سُرِقَتْ طفولتها.. قاصر سورية احتمت بالزواج من اللجوء في الأردن فكان هذا مصيرها!
خاطب وسيم، شاب، ولكنه غريب أيضاً.. أما الأغرب، فهو سن العروس التي لم تتجاوز الخامسة عشرة حين قبلت الزواج منه قبل عامين، تغيرت حياتها تماماً بعدهما.
والدا الفتاة، التي تبلغ الآن 17 عاماً، قررا أن يتحدثا -بخلاف الكثير من الآباء الذين يلتزمون الصمت في مواقف شبيهة- شريطة عدم ذكر أسمائهما. قالوا إنهما يريدان التحدث، أملاً أن يساعد ذلك آخرين على تجنب نفس الخطأ. شقيقة الفتاة الكبرى أيضاً تزوجت في سن المراهقة. وقالت الأم إنها كثيراً ما تشعر بالأسف من أجل ابنتها التي سُرقت طفولتها. تعود بداية الحكاية إلى العام 2012، عندما فرَّت الفتاة السورية من محافظة درعا السورية، مع والديها وأربعة أشقاء. استقرت العائلة في نهاية المطاف في بلدة صغيرة في محافظة المفرق الشمالية. تعتمد الأسرة على إعانات نقدية صغيرة وقسائم غذائية من وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى دخل الأب الذي يقل عن الحد الأدنى للأجور كعامل. بسبب خشية الآباء من تعرض أطفالهم للمضايقات، ولا سيما الفتيات، لم يلحقوهن بالمدارس المحلية، والتي عادة ما تكون مكتظة، لاستيعاب أعداد كبيرة من السوريين. في مثل هذه الظروف -الفتيات يجلسن في المنزل دون هدف- مما يجعل دافعهن للزواج يصبح أقوى. قضت الفتاة الشابة معظم وقتها في المنزل، تجتر الذكريات. لم تكن لديها صديقات، لأنها لم تكن تذهب إلى المدرسة ولم يسمح لها بمغادرة المنزل إلا مع والدتها، تمشياً مع التقاليد. على أية حال، لم يكن هناك أي شيء مسلٍ في بلدة صحراوية صغيرة. وقبل عامين، طلب شاب سوري يدها، بعد أن تحدث بعض الوسطاء إلى أهلها. وتحدث الوسيط عن الغريب، قائلاً إن لديه فرص عمل ويمكنه أن يتحمل نفقات أسرته. الفتاة، التي كانت في الخامسة عشرة في ذلك الوقت، قبلت. تقول "كنت أشعر بالملل والحزن. أردت أن أتزوج". قالت والدة الفتاة، التي كانت جالسة على وسادة أرضية في غرفة المعيشة في منزلها الصغير المستأجر: "عندما جئنا إلى هنا تعطلت حياتنا. لو بقينا في سوريا ما كنت لأسمح لها بالزواج في هذه السن". وقال الوالدان إن الشاب بدا غير ناضج، ولكن ابنتهما أصرت. عقد حفل الزفاف بعد شهر، وارتدت العروس ثوب الزفاف الأبيض. وأبرم عقد الزواج من قبل محامٍ سوري، وليس قاضياً في المحكمة الشرعية الأردنية، وهذا يعني أنه لا يعترف به رسمياً في الأردن. فالقانون المحلي يحدد الحد الأدنى لسن الزواج للفتيات في سن الثامنة عشرة، على الرغم من أن القضاة الأردنيين غالباً ما يسمحون باستثناءات للفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و17 سنة. زوجة برتبة خادمة! بعد الزواج، انتقلت الفتاة السورية إلى مدينة مختلفة مع زوجها، وسرعان ما تبخرت وعوده. انتقل الزوجان للعيش مع عشيرته، وتحولت الفتاة إلى خادمة، وفقاً لما قاله والداها. وقالت الفتاة إن زوجها العاطل عن العمل كان يضربها. وعلى الرغم من سوء المعاملة، قالت إنها كانت تريد أن تظل متزوجة، خوفاً من العار من الطلاق. أصرَّ والدها في نهاية المطاف على الطلاق، لينقذها مما كان يشعر بأنه وضع ضار. ليست هذه هي الحالة الوحيدة، فالأسباب التي حولتها إلى عروس طفلة أصبحت أكثر انتشاراً بين السوريات اللاتي يعشن في الأردن بسبب الحرب الأهلية التي دامت ست سنوات في الوطن. يتزايد عدد الأسر التي تتزوج بناتها لتخفيف العبء المالي، أو كسبيل لحماية "شرف" الفتيات اللواتي يعتبرن عرضة للخطر خارج وطنهن. الأرقام من تعداد السكان في الأردن توثق الزيادة المتوقعة منذ فترة طويلة للمرة الأولى. وفي عام 2015، شكلت العرائس اللاتي تتراوح أعمارهن بين 13 و 17 سنة ما يقرب من 44% من جميع الإناث السوريات في الأردن، اللاتي تزوجن في ذلك العام، مقابل 33% في عام 2010. مستقبل غامض بعد عودتها إلى بيت عائلتها، حضرت الفتاة التي تحولت لمطلقة في سن الـ17، لفترة وجيزة، برنامجاً غير رسمي للتعليم ودعم الأطفال، يدعى "مكاني"، تديره وكالة رعاية الطفولة التابعة للأمم المتحدة ومجموعات معاونة أخرى في مراكز في جميع أنحاء الأردن. وبدأت في تكوين صداقات، ولكنها عادت للوحدة مرة أخرى عندما جاءت مجموعة جديدة من الطلاب. وقال روبرت جنكينز، رئيس منظمة اليونيسف في الأردن، إنه عندما تتزوج الفتيات، غالباً ما يكون من الصعب جداً إعادتهن إلى التعليم. وأضاف: "إن خط الدفاع الأول المطلق هو الوقاية (من الزواج المبكر)"، مضيفاً أن الوكالة تحاول دعم الأسر والفتيات حتى لا يختاروا الزواج المبكر. لم تستبعد المطلقة الشابة الزواج في المستقبل. وقالت إنه من غير المرجح أن تعود إلى المدرسة، لأنها قد فاتها بالفعل خمس سنوات من التعليم. ومع ذلك، فإنها تفكر فيما كان يمكن أن تكون عليه الحال. تقول: "لو كنت قد واصلت تعليمي لكان أفضل لي". وقالت إن صدمة زواجها القصير جعلتها أضعف. الناس أكثر من احتمالنا ستتسرب المزيد من الفتيات السوريات من التعليم بسبب الزواج. وعادة ما يتزوجن من سوريين يكبرونهن بعدة سنوات، وغالباً ما يكونون بدون عمل ثابت- حلقة تساعد على إدامة الفقر. ومن المرجح أن يكون لديهن أطفال أكثر من اللائي يتزوجن في سن النضج، مما سيتسبب في زيادة معدل الخصوبة في الأردن. وقالت ميسون الزعبي، الأمين العام للمجلس الأعلى للسكان في الأردن: "هذا يعني أن لدينا المزيد من الناس، أكثر مما تستطيع الحكومة الأردنية تحمله". وقد استمدت الأرقام المتعلقة بالزواج المبكر من تعداد الأردن، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وتم تجميعها في دراسة جديدة. بلغ عدد السكان الذين يعيشون في الأردن 9.5 مليون نسمة، منهم 2.9 مليون من غير الأردنيين. من بين الأجانب 1.265 مليون سوري، أي ضعف عدد اللاجئين المسجلين في المملكة منذ اندلاع النزاع السوري في عام 2011. ويشمل السوريون الآخرون العمال المهاجرين الذين جاؤوا قبل الحرب، وأولئك الذين لم يسجلوا كلاجئين. وتشمل أرقام الزواج المبكر جميع السوريين في الأردن، وليس فقط اللاجئين المسجلين. وقد جاء الكثيرون من ريف جنوبي سوريا المتحفظ ثقافياً، حيث كانت الفتيات يتزوجن عادة في سن المراهقة. ومع ذلك، تظهر الدراسة ارتفاع معدل الزواج المبكر بين السوريين في المنفى أكثر منه في الوطن. المصدر : هاف بوست