سقوط للطائرة الروسية أم سقوط للمشروع الصهيوني في سوريا؟
يبدو العدوان الصهيوني الاخير على اللاذقية وما ترافق معه من حادث سقوط الطائرة الروسية، حلقة في مسلسل عدم استيعاب “اسرائيل” للأوضاع والمستجدات الجديدة على الأرض والتي تتخذ عنواناً عريضاً يلخص الوضع وهو “توازن الرعب”.
وقد سبق وتناولنا في اكثر من موضع، ان الكيان الاسرائيلي لا يستطيع رؤية نهاية الحرب على سوريا بنتيجة تقول بانتصار محور المقاومة، وان امريكا لا تستطيع استيعاب هزيمة مشروعها دون اللجوء إلى وسائل عقابية وأخرى خفية والمضي في طريق الاستنزاف إلى آخر الشوط.
الا ان الحادث الاخير يعد أخطر تطور لانه بمثابة ايقاف لمرحلة عنوانها التنسيق لتجنب مواجهات مباشرة، والدخول لمرحلة جديدة تتجاوز حافة الهاوية وتدشن لصدام مباشر بين القوى الكبرى، وهو ما يعكس وصول الامور لمفصل يراه الصهانة حرجا ووجوديا.
وقبل الحديث عن بعض الملاحظات حول الحادث الاخير لا بد من ايراد بعض الاحتمالات:
الاحتمال الاول: من غير المعقول ان تضع “اسرائيل” نفسها في مواجهة مباشرة مع روسيا وهي تعلم مستجدات الاوضاع ومستجدات التوازنات، الا اذا كان هناك تنسيق مع امريكا والناتو وان العمل الاستفزازي مدبر ومقدمة مان لمواجهات مباشرة كانت بالامس القريب من المحظورات التي يراد تجنبها.
الاحتمال الثاني: هو اقدام “اسرائيل” على العدوان بشكل منفرد لتوريط القوى الكبرى في مواجهات مع روسيا بسبب الاسباب المشار اليها من رفض الكيان لنتائج الحرب وعدم تصورها وتصديقها لنهاياتها وبالتالي اشعال المنطقة.
الاحتمال الثالث: اقدام “اسرائيل” على العدوان واخطار الروس بالعملية في وقت حرج لا يتجاوز دقيقة واحدة كمغامرة، لضمان نجاح القصف، وعدم تصور “اسرائيل” ان العملية سينجم عنها سقوط للطائرة الروسية.
الاحتمال الرابع والاخير: ان تكون العملية الصهيونية مدبرة لاختبار قدرات الروس على المناورة ومدى سرعة استجابة الروس لتجنب الحوادث والمفاجآت.
وكملاحظات حول العدوان الاخير، فجدير هنا ان نذكر سياقه وما تسرب من تقارير سابقة وحالية لها علاقة بالاوضاع والتطورات، لعلها تساهم في التحليل والترجيح للاحتمالات المختلفة:
1ـ اتت العملية بعد اتفاق بوتين واردوغان حول ادلب وترحيب سوريا وايران بنتيجة الاتفاق، وهو ما ابطل خططا ومؤامرات حيكت حول أدلب، وهو ما عكر صفو امريكا والصهاينة واعداء سوريا، حيث تربصوا بعملية ادلب وكانوا يعدون الذرائع لعدوان جديد على سوريا.
2ـ لا بد من الاهتمام بما ذكره كبير محرري موقع veteranstoday، حيث قام بإعطاء أحد أسباب الهجوم الإسرائيلي، ذاكرا انه قد تم القبض على عناصر إسرائيلية تابعة للأجهزة الأمنية داخل إدلب، ساهمت في خطف الأطفال الذين تم قتلهم بعد ذلك لتصوير هجوم بالغاز الوهمي لإعطاء ترامب مبررًا لبدء حرب لإنقاذ نفسه من شهادة مانفورت.
وقد نشر الموقع مقال للصحفية فانيسا بيلي حول هذا الموضوع ، كانت قد أجرت مقابلة مع آباء أحد الأطفال الذين قام بخطفهم المختطفون الإسرائيليون.
3ـ في ختام تقرير على موقع “ديبكا” الاستخباراتي الصهيوني عن الحادث الاخير جاء ما يلي: “وقع هذا الحادث بالضبط بعد 45 عاما من اليوم الذي أعقبه منح الاتحاد السوفياتي لمصر وسوريا ضوءا أخضر لجيوشهما لمهاجمة “إسرائيل”، وبالتالي إطلاق حرب يوم الغفران عام 1973.
4ـ هناك استعدادات جدية امريكية للمواجهة وخاصة في القوات الجوية، وقد نشر تقرير حديث لـ”فورين بوليسي” ان القوات الجوية الأمريكية حددت أنها ستحتاج إلى زيادة بنسبة 25٪ تقريبًا في الاسراب المقاتلة من أجل دعم حرب كبيرة مع قوة عظمى أخرى مثل الصين أو روسيا ، مما يشير إلى أكبر زيادة محتملة في القوة الجوية للولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة.
وقالت وزيرة القوة الجوية هيذر ويلسون إن الخدمة تريد أن تنمو إلى 386 سربًا تشغيليًا بحلول عام 2025-2030 ، مقارنة بـ 312 سربًا لها اليوم.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي 2017 قال تقرير لفورين بوليسي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ، قامت القوات الجوية الأمريكية بتشغيل سرب سري، يُطلق عليه اسم “النسر الأحمر”، والذي طار بالطائرات السوفييتية لتدريب الطيارين الأمريكيين لمحاربة الخصوم المحتملين. وقد تم حل هذا السرب في عام 1990 ، ومع ذلك نقلت طائراته المتبقية إلى سرب اختبار أصغر، في حين تم حل “النسر الأحمر”، لم تعد الحاجة إلى تشغيل طائرات أجنبية كجزء من سرب المعتدي. ومع التقدم الأخير في القدرات الروسية، والموقف الأكثر عدوانية بعد غزو الكرملين لأوكرانيا عام 2014، أصبحت الحاجة اليوم أكبر من أي وقت مضى منذ تفكك الاتحاد السوفياتي.
ونتيجة لذلك، أعلنت القيادة الجوية القتالية التابعة للقوات الجوية في العام الماضي أنها ستستكشف استخدام أسطول من الطائرات التي يملكها المتعاقد أو يشغلها للتحليق بالطائرات المعروفة باسم “هواء الخصم”.
5 ـ اختتام اجتماع الجمعة في مدينة جنيف السويسرية، حول الملف السوري بمشاركة مسؤولين من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة ومصر والأردن والسعودية، فضلًا عن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وما تمخض عنه من شروط تعجيزية تفشل الحلول السياسية.
وبعد هذه الملاحظات والمعطيات يمكننا ان نستنتج ان الصهاينة ماضون في الاستفزاز أما بدون عقل والى مزيد من التورط في سياسات لا عقلانية، وأما بتدبير مشترك مع امريكا والناتو لإبقاء حالة لتصعيد سعياً للاستنزاف والوصول لتسويات لا تصب في صالح المقاومة، وهي مغامرات غير مضمونة العواقب قد تؤدي الى مجازفات تشعل المنطقة وقد تتبرأ منها قوى كبرى، وفي جميع الحالات فهي هزيمة للصهاينة طالما لم تقدم ولن تقدم المقاومة تنازلات تمس بثوابتها. المصدر: العهد