اعتدوا على ابنتها و قتلوا زوجها و التهمة تأييد الدولة
غاب القانون و العدالة و غابت الدولة عن المناطق التي سيطرت عليها الميليشيات المسلحة , القانون الذي يحكم تلك المناطق هي مصالح قواد تلك الميليشيات. عملوا على تسخير المواطنين المدنيين القاطنين في تلك المناطق لخدمتهم , جندوا الشباب و الرجال لقتال الجيش السوري مستغلين حاجتهم و ضعفهم مهددينهم بالقتل إذا لم يتعونوا معهم. و انطلقوا من تلك المناطق ومن منازل المدنيين في تلك المناطق لضرب و استهداف المناطق الأمنة الأخرى و زعزعة أمن الدولة السورية.
أسماء و طفلتها ذات الاثنا عشر سنة ، وزوجها هم من قاطني حي بستان القصر في حلب , قرر الخروج من الحي الذي يقع تحت سيطرة ميليشيات الحر و النصرة , قاصدين المناطق التي تقع تحت سيطرة الدولة , وذلك بعد أن ضاقت الحياة بهم و أرهقهم تسلط و جبروت المسلحين و خوفاً على ابنتهم التي بلغت حديثا من الاعتداء في ظل شريعة الغاب التي تحكم الحي. حسب ما أفادتنا به أسماء.
زوج أسماء من مؤيدي الدولة و قد حاول جاهداً طوال الفترة الماضية التظاهر بعكس ذلك و بأنه من أنصار المسلحين خوفاً من بطشهم.
تقول أسماء : حاولنا أكثر من مرة الخروج من الحي إلّا أنّ المسلحين كانوا يمنعوننا بحجة الخوف على سلامتنا من الجيش السوري . ولكن بعد هدوء الاشتباكات و بعد أن أعطى الجيش السوري فرصة للمدنيين بالخروج من الحي , حزمنا أنا و زوجي و ابنتي بعض الأمتعة الضرورية و انطلقنا نحو المنطقة الفاصلة مع مناطق سيطرة الدولة .
أسماء التي وصلت بعد رحلة من العذاب إلى إحدى مدارس المهجرين في حي الجميلية في حلب و التي تقع تحت سيطرة الدولة ، تتوقف عن الكلام بعد أن خنقتها دموعها، لتضيف: "وصلت وزوجي و ابنتي إلى حاجز للميليشيات في حي بستان القصر ، المئات من المدنيين كانوا قد تجمعوا هناك أملاً في الخروج من هذا الجحيم ، وبعد انتظار طويل وصلنا إلى الحاجز. عناصر الحاجز كانوا يحملون لوائح تضمّ عشرات المطلوبين بتهم مختلفة منها تهمة العمالة للدولة السورية ، ومع وصولنا إلى العنصر المسؤول عن التفييش، طلب من زوجي هويته الشخصية، فحاول زوجي التهرب بحجة أنه فقدها بحريق حدث في منزلنا ".
دقائق قليلة مرّت على أسماء و زوجها ليسمح لهم بعدها عناصر الحاجز بالمرور إلى وجهتهم، ولكن ما هي إلى أقل من عشرة أمتار حتى لحق بهم بعض العناصر، تقول أسماء: "لحق بنا ثلاثة عناصر مدججين بالسلاح، طلبوا منّا الانتظار، هنا أحس زوجي أنهم قد كشفوا أمره بأنّه موالي للدولة ، طلب مني زوجي أن آخذ ابنتنا وأهرب بها بسرعة باتجاه الجيش ، وهو سيحاول إشغالهم إلى حين نهرب".
أدرك الزوج أنه مقتول، فحاول أن يبقي على حياة زوجته و ابنته، فضرب أحد العناصر محاولاً انتزاع سلاحه، لتباغته رصاصةٌ في فخده تقعده عن الحركة، تضيف أسماء: "ركضت أنا و ابنتي مزعورين باتجاه الجيش ، وإذ بعنصرين من الحاجز لحقا بنا و أوقفانا ، وأخذاني و ابنتي إلى حيث تم احتجاز زوجي الذي كان ينزف من فخذه، وبعد أن دخلنا إلى ذلك المكان الموحش وكانت ابنتي متشبثة بي بقوة من شدة الخوف , هجم عليّ أحد العناصر و ضربني بأخمص السلاح ، بينما قام عنصر آخر بسحب ابنتي مني".
في لحظةٍ تتوقف فيها كلّ الأعصاب عن الإحساس، ويتوقف العقل عن التفكير لهول ما شاهده من أناسٍ امتهنوا الجريمة، بل عشقوا القتل، تتابع أسماء بدموع لا تتوقف: "سحب أحد الوحوش ابنتي ذات الاثنا عشر سنة و رماني عنصرين آخرين بجانب زوجي".
تكمل أسماء وهي تتأوه و تجهش ببكاءٍ شديد و دموعها تنهال على خديها كالسيل الغاضب: "بدأ أحد الوحوش يعتدي على ابنتي.......آآآآآه ....أمام عيني و عيني والدها المصاب بدأ يتحرش بها، إنهم حيوانات بصورة بشر ، مزق قسم من ملابسها و ابنتي تصرخ و تستغيث بنا و لم نستطع فعل شيء و البنادق مسلطة علينا".
تتابع أسماء والحرقة تلوع كبدها: "أخذت ابنتي حذاءها و رمت به وجه ابن الحرام ذاك , فغضب كثيراً و تناول سلاحه و أفرغه كاملاً بجسد ابنتي.....كاد قلبي يتوقف و أنا أرها مضرجة بدمائها كالطير الذبيح".
الخطب أكبر من أي كلماتٍ تحاول وصفه ، تعود أسماء بذاكرتها لتتابع قصة زوجها: "بدأ أحد العناصر بنزع ملابس زوجي وأخذ يشتمني ويشتمه بأبشع الكلمات، وبعد أن أصبح زوجي عارياً، قطعوا عضوه الذكري بحرابهم , أخذ ينزف بشدة و بدأ ينتفض ليفارق الحياة على الفور، وبعد أن قتلوا ابنتي و زوجي أطلقوني".
اتجهت أسماء نحو مواقع الجيش السوري , المصيبة جعلتها هائمة على وجهها , مصدومة بشدة حتى أنّها لم تكن تستطيع الحديث. بعد دقائق من وصولها انهارت بشكل كامل ليتم نقلها إلى المستشفى و بعد أن تحسنت أحوالها انتقلت إلى أحد المدارس المخصصة للمهجرين في حي الجميلية. جبهة الإنقاذ السورية