"بروفة ليوم الحشر" هو التعبير الأكثر دقة لما يعيشه الحلبيون منذ شهرين وحتى الآن، فلا ماء شرب يروي ظمأ الصائمين، ولا تيار كهربائي قد يرد بعضاً من حرارة شمس أبت إلا أن تشارك في رسم المشهد الذي لم يعد من عرق يتصبب لشدته.
قبل نحو شهرين قام مسلحون بتفجير نفق مفخخ قرب محطة سليمان الحلبي ما أدى إلى تضرر في شبكة المياه، انقطعت على إثرها مياه الشرب، ومنذ ذلك الحين لم تجد المياه سبيلاً إلى بيوت العطشى.
هي حلب عاصمة سوريا الاقتصادية عشطى، ما هو التعبير الأكثر قسوة الذي يمكن من خلاله وصف المشهد؟، وأية طبقة صوتية يجب استخدامها بعد أن بحّت الحناجر لتصل إلى آذان من يمكنه حل هذه المعضلة، فالإنسان محارب اليوم بما جعل الله منه كل شيء حي!!.
كثيرة هي الشكاوي التي يستقبلها تلفزيون الخبر يومياً، وكثيرة هي الدموع التي تذرفها أمهات تبكي عطش أبنائها، إحداهن قالت " أطفالي يصومون منذ شهرين"، وأخرى انقطع صوتها وهي تقول" أعاني من الديسك، ورغم ذلك أمشي مسافات طويلة لحمل بعض المياه".
وحاولت العديد من الفعاليات الأهلية التوسط لحل المشكلة، أو هذا ما صرحت به عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا ان ذلك لم يجدي أي نفع، كما حاول مسؤولو المياه إيجاد حلول إسعافية، أسعفت بعض الأحياء فقط.
مصدر أهلي اشار خلال حديثه لتلفزيون الخبر إلى ان مياه الشرب باتت مصدر رزق للمسلحين وبعض الوسطاء، الذين يقومون بإدخال كميات كبيرة من المازوت إلى محطة المياه بحجة تشغيل المضخات، التي لا تعمل منها سوى مضخة واحدة وبشكل متقطع، حيث يتم بيع الوقود، لتغدو المعادلة "النفط مقابل الماء".
ورغم أن مياه الشرب باتت "دجاجة تبيض ذهباً"، ورغم ان الحلبيين لا يقبلون بالابتزاز، وهم الذين صمدوا طيلة الحرب، وفترات الحصار، إلا أن محاولات "تمييع المشكلة، وصم الآذان عنها"، باتت تشكل هاجساً للجميع، فلسيت حلب هي التي تنام عطشى، وليست حلب التي تعلل نفسها بالسراب، هو حل جذري تطلبه الشهباء، هذه هي المعادلة ببساطة. المصدر : الخبر