تشيرُ المعلوماتُ إلى احتمالِ اشتعالِ غوطة دمشق الشرقيّة بالمعارك، بعدَ الأنباءِ التي نشرتها بعضُ وسائلِ الإعلامِ عن تعثّرِ المفاوضاتِ بين الحكومة السورية وما يسمى بـ فصيلِ “جيش الإسلام” الذي يسيطرُ على مدينةِ “دوما”، كبرى مناطق الغوطةِ وآخر المدنِ الخارجةِ عن سيطرةِ الحكومةِ السوريّة في ريفِها الشرقيّ القريب.
ويعتبرُ ملفُّ المخطوفين فيما يُعرفُ باسمِ “سجن التوبة” الذي أسّسهُ “جيشُ الإسلام” في مدينةِ دوما من أكثرِ الملفّاتِ تعقيداً خلالَ المرحلةِ الحاليّة، وتقولُ مصادرُ دمشقيّةٌ، إنَّ هذا الملفَّ سيزدادُ تعقيداً إذا ما عادت الغوطةُ للاشتعالِ مرّةً أُخرى، إلّا أنَّ حياةَ المخطوفين في هذا السّجنِ اليوميّة تبقى الأكثر إثارةً للأسئلةِ، فما يزيدُ عن 4 آلافِ مدنيٍّ وفقاً للتقديراتِ الحكوميّةِ محتجزين في هذا السّجنِ.
بحسبِ مصدرٍ محلّيٍّ خاصٍّ بـ”وكالة أنباء آسيا”، فإنَّ “جيشَ الإسلام” المُشرف على السّجنِ، عزل الرجالَ عن النساءِ، فيما بَقِيَ أطفالهم خارجَ السّجنِ تحتَ إشرافِ عوائل من سكّانِ دوما، ويُؤكّدُ المصدرُ نفسهُ أنَّ عدداً كبيراً من الذكورِ الذين كانوا أطفالاً حين اعتقالِهم مع ذويهم، باتوا مجنّدينَ في صفوفِ “جيشِ الإسلام” بعد أنْ بلغوا سنَّ السّادسة عشرة، فيما زُوِّجت الفتياتُ اللّواتي بلغنَ السّنَّ نفسه لشبّانٍ من سكّانِ المدينةِ.
المعلوماتِ التي لمْ تتمكّن “وكالة أنباء آسيا” من التحقّقِ منها من مصدرٍ مستقلّ، ينقلُها المصدرُ عن إحدى قريباتِهِ التي كانت معتقلةً في السّجنِ نفسه وخرجت قبلَ نحو عامٍ ضمنَ إحدى الصّفقاتِ التي عقدتها “الحكومةِ السّوريّة” مع الفصائلِ المسلّحة في أوقاتٍ مُتباعِدة، إذ يقولُ المصدرُ: “كانَ يُسمحُ للمخطوفين بالتواصلِ مع ذويهم عبر الهاتفِ مرّةً بالشهر، وكانَ يُسمحُ بوصولِ الطعامِ إليهم من ذويهم عبر لجانِ المصالحة، إلّا أنَّ هذهِ المواد تصلُ أحياناً تالفةً بسببِ التأخّرِ بتسليمِها”، موضّحاً أنَّ “الحصولَ على الطعامِ كان مقابل العمل، ففي حين أنَّ عدداً كبيراً من النسوةِ المخطوفاتِ كُنَّ يعملنَ في تنظيفِ البيوتِ ومقرّاتِ “جيش الإسلام”، فإنَّ الرجالَ كانوا يعملونَ في بناءِ التحصيناتِ وحفرِ الأنفاقِ مقابل الحصولِ على الطعام”.
وبحسبِ المصدرِ نفسه، فإنَّ المسلّحين من غيرِ السّوريّين، كانوا أقلّ تشدّداً في معاملةِ المخطوفين من أقرانِهم السّوريّين، كما أنَّ معاملةَ المخطوفينَ كانت بحسبِ وضعِهم المادّيّ و”الواسطة” التي قد تكونُ من أحدِ سكّانِ دوما نفسها، فبعضُ المخطوفين كانوا خارجَ “سجن التوبة”، في مقرّاتِ جيش الإسلام الأقل قسوةً من حيثِ الظروفِ المعاشيّة.
ويروي المصدرُ تفصيلاتٍ عن حياةِ المخطوفين داخلَ سجنِ التوبة، إذ يؤكّدُ أنَّ كاملَ الموجودينَ كانوا مُلزمينَ بحفظِ القرآنِ والصلاة والصيام، بما في ذلكَ أتباع الديانةِ المسيحيّة، وعدم الصيام أو الصلاة يعرّضُ المُخالِف لعقوباتٍ جسديّةٍ قاسية، أهونها الاعتقال في زنزانةٍ مُنفرِدة.
وتُشيرُ “وكالة أنباء آسيا”، إلى أنّها لمْ تتمكّن من التحقّقِ من المعلوماتِ من مصدرٍ مُحايد، إلّا أنَّ معلوماتٍ مُتقاطعةً تؤكّدُ أنَّ التوصّلَ إلى اتّفاقٍ خاصٍّ بملفِّ “المخطوفينَ في سجنِ التوبة”، سيكونُ من أضخمِ الملفّاتِ الإنسانيّةِ التي شَهِدَتها الحرب الدائرة في سورية، وتبقى كاملُ الاحتمالاتِ مرجّحةً حولَ هذا الملفّ إلى أنْ تتكشّفَ مسار المفاوضاتِ الدائرةِ حولَ تسليمِ “جيش الإسلام” لمدينةِ دوما أو نيّته العودة للقتالِ مرّةً أُخرى. المصدر: انباء اسيا