جون ماكين، الذي لم يكن يطيق مجرد التفكير، بوجود الرئيس بشار الأسد وبثوابت دمشق، كان مستعداً لإحراق كل قشة تتبع لجماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط لأجل هذا الغرض، أي أن تتحول دمشق إلى عاصمة خليجية طرية تؤكل باردة، أو على الأقل نقلها إلى أفغانستان أو أي شيء آخر، المهم أن تظهر العاصمة السورية بلا الأسد أمام شرق أوسط جديد وصفقة القرن. كان ماكين جدياً للغاية ولم يكن يلعب، وهو ليس مجرد واحد من صقور الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأميركية، وليس أحد منظري الحروب البعيدة والعاملين على مدها بكل ما يتطلبه الأمر، الأهم من ذلك كله أنه واحد من أكثر ما يعرفون تماماً ما الذي تعنيه دمشق بوجود الأسد، وأن لا شيء "إسرائيلياً" يمكن تمريره على الطاولة أو من تحتها أو من أي مكان طالما أن سورية لم تلبس ما يفصله الخياط الأميركي في البيت الأبيض. مات جون ماكين ولم يحظى برؤية حشود التواقيع تنهال على صفقة القرن، لماذا؟، أليس لأن التسخيف والغباء في التعاطي مع الملف السوري كانا مادتا خداع أساسيتان لإيقاف الترويج الغربي حول دمشق على قدميه في المنطقة، أكثر من هو مقتنع بأن دمشق هي العقبة الشرسة أمام سوق المشروع الأميركي بخصوص "إسرائيل" كان هو جون ماكين وأمثاله، لعله كان يبتسم بمكر حينما يتابع تلك التقارير الخليجية والتركية وهي تتحدث عن الحرب في سورية وتفسيرها، هو يريد ذلك وكتب كل حرف بخط يده وسمع ما يريد أن يسمعه، ثم توجه شخصياً إلى الشرق ليفتح كل المنافذ أمام أن تنهال كل السموم الأميركية في كؤوس العاصمة السورية وبغزارة، ما لم يشاهده فقط، دمشق وهي تسقط. دفع ماكين بنفوذ الولايات المتحدة في المنطقة كله إلى مهمة انتحارية، الهدف، أن يرحل الأسد وتتفتت دمشق إلى آلاف الشظايا، وبعدها، فلكل حادث حديث إسرائيلي وإسرائيلي فقط، وبالرغم من أنه كان طيراً جارحاً في قيادة الحروب إلا أنه لم يستطع القضاء على دمشق التي رفضت حتى أن تقيس على مقاس واشنطن وحسب على أقل تقدير، في تنازل أميركي لم يلقى أصداء موجبة على الأطلاق، ليلف الصداع رأسه ويثبت أصابعه تحت أنفه وهو ينظر بطرف عينه إلى هذا الجزء من العالم، حيث تدور الحرب على سورية. المصدر: breakingnews