يمتلك تنظيم الدولة الإسلامية -داعش- بالرقة، بحسب مراسل تحرير سوري أبو إبراهيم بالمدينة، سجناً داخل قبو مبنى المحافظة (..) ذات الغرف الضيقة، طول 18م وبعرض 3م والممتلئة بدورها بالمعتقلين اللذين اعتقلهم التنظيم ﻷسباب متعددة، معظمها مرتبط بشكل أو بآخر بمخالفة قوانين الدولة الإسلامية التي تصدرها بين الفينة والأخرى. لا مكان للنوم في تلك الغرف، وجبات الطعام الخفيفة التي يقوم ‘أبو يوسف’ سجان التنظيم بتوزيعها على المعتقلين، لا تُشبع، والأبواب تفتح مرة واحدة مساءً للدخول إلى الحمام. إضافةً لغرفة تعذيب مزودة بكرسي كهربائي وأدوات لتعليق المعتقلين في الهواء والعديد من السياط، تستخدم جميعها للتعذيب.
في سياق متصل، يقول محمد لتحرير سوري، أحد سكان الرقة، بأن الحكم تحت ظل الدولة الإسلامية “داعش” له محاسن وله مساوئ، والحكم تحت ظل الفصائل المسلحة أيضاً له محاسن ومساوئ. العيش بظل الفصائل المسلحة في سوريا مهما اختلفت تسمياتها ليس جيداً بالمطلق، فالدولة الإسلامية فيها العديد من المتسلطين إضافةً لانتهازيي المعارضة المسلحة. إلا أن الأمور كانت أفضل في الرقة عندما كانت تخضع لسيطرة كل من جبهة النصرة وحركة أحرار الشام.
وبرغم ذلك، يضيف محمد، “الحكم تحت ظل داعش سيء ولكن بوجهة نظري هو لا يزال أفضل من الحكم بظل النظام، لأن الكل يعرف بأن وجود داعش هنا مؤقت وليس دائم”.
ويصف لنا محمد أحد المواقف التي كان بها على تماس مباشر مع قوات التنظيم الإسلامي والتي تعرض على إثرها للاعتقال، حين اجتمع لديه عدداً من الأصحاب وكانوا يشربون “النرجيلة” داهم عدداً من التونسيين التابعين للتنظيم المنزل وقاموا باعتقال الجميع على رأسهم محمد، عدا مقعد أرادوا في البداية زجه بالسجن أيضاً، إلا أن تدخل أحد أفراد التنظيم، سعودي الجنسية، حال دون اعتقاله.
أيضاً قالت شهادات من داخل الرقة بأن التنظيم لا يتعامل مع النساء هناك، سوى اللواتي يمتنعن عن ارتداء ما يسمى باللباس الشرعي الذي فرضته الدولة الإسلامية، الأمر الذي يعد مخالفة واضحة للقوانين وقد يؤدي للاعتقال أحياناً. إلا أن الأمر الأكثر إثارة للغرابة هو مواظبة عناصر كثر من التنظيم على متابعة مباريات كأس العالم لكرة القدم، ومنعهم المدنيين من المتابعة بحجة أن المباريات تلهي عن ذكر الله حسب توصيفهم، لذا هي مخالفة للقوانين أيضاً. ففي المباراة الأولى لكأس العالم داهم جنود التنظيم المقاهي ومنعوا الأهالي من متابعة المباراة، في المباراة التي تلت قاموا بمداهمة المقاهي بأسلحتهم وصادروا شاشات العرض وأجهزة البث ومنعوا الأهالي من مشاهدة المباريات.
هذا وذكر لنا أبو إبراهيم بأن أهالي الرقة يشعرون بالسوء الشديد حيال فرض التنظيم للضرائب عليهم في حين يتقاضى عناصرهم رواتب شهرية قد تصل في بعض الأحيان إلى ما يقارب الألف دولار. حيث قامت داعش منذ فترة قصيرة بجمع “الزكاة” من محصول القمح بما يعادل 5 % من المحصول، أما المحال التجارية فقد فُرض على كل منها 3000 ل.س، وتختلف التسعيرة حسب المحل، موقعه والشارع الذي يقع فيه، بالإضافة لضريبة الماء.
ويضيف أبو إبراهيم: “في الرقة لا يمكنك أن تحدد مَن من بين عناصر التنظيم هو الأكثر ثراءً، فمعظمهم يمتلكون أجهزة إلكترونية حديثة من هواتف متنقلة وحواسيب متطورة ويأكلون طعاماً لا يتناوله معظم أهالي الرقة. وإذا قصدت المطاعم أو المقاهي ستجدها تعج بجنود التنظيم، بينما يعاني أهالي المدينة من الجوع والفقر، وعلى الفرد الواحد أن يقف ساعات طويلة خلف طوابير اطول ليحصل على وجبة طعام واحدة من المطبخ الإغاثي المُقام من عام 2011 من قبل صيدلي من أهالي المدينة. وفي المدينة تختلف معاملة عناصر التنظيم للأهالي ومعروف بأن العناصر التونسيين هم الأكثر تطرفاً وسوءاً بالمعاملة معنا، هم دوماً يتهموننا بالكفر ويعاملوننا بحقد، بينما تأتي معاملة العناصر سعوديي ومصريي الجنسية أكثر ليونة”.
في الأسواق وبوجود أعداد كبيرة من عناصر التنظيم، يُسمع أحياناً بعض العناصر وهم يتحدثون عن الأمير البغدادي، وإذا سُئلوا عمّا إذا كانوا قد رأوه من قبل، فيجيبون بالنفي,،”لا لم نشاهده” يقول عناصر التنظيم.
وبحديث مراسل تحرير سوري مع بعض أهالي الرقة، وصفوا الحب داخل المدينة بالممنوع، “انتهى الحب والعشق في المدينة حتى من كان يرغب بالزواج تأخر زواجه لعدم رؤيته من يرغب بالزواج منها، لا جامعات ولا معاهد ولا أي شيء من هذا القبيل. سبل التواصل شبه منقطعة” قال أحد الأهالي.
استمراراً بالحديث عن ظروف الحياة في الرقة بظل سيطرة عناصر التنظيم، قال أبو ابراهيم بأن الذي تدعيه داعش من جهاد ومحاربة للنظام ليس سوى بدعة واستيطان بحجة الجهاد، وبأن داعش لو كانت جدية فيما تدعيه لكانت قد هاجمت أحد فرق تمركز النظام التي لا تبعد عن الرقة سوى مئات الأمتار، فداعش وحسب أهالي المدينة لا عمل لها سوى محاربتهم كمدنيين وفرض قوانينها الخاصة عليهم بشكل قصري، القوانين الغير مفهومة لمعظم أهالي المدينة والتي كان آخرها واشدها غرابةً بأن قام التنظيم بإصدارا عقوبة الجلد 30 مرة بحق من يحتفظ بصور للنساء في هاتفه المحمول. قرار آخر صدر عن التنظيم اليوم 21 يونيو/حزيران أثار الاستغراب حيث دعى التنظيم عبر مآذن المساجد أصحاب المحال التجارية إلى وضع سعر البضاعة عليها بخط واضح وكبير مهما كان نوعها وكتابتها بالارقام العربية حصراً، إضافة لطلب التنظيم من مسؤولي الإغاثة لإحصاء من يُعرف بأنه لا يصلي من السكان ليتم سحب اسمه من قائمة مستحقي الزكاة. “من يريد الجهاد وإنشاء دولة إسلامية فعلاً عليه أن يكون على علم بأمور الدين وتشريعاته، الأمر الذي يفتقر إليه عناصر التنظيم سواءً العرب منهم أم الأجانب”. أضاف أبو إبراهيم.
وعندما سألنا أحد عناصر داعش عن سبب مرافقة عوائلهم لهم إلى الرقة بما أنهم “مجاهدين” حسب ادعائاتهم، فما هو دور تلك العوائل من هذه العملية الجهادية ؟ قال أحد عناصر التنظيم لنا “أنا انسان يا أخي ولدي غرائز ويجب أن أقضيها بالحلال فالزوجة يجب أن ترافقني والأولاد يحتاجون أمهم للرعاية، إضافة لدور النساء المهم بالتنظيف وتحضير الطعام”.