يوم الجمعة الماضي ـ 8 حزيران/ يونيو 2018 ـ تحدث ما يسمى "المرصد السوري لحقوق الانسان" عن سيطرة تنظيم "داعش" على أجزاء من مدينة البو كمال في شرق سوريا والمحاذية للحدود العراقية بعد هجوم عنيف تخلله عشر عمليات انتحارية.
وبحسب مدير المرصد رامي عبدالرحمن فان الهجوم هو "أكبر هجوم للتنظيم على مدينة البوكمال منذ سيطرة قوات النظام وحلفائها عليها" ( تشرين الثاني/ نوفمبر 2017).
وبحسب المرصد ايضاً فقد بدأ "داعش" هجومه "بشن عشر عمليات انتحارية بينها أربع بسيارات مفخخة وستة انغماسيين" قبل أن يتمكن لاحقا من دخول المدينة والسيطرة على أجزاء منها. ويضيف المرصد بان معارك عنيفة تدور حاليا في وسط المدينة.
وفيما نفى الاعلام الحربي دخول "داعش" الى المدينة، فان الاسئلة التي تطرح نفسها تتعلق بقدرة "داعش" على شن تلك الهجمات، لا سيما أن مصادر الجيش السوري تتحدث عن ان عناصر "داعش" تنطلق من شرق النهر باتجاه غربه، أي من مناطق نفوذ التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية.
على أن هذه الدعم الاميركي الفاضح لـ"داعش" ليس الاول من نوعه، فقد حصلت اكبر عملية دعم اميركي لـ"داعش" في السادس عشر من شهر ايلول/ سبتمبر من العام 2016 عندما اغارت طائرات اميركية على قواعد للجيش السوري في جبل الثردة قرب مطار دير الزور ما ادى الى استشهاد عشرات الجنود وقيام "داعش" بشن هجوم على المنطقة واحتلالها.
وفي الحقيقة فان قدرة "داعش" على شن هجمات لا تنحصر فقط في منطقة البوكمال بل تتعداه ايضا الى حوض اليرموك حيث يتحصن "داعش" هناك محمياً من المنطقة العازلة (بشكل غير رسمي) التي فرضتها القوات الاميركية حول قاعدتها العسكرية في التنف.
ورغم ان قوات الاحتلال الاميركية اعلنت مرات عدة عن اطلاق عملية عسكرية في الشرق السوري ضد "داعش"، فان أي عملية عسكرية جدية لم تنطلق، بل ان ما يحصل عادة هو عكس المعلن عنه، فقد شن "داعش" منذ ايام ايضا هجوما في ريف دير الزور بعد قيام الطائرات الاميركية بالاغارة على اهداف للجيش السوري وحلفائه.
وما يثير الارتياب، ان قوات "قسد" المدعومة اميركيا كانت قد انهت وجود التنظيم كامل خط شرق الفرات باستثناء جيب صغير يقع مقابل البوكمال، ما جعل الكثيرين يستدلون بذلك على التعاون الوثيق بين "داعش" والقوات الاميركية، وان ذلك يشير الى ان واشنطن تطمح للسيطرة على البوكمال واخراج الجيش السوري منها عبر الاستفادة من وجود "داعش" في المنطقة. وبكلمة أخرى دفع "داعش" للسيطرة على البوكمال ومن ثم قيام "قسد" بدعم اميركي بالسيطرة عليها بعنوان محاربة "داعش".
ومهما يكن من أمر فان المناطق التي يسيطر عليها "داعش" في الأراضي السورية تنحصر في ثلاثة جيوب رئيسية:
الأول: في منطقة البادية بجوار بلدة السخنة ويمتد لغربي مغيزلة في ما يعرف بوادي حوران بجوار الحدود العراقية السورية غرب البوكمال بـ 15كم، وتزيد مساحته عن 2000 كم مربع، إلا أنه معزول ومطوق من قبل الجيش العربي السوري.
والثاني: يمتد شرق نهر الفرات، ويقع تحت حماية القوات الأمريكية التي تمنع الجيش السوري من القضاء عليه، ويمتد من شمال البوكمال باتجاه السبخة الطويلة إلى الغرب حتى بلدة مركدة وتقارب مساحته 3000كم مربع.
والثالث: في الجنوب السوري. وهي المنطقة التي تقع جنوب درعا والمعروفة باسم حوض اليرموك.
وفي هذه الجيوب الثلاثة، تسهر واشنطن على حماية وجود "داعش" فيها ما يمكن تشبيهه باستراتيجية تقول: "داعش" لي ومناطقها مناطقي. ومن هنا فلا غرابة ان تحافظ اميركا على وجود هذا الجيب الصغير على تخوم البوكمال، كما تحافظ عليه في حوض اليرموك فارضة خطوطا حمراء من الاقتراب منه. ولعل هذه الخطوط الحمراء الممتدة من حوض اليرموك الى اطراف البوكمال هي ما تشير اليه القيادة العسكرية الروسية من انه تصرف مريب من جهة واشنطن في دعم الجماعات الارهابية. المصدر: العهد