هكذا كانت المحاكم تحت سيطرة إرهابيي “جيش الإسلام” في دوما
لم تترك التنظيمات الإرهابية التي كانت تهيمن على حيوات الأهالي في الغوطة الشرقية بابا إلا وحطمته لتدخل عنوة إلى تفاصيل معيشتهم وتقض مضاجعهم وتنكل بهم بكل ما أتيح لها من وسائل البطش تحت مسميات عديدة وعناوين خادعة على مبدأ “كلمة حق أريد بها باطل”.
في مدينة دوما المحررة مؤخرا من بطش الإرهاب حيث كان إرهابيو “جيش الإسلام” يسيطرون على المدينة لعدة سنوات استغلوا خلالها منابر الجوامع “بيوت الله على الأرض” لفرض سطوتهم وترهيب الأهالي كما سخروا المحاكم القضائية بأبشع الصور لتعزيز سيطرتهم وبسط نفوذهم على المدينة وأهلها بما يخدم مشاريعهم الإرهابية وخطط مشغليهم في الخارج.
وبحسب شهادات عدد من أهالي مدينة دوما الذين التقتهم سانا اليوم خلال جولتها على محاكم المدينة التي كانت أنشأتها الدولة لخدمة مصالح أهالي المدينة جعل إرهابيو “جيش الإسلام” من هذه المحاكم قنوات قسرية لتمرير مصالحهم الدنيئة على حساب المدينة وأهلها بكل وسائل الترهيب من الخطف والسجن إلى التعذيب وإصدار الأحكام بعيدا عن القانون وبشريعة ما أنزل الله بها من سلطان.
ويقول أبو صبحي الصقلي والد ذاك الشاب الذي كان يعمل ويقيم في دمشق حتى قرر العودة الى مدينته عندما سنحت له الفرصة للاطمئنان على أهله إن إحدى المجموعات التابعة لتنظيم “جيش الإسلام” الإرهابي والشهيرة بكتيبة الـ 27 والموكل إليها مداهمة المنازل وملاحقة الشبان واعتقالهم ألقت القبض على ابنه بذريعة طرح بعض الأسئلة عليه وأعادته على الفور لتمضي الساعات والأيام والأشهر قبل أن يحصلوا على جواب شاف أفاد بأن ابنه مسجون في إحدى زنازين إرهابيي “جيش الإسلام “لتذهب كل محاولات الأب والعديد من وجهاء المدينة للوقوف على مصير هذا الشاب وإعادته إلى أسرته أدراج الرياح إلى أن جاء الخبر بأن ما يسمى قضاة المحكمة الجزائية التي أنشأها التنظيم التكفيري حكموا عليه بالإعدام الذي نفذ بالفعل خلال فترة قصيرة عبر إطلاق النار عليه وإردائه مضمخا بدمائه ليسلم إلى أمه وأبيه جثة هامدة دون أن يحصل أي من عائلته ومعارفه على أي جواب شاف عن حيثيات هذا الحكم الإرهابي الذي أصدره قضاة لا يملكون أي مؤهلات أكاديمية ولا شرعية.
ويضيف أبو صبحي بأنه فقد ولده لأسباب كيدية وقضايا ملفقة من تأليف وإخراج مجموعة من الحثالة قادتهم مصالح التنظيم الإرهابي ليكونوا قضاة يبتون في مصائر العباد.
من جهته وعلى المنوال ذاته تقريبا يسرد محمد البيطار حكايته المؤلمة وهو شاب من أبناء دوما لم يغادر مدينته منذ سيطرة إرهابيي “جيش الإسلام” عليها قبل سنوات ولأنه كان يعمل سابقا في إحدى مؤسسات الدولة ورفض المشاركة في ممارساتهم الإرهابية ألقي القبض عليه بذرائع واهية وسيناريوهات مفبركة ليحكم عليه من المحكمة ذاتها والقضاة أنفسهم بالإعدام أيضا إلا أنه نجا عدة مرات من تنفيذ الحكم لأسباب طارئة إلى أن بدأ الجيش العربي السوري عمليته العسكرية لتحرير الغوطة الشرقية من الإرهاب وتشتت شمل المجموعات الإرهابية ليكون لاحقا من الناجين بفضل دخول الجيش إلى المدينة وانقاذه مع من تم إنقاذهم.
خالد بلطهجي يقول إن شقيقه كان يعرف بجرأته ورفضه لممارسات إرهابيي “جيش الإسلام” بحقه وحق أهل المدينة وبأنه كان يجاهر بمواقفه الرافضة تلك وتفوه تحت ضغط الظروف القاسية والحياة المريرة التي يعيشها تحت سطوة هؤلاء ببضع كلمات تنضح بالتذمر من هؤلاء المجرمين وممارساتهم الإرهابية فالقي القبض عليه أيضا وغاب عن الوجود مع أحد جيرانه عدة أشهر في غياهب سجون وزنازين التنظيم التكفيري ليعودا مكفنين مع براءة اختراع جديدة من بدع خيال أولئك القضاة تفيد بأنهما تعرضا لجلطة قلبية أودت بهما.
وفي سياق متصل وخلال جولتها في المحكمتين المدنية والجزائية في مدينة دوما وثقت كاميرا سانا بعضا من جرائم إرهابيي “جيش الإسلام” في هاتين المحكمتين حيث أقدم هؤلاء الإرهابيون المعبؤون بالحقد والجهل بإحراق أكثر من 5 آلاف سجل من سجلات الكاتب بالعدل بما تعنيه من ضمان لمصالح وحقوق الأهالي في المدينة بالتوازي مع إصدارهم أوامر قضائية لم تشهد لها محاكم العالم مثيلا كإلغاء مهنة المحاماة ومنع أي كان من الدفاع عن أي متهم لإتاحة الفرصة أمام قضاة التنظيم التكفيري لإصدار الأحكام وفقا لمصالحهم وأهوائهم إضافة لابتداع قوانين جديدة ليس فيها من الشرعية من شيء تمكنهم من نقل الأملاك العقارية والعينية من جهة إلى أخرى ومن شخص لآخر.
هذا جانب واحد من المشهد المأساوي الذي كان في مدينة دوما وهي تحت سيطرة تنظيم “جيش الإسلام” التكفيري وغيره من التنظيمات الإرهابية التي دفعت بفعل ممارساتها الإرهابية أهالي المدينة الى التململ أولا ثم الانتفاض في وجه الإرهاب لاحقا والمجاهرة باستنجادهم برجال الجيش العربي السوري وعودة مؤسسات الدولة إلى مدينتهم.