يكاد النور الساطع الذي يبهر الأبصار يمنعنا عن أن نرى الأشياء لأننا نتجنبه .. ونغلق عيوننا لأن طوفان النور يغمر العيون فتغرق في ماء الضوء .. فهل جربتم الغرق في ماء الضوء ؟؟ انه الغرق في ماء الحقيقة الساطعة .. والخوذ البيضاء قصة من القصص التي لانجد حاجة للنظر فيها لمعرفة تفاصيلها لكثرة وضوحها كطوفان الضوء .. فهل نشعل شمعة في النهار لنراه؟؟ ولكن عندما لاترى العيون ضوء النهار يجب ان نفتحها ونقطر فيها ضوء النهار من أقلامنا كما نقطر الدواء في العين الرمداء ..
وطالما أن البعض لايرى في ضوء النهار حقيقة الخوذ البيضاء فليفتح عينيه لانني سأقطر له الضوء في أحداقه .. لأنه ان كان هناك من فضل لقصة الخوذ البيضاء المخزية فهي انها تحولت الى قرينة من القرائن الساطعة التي تكشف احدى أقذر الطرق التي يتستر بها الاستعمار الجديد .. لأن الخوذ البيضاء هي من ذات النبع الذي نبعت منه كل منظمات حقوق الانسان والعفو الدولية ومجلس حقوق الانسان وكل مجالس ومنظمات الحفظ على السلم الدولي ومنع انتشار الاسلحة الكيمياوية والنووية .. باختصار شديد الخوذ البيضاء تحكي حكاية الامم المتحدة .. وتقول لنا ان حيلة المنظمات الحنونة صارت حيلة مكشوفة وعلينا ان نهديها كلها خوذا بيضاء .. من مجلس حقوق الانسان الى الأمين العام للأمم المتحدة ..
الاستعمار القديم انتهى منذ ان اسقطته المواجهة مع ألمانيا .. ولذلك تغير شكل السيطرة على العالم .. فمن الاستيلاء الوقح على الشعوب والدول الى عملية احتيال وارتداء أقنعة تنكرية جميلة ..
كلما أراد الاستعمار نهش بلد أطلق عليه اصحاب الايادي البيضاء او القمصان البيضاء او الخوذ البيضاء .. مرة يرسل أطباء بلا حدود ومرة يرسل ممثلين من استوديوهات هوليوود ومرة البنك الدولي .. ومرة يبعث بمفتشين محايدين عن الأسلحة .. ومرة يخرج علينا بتقرير عن محكمة الجنايات الدولية .. مرة يصدر نشرة حزينة من منظمة العفو الدولية عن سجن صيدنايا .. ولكن الحقيقة هي أن هذه المنظمات كلها منظمات ارهابية تعمل لحساب الاستخبارات في أحقر وسيلة تضليل للرأي العام في الأرض .. لأن أي تقرير لتحريض الناس على دولة او نظام او شخصية او جيش لايكون مقنعا اذا صدر باسم دولة غربية معروفة بتاريخها الدموي والاستعماري .. ولكن عندما يلبس ذات التقرير اسما وعنوانا انسانيا ويحمل شعار منظمة دولية يصبح في نظر الناس تقريرا موضوعيا ومحايدا ولاداعي للشك فيه .. فمحمكمة الحريري مثلا – التي هي في الأصل محكمة اسرائيلية – كان من الصعب اقناع الناس انها مسيسة لأن غطاءها (دولي) ومن الصعب ان تتآمر الدول على اخفاء الحقيقة .. وكذلك كانت تقارير المجازر في سورية تصدرها منظمات دولية .. وفي حادثة الكيماوي في الغوطة عجزت عن اقناع محدثتي السويسرية عن ان القضية ملفقة .. واكتفت بالقول وهي تبتسم: “”ولكن التقرير صدر عن منظمات تابعة للامم المتحدة .. عليك ألا تنحاز لعواطفك .. الحقيقة هي ان الجيش السوري قتل المدنيين بالكيماوي ولولا ذلك لما تورطت منظمات دولية في اتهام الرئيس السوري .. فما مصلحتها ؟؟ لاهي "اسرائيل" ولاهي اميريكا .. بل هي العالم كله”” .. وعندها عرفت لماذا تصر دول الغرب على ان تصمم منظمات لانهاية لها تحت شعارات انسانية او أممية ..
الخوذ البيضاء لم تفعل شيئا واحدا أبيض كما نعلم .. وهي لم تكن حيادية لأنها لم تظهر في اي مكان تعرض السوريون فيه لهجمات المسلحين رغم عشرات آلاف الهجمات على مناطق الدولة .. ولم تظهر خوذة واحدة في أي مكان قصفه الامريكيون لا في الرقة ولا حلب وأريافها .. ولا عند الاكراد الذين قصفهم الجيش التركي رغم انهم على بعد أمتار من القصف التركي والأمريكي .. ولكن كل البراميل المتفجرة المزعومة كان ينتظرها دوما أصحاب الخوذ البيضاء .. وكل القنابل الروسية وحتى صواريخ كاليبر حيث سقطت تداعى الى مكان سقوطها أصحاب الخوذ البيضاء .. فما هذه الانتقائية التي لم يقع فيها اي خطأ واحد .. ماهذه الدقة في انتقاء الضحايا بسبب قصف سوري او روسي مزعوم .. لكن رغم كل هجمات "داعش" بين سورية والعراق .. والنصرة وجيش الاسلام وأميركا وبريطانيا وفرنسا فانها لم تظهر حتى في موقع قذيفة هاون او مدفع جهنم التي انهالت عشرات آلاف المرات على الحلبيين والدماشقة واهل اللاذقية وحمص ودرعا .. ولكن كل الغطاء الاعلامي كان تحت ذريعة انها انسانية المهمة تجاه الشعب السوري وانها تحظى بغطاء أممي ..
الخوذ البيضاء لم تكشف لي اي جديد لكن طريقة ظهورها ومكانه وتوقيته ليسبق كل التهديدات والقرارات الاممية ويمهد لصواريخ الكروز وطريقة سحبها في الليل يجب ان تكون منذ اليوم مرجعية لنا في نظرتنا لمنظمات الاحتيال الاممي والاستعماري .. ويجب أن تجعلنا نسأل بتحدّ ودون خجل او تردد جميع الذين يدافعون عن تقارير جميع المنظمات والهيئات المنبثقة عن نشاطات انسانية وأممية ولايشككون بنزاهتها لتبني وجهة نظرها .. لأنها كلها خوذ بيضاء مليئة بالدم .. واذا كان من عمل تعمله الخوذ البيضاء والمنظمات الشبيهة بها فهي انها منظمات جريمة منظمة .. اي تحضر الهدف ومسرح العمليات لتبرير ارتكاب أعمال حربية قذرة وجرائم حرب .. وهذا يجب ان يكون مرحعل لنا في قراءة وتفسير أي تقرير اممي او انساني وأي صورة تبثها جمعيات تحت أي اسم .. بل كلما زادت رقة الاسم ورهافته يجب ان نعرف ان مهمة الجريمة أفظع .. وكلما ازداد بياضها علينا وابيضّت راياتها وشعاراتها علينا ان نعلم ان مهمتها سوداء وقلبها اسود ..
ومافعله عناصر الخوذ البيضاء وكل أشباههم في جمعيات ومجالس الامم المتحدة له نفس الجذر والأساس .. ونفس الراعي والمؤسس .. ومافعله أصحاب الخوذ البيضاء في سورية لايختلف عما فعله يهوذا الاسخريوطي صاحب القبلة الأشهر في التاريخ .. وليس عندي شك ان يهوذا الاسخريوطي اما انه كان يرتدي خوذة بيضاء او أنه كان الملهم لفكرة منظمات دولية وانسانية وحقوقية وراقية تقبل الناس ولكنها قبلة يهوذا التي تسبق الصلب والقتل .. فما فعله يهوذا هو انه أظهر الحب الكبير للسيد المسيح أمام الجنود الرومان .. حب عظيم وقبلة رقيقة .. من صاحب أول قبلة بيضاء .. وأول خوذة بيضاء .. واليوم يتكاثر الاسخروطيون الامميون .. ولايزالون يمارسون ذات الجريمة .. ولايزالون يستحقون نفس مصير الاسخريوطي .. أينما ذهبوا .. ستلاحقهم اللعنات .. ويجب ان يكون القصاص منهم وملاحقتهم قانونيا وقضائيا في البلدان التي لجؤوا اليها حتى آخر يوم في حياتهم .. فالجريمة لا تسقط بالتقادم أو بالاختفاء في المنافي .. مثلهم مثل النازيين الذين لوحقوا حتى في أرذل العمر .. الدنيا ستتغير يوما في الغرب تجاه هؤلاء القتلة .. ويجب ان نحتفظ بملفاتهم للحظة ستأتي لاستعادتهم ولمحاكمتهم ولو بعد عشرين سنة ..
ان حكاية يهوذا الاسخريوطي هي حكاية خوذة بيضاء .. ولايستقيم الأمر الا ان ننهي الحكاية بنفس النهاية .. اما أن يصلب الاسخريوطي – صاحب الخوذة البيضاء – كما ذكر القرآن .. واما أن يشنق نفسه كما ذكر الانجيل .. المصدر: شام تايمز