعمته الكفيفة، نسيبة سالم سليم، مغادرة منزلهم بسرعة بسبب عدم مقدرتهم الجسمانية وقتلا على أيدي قوات المعارضة. قال: كانت أمي في المنزل معي. خرجت من البيت في المقدمة، وكنت خلفها. رأينا ثلاثة من المقاتلين أمامنا مباشرة، ثم هربنا على أقدامنا إلى خلف المنزل وإلى الوادي. المقاتلون الثلاثة كانوا جميعا يرتدون ملابس سوداء. راحوا يطلقون النيران علينا من اتجاهين مختلفين. كان بحوزتهم بنادق آلية ومعهم قناصة. جاء أخي الأكبر واختبأ أيضا معنا. اختبأنا لكن أبي بقي في المنزل. قتل وهو في سريره. عمتي، البالغة 80 عاما وهي سيدة كفيفة، قتلت أيضا في غرفتها. اسمها نسيبة. حين عاد سامر إلى منزله بعد أن قامت القوات الحكومية بطرد مقاتلي المعارضة خارج المنطقة، رأى الدماء في غرفة والده وعمته ما دفعه للاعتقاد بأنهما قتلا في هاتين الغرفتين. بعد فترة قليلة من حملة القوات النظامية على مقاتلي المعارضة يوم 18 أغسطس/آب 2013 ، اكتشف السكان مقبرة جماعية على بعد 100 متر من منزل سامر. قال سامر ل " هيومن رايتس ووتش" إن جثث كل من بديع ونسيبة وجدتا مدفونتين هناك. ومن واقع الإصابات التي رآها في جثة نسيبة، فإنه يعتقد أن عمته قتلت مذبوحة من حلقها. وفقا للعديد من الشهود بينهم عدد من عضو بقوات الدفاع المدني شارك في إخراج القتلى من المقبرة هناك، وطبقاً لضابط المخابرات العسكرية في ريف اللاذقية الذي تحدث ل " هيومن رايتس ووتش"، وأحد السكان المحليين، فقد ضمت المقبرة الجماعية 28 جثة. وأوضح عضو بقوات الدفاع المدني أنه في نحو 18 أغسطس/آب توجه إلى القرية الصغيرة للكشف عن المقبرة الجماعية. يصف الجثث التي رآها هناك وكيف أنها تم استخراجها، قال: بعض الجثث كانت مقطعة الرؤوس والأيدي. بعضها كانت ملفوفة. رأيت امرأة عارية... وضعنا الجثث في أكياس وأودعناها هناك [في المستشفى الوطني]. لا يمكننا القول في بعض الحالات إذا كانت الوفيات لرجال أم نساء... [في قرية صليبة الحمبوشية] كانت توجد قنبلة على رأس المقبرة. جاء الجنود وأبطلوا مفعولها، ومن ثم انتشلنا الجثث. في بداية سبتمبر/أيلول 2013 ، زارت " هيومن رايتس ووتش" موقع المقبرة الجماعية كتب مقاتلو المعارضة جرافيتي أيضا على جدران منزل سامر، يبدو أن ذلك لإعلان من سيطر على القرية: "أبطال خربة الجوز إلى إبادة العلوي". وكتابات حائطية أخرى فيها: "إبراهيم خليل وجنوده مروا من هنا". وفي جانب آخر من القرية جرافيتي يشير إلى اسم جيش المهاجرين والأنصار. (انظر الفصل الثالث أدناه). قال سامر لـ" " هيومن رايتس ووتش"" إن مقاتلي المعارضة قتلوا ثلاثة من إخوته، هم جاسم، 45 عاما، وناظم 37 عاما، وكاسر، البالغ 40 عاما، والذين كانوا يعيشون أيضا في القرية. قال سامر إن مقاتلي المعارضة قتلوا كاسر بمجرد أن غادر منزله للاطمئنان على ابن عمه الذي تم إطلاق النار عليه. حددت الناشطة بمدينة اللاذقية التي جمعت معلومات حول عمليات القتل الجثة في الفيديو المنشور من قبل مقاتلي المعارضة على أنه كاسر. جسده ممدد قبالة منزله. في الفيديو يمكنك أن ترى كاسر مرتديا ثياباً مدنية، وأن المعارضة وضعت صورة لحسن نصر لله، زعيم حزب لله اللبناني الشيعي، على صدره. الناشطة قال لـ "هيومن رايتس ووتش" إن صورة نصر لله أخذها مقاتلو المعارضة من على جدار في منزل كاسر. لم تتمكن " هيومن رايتس ووتش" من تحديد الظروف الدقيقة لوفاة شقيقي سامر الأخريين. وقال سامر إنه يعتقد أن أخيه جاسم، قتل قنصا أثناء فراره لكنه لم يكن حاضرا وقت مقتله. الناشطة بمدينة اللاذقية، التي لم تكن متواجدة في القرية وقت الهجوم، قالت إنه بناء على معلومات تلقتها من سكان القرية، فهي تعتقد بأن جاسم توفي وهو يدافع عن القرية. ويعتقد سامر أن ناظم قتل في منزله استنادا إلى بقع الدم التي رآها هناك. ووفقا لسامر فاستنادا إلى ما بدا من جثته وأن رقبته كانت مقطوعة. جثث الرجال الثلاثة وجدت في المقبرة الجماعية في صليبة الحمبوشية. وفقا لسامر والناشطة، اختطف مقاتلو المعارضة زوجات جاسم وناظم وأطفالهم من القرية في 4 أغسطس/آب. الزوجات وأبناء أخوتهم طلال ورامز احتجزوا أيضا كرهائن (انظر الفصل الثالث أدناه). أحد السكان الآخرين، وهو فؤاد سليم، ابن عم سامر، وهو جندي سوري والذي لم يكن موجودا في القرية وقت الهجوم لتأديته الخدمة العسكرية في مكان آخر، قال ل " هيومن رايتس ووتش" في مقابلة منفصلة أن مقاتلي المعارضة قتلوا أشقاء سامر الثلاثة، وعمته، ووالده، ودفنوا في المقبرة الجماعية. كما قتل مقاتلو المعارضة أربعة من أفراد أسرة فؤاد: والداه المسنان، وزوجة والده الثانية، وشقيقه. والدته، عزيزة ديب، في السبعينيات من عمرها، تم العثور عليها في المقبرة الجماعية في قرية صليبة الحمبوشية بعد انسحاب قوات المعارضة. وقد تعرف على جثتها حين اكتشفت قوات الدفاع المدني المقبرة الجماعية. قال إن إصابتها تبدو أنها بطلق ناري من مسافة قريبة. تم العثور أيضا على شقيقه راتب في المقبرة الجماعية، لكن " هيومن رايتس ووتش" لم تتمكن من تحديد ظروف وفاته. قال فؤاد إنه تم العثور أيضا على جثث والده كريم سليم وزوجته الثانية سعدة منصور في فناء منزلهم بعدما استعادت القوات النظامية المنطقة في 18 أغسطس/آب. وأفاد "هيومن رايتس ووتش" بأنه استنادا إلى إصاباتهما استطع أن يرى رقبة والده وهي مذبوحة وأن سعدة زوجة والده تعرضت للطعن حتى الموت. وفقا لفؤاد، فإنها عادة ما ترتدي أساور، ويعتقد أن قوات المعارضة قطعت يدها لسرقتها. قال بمرارة لـ " هيومن رايتس ووتش": "إنها كانت من الصفيح". اطلعت " هيومن رايتس ووتش" على مقطع فيديو تم التقاطه لجثث سعدة وكريم حينما وجدا في فناء منزلهما بعد 18 أغسطس/آب. في المقطع يظهر أن يد واحدة على الأقل لسعدة مقطوعة. جثة زوجها ممددة على بعد أمتار منها، ويبدو أنه مقطوع الرأس. لم تنشر " هيومن رايتس ووتش" الصور بسبب طبيعتها القاسية. قال فؤاد ل " هيومن رايتس ووتش" إن قوات المعارضة أعدمت أيضا عمه، وفيق إبراهيم، في الخمسينيات من عمره، وشادي نجل وفيق، 29 عاما، الذي يسكن في المنزل المجاور. وأوضح فؤاد لـ " هيومن رايتس ووتش" المكان الذي عثر فيه على جثة وفيق عقب انسحاب قوات المعارضة من المنطقة. وفقا لأحد الجيران الذي شارك في إخراج الجثث من المقبرة الجماعية، فإن شادي إبراهيم، نجل وفيق، دفن في المقبرة الجماعية وكانت رأسه منفصلة عن جسده. وفقا لفؤاد، فقد توفي أيضا مقداد إبراهيم، 17 عاما، وهو ابن آخر لوفيق، وابنته أماني إبراهيم، 22عاما، وأمان إبراهيم، 24 عاما، ووالدتهم نهاد ديب، في الأربعينيات من عمرها، متأثرين بجراح بشظايا أصيبوا بها خلال قصف المعارضة للبلدة. قال فؤاد أيضا إنه رأى جثث سمير سليم وابنه حيدر، في العشرينيات من عمره، في المقبرة الجماعية ويظهر من إصاباتهما أنهما تعرضا للذبح من عند الحلق. راجعت " هيومن رايتس ووتش" صورا فوتوغرافية أمدتنا بها مستشفى اللاذقية الوطني لسمير سليم وحيدر سليم ولوحظ أنهما كانا يرتديان ثياباً مدنية. وفقا لسامر ديع سليم، فقد اختطف مقاتلو المعارضة زوجة سمير وبناته أيضا.