شبّان دير الزور بين موتين .. “داعش” يفرض التجنيد الإجباري
في إجراء غير مسبوق، أعلن تنظيم "داعش" عن حملة تجنيد إجباري في المناطق التي يسيطر عليها في دير الزور وريفها، مما أجج مخاوف السكان.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى ريفي دير الزور الغربي والجنوبي، إذ يشهد الغربي تقدماً لقوات الجيش السوري من ريف الرقة الشرقي نحو مركز المدينة بوتيرة متسارعة، بينما يرجح أن يشهد الريف الجنوبي الإعلان عن انطلاق معارك سيقودها فصيل “جيش مغاوير الثورة” المدعوم أمريكياً.
وكان تنظيم "داعش" أعلن عن افتتاح "مكتب المُستنفرين"، الخميس الماضي، داعياً الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20-30 سنة للالتحاق بحملة "النفير الإلزامي".
وجاء في البيان الذي اطلعت عليه “صدى الشام” أن التنظيم أمهل الشباب مدة أسبوع واحد للالتحاق بمكاتبه العسكرية، مُلوّحاً بعقوبات ستطال المتخلفين، من بينها المساءلة والمحاسبة والتعزير، وانتهاءً بالسوق الإلزامي.
دلالات اعتبر ناشطون أن قرار التنظيم هذا يمثل دليلاً على "وضع متأزم يعيشه التنظيم نتج عن خسائر متتالية في صفوف قواته، خلال معركة الموصل والرقة وما قبلها".
ويحاول التنظيم حشد أكبر عدد ممكن من القوات استعداداً للمعارك القادمة مع االجيش السوري في المحاور الغربية لدير الزور، ومع فصائل متحالفة مع الولايات المتحدة من الشمال والجنوب.
ويسيطر النظام على أحياء محاصرة من قبل التنظيم داخل مركز مدينة ديرالزور، وتتقدم قواته من الجنوب والشرق في الريف، بينما تتواجد “قوات سوريا الديمقراطية” شمالي المدينة، في الوقت الذي لا يستبعد فيه بعض المراقبين تحركاً من “الحشد الشعبي العراقي” من الجهة الشرقية.
ترهيب يقول المسؤول الإعلامي في مكتب دير الزور الإعلامي الموحد، أحمد عطرة، لـ”صدى الشام”، “معلوم أن التنظيم كان يتبع الأساليب الناعمة لكي يحمل الشباب على الالتحاق بصفوفه، أي الترغيب لاستقطاب أكبر عدد ممكن من خلال المكاتب الدعوية أو بالمال”، على حد قوله.
ويضيف عطرة: “لكن الآن جاء دور الترهيب تحت طائلة المساءلة، وذلك بعد جملة الخسائر التي مُني بها التنظيم في الموصل وكذلك في الطبقة والرقة والبادية”.
أما مدير مرصد “العدالة من أجل الحياة”، الحقوقي جلال الحمد، فيرى أن “القرار سابقة في تعامل تنظيم "داعش" مع مسألة التجنيد”، واصفاً إياه بـ”الكارثي والخطير”، ويعتبر الحمد في حديثه لـ”صدى الشام” أن حالة الحصار الشديد المفروضة على المدينة “تجعل من تنفيذ القرار سهلاً”، ويردف “سيحاول من تبقى من الشباب الهروب، غير أن ذلك بات صعباً للغاية”.
أين المفرّ؟ من جهة ثانية، يرى أحمد عطرة، المسؤول الإعلامي في مكتب دير الزور الموحد أن القرار الصادر عن التنظيم “يضع شبان دير الزور بين موتين”.
ويوضح ذلك بالقول “إن المساءلة من قبل التنظيم تعني تنفيذ حكم الإعدام بحق المتخلف، وإن تنفيذ ذلك سهل فلطالما نفذه التنظيم بحق كثيرين بذرائع وتهم أصغر من تهمة التخلف عن القتال، ومن جهة ثانية سيتم وضع الشباب في الخطوط الأمامية للجبهات المشتعلة مع قوات الجيش السوري، ليواجهوا الموت المحقق أيضاً”.
من جانب آخر نوّه عطرة، إلى تخوف الأهالي من أن يتم استهداف المقرات العسكرية التابعة للتنظيم، والتي سيتم تجميع المجندين قسراً فيها لحضور”الدورات الشرعية” من قبل طائرات التحالف وروسيا، ما قد يؤدي إلى مجازر كبيرة، على حد تقديره.
تقويض للحالة المدنيّة يُعدّ فرض التنظيم للتجنيد الإجباري “انتحاراً للحالة المدينة في دير الزور”، بحسب الناشط السياسي والحقوقي، رامي عساف، الذي يشدّد على أنّ: “انعكاسات القرار وجودية على دير الزور وسكانها”.
واعتبر أن وضع مدينة دير الزور “مضعضع ما قبل القرار”، مرجحاً أن يؤدي قرار التجنيد الإجباري إلى تهجير القلة القليلة المتبقية داخل المدينة التي يتقاسم الجيش السوري والتنظيم السيطرة عليها.
وتابع عساف في تصريحات لـ”صدى الشام”: “لم يتبقّ في المدينة إلا العائلات الفقيرة التي ليس لها إلا معيل واحد (إن وُجد)”، واستدرك “وحتى هذه ستحاول البحث عن مخرج أيضاً، لأن القرار يدفع بالمعيلين الشبان إلى حتفهم”. المصدر: صدى الشام