شاهد رسالة من أطفال سوريا إلى العالم: "حدا يسمع، حدا يشوف ..."
وجه الأطفال في سوريا رسالة إلى العالم عبر أغنية حملت عنوان "دقة قلب" واختصرت المعاناة التي يعيشونها بعد 6 سنوات من الحرب.
انتهاكات جسيمة ضد الأطفال تفيد الأرقام الصادرة عن منظمة "اليونيسيف" لعام 2016 بأنَّ الأطفال في سوريا عُرضة للانتهاكات التي يفلت مرتكبوها من العقاب. وتطرح
بيانات المنظمة أرقاماً إلاَّ أنها ليست سوى غيضٍ من فيض لأنه من المرجح أن تكون الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير. فهناك 851 طفلاً على الأقل
تمَّ تجنيدهم واستخدامهم في الحرب الدائرة بالبلاد أي أكثر من ضعف العدد للعام 2015، فيما قتل 652 طفلاً على الأقل أي بارتفاع قدره 20%
عن العام 2015، وتعرض 647 طفلاً للإصابة بجراح أي بزيادة قدرها 25% عن العام 2015. كما أنَّ أكثر من 1.7 مليون طفل داخل
سوريا لا يذهبون إلى المدرسة، وواحدة من بين 3 مدارس لا يمكن استخدامها لأنها دمرت أو تضررت أو تأوي عائلات نازحة.
لم أرَ دماراً مشابهاً "غادرت سوريا بعد زيارة استمرت 3 أيام بمشاعر مزدوجة، الأولى كعامل في المجال الإنساني لـ 20 سنة لم أرَ طيلة حياتي هذا الحجم من الدمار في
البنية التحتية والنسيج الاجتماعي مثلما رأيته في المناطق السورية. والثانية، أنني لم أترك سوريا بمشاعر فاقدة للأمل، بل على العكس كنت مليئاً
بالأمل"، بهذه العبارة اختصر المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خيرت كابالاري زيارته إلى سوريا لبضعة أيام، عقدَ
بعدها مؤتمراً صحافياً في بيروت، عارضاً معاناة الأطفال جراء الوضع السوري بعد مرور 6 سنوات على الحرب الضروس.
"7000مدرسة لم تعدُ موجودة، دمّر بعضها أو استخدم من أطراف النزاع"، وفق كابالاري "وقفت بالقرب من مدرسة مدمرة في مدينة حلب، ولكن
المفرح أنَّ بالقرب منها بيوتاً جاهزة يذهب الأطفال إليها للدراسة. في عقلي، مجموعة من الصور في حمص أيضاً، حيث وقفت مجموعة من المسلحين
على جانبي الطريق، فيما شاهدنا أطفالاً يمرون حاملين حقائب دراسية وقد كتبَ عليها شعار اليونيسيف. بعد حديثي مع بعض الأطفال، أوصلَ لي هؤلاء
رسالة واضحة، الحرب يجب أن تتوقف! لم يفقد الأطفال الأمل وليسوا جيلاً ضائعاً، بل هم مفعمون بالأمل ويعوّلون على القيادات السياسية لإنهاء
الحرب". لا يرى كابالاري "مستقبلاً أسود لأطفال سوريا، ولكنَّ 6 سنوات من الحرب هي كثيرة لمئات آلاف الأطفال، فلنضغط على الساسة المتحاورين
للتوصل إلى اتفاق سلام يضعُ الأجندات السياسية والعسكرية جانباً، في مسعى لجعل المستقبل براقاً للأطفال وهم لن يخذلونا حتماً"
دقة قلب 6 سنوات مرَّت على الحرب في سوريا دفع ثمنها الأطفال، وفي خطوةٍ منهم وجهوا رسالة إلى العالم عبر أغنية حملت عنوان "دقة قلب" من تلحين
سفير اليونيسيف الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط زيد ديراني وكلمات جاد الرحباني. "معقول حدا يسمع، حدا يشوف، طفولتنا بتنادي!" تختصر معاناة
أطفال أجبروا على عيش مصير قاتمٍ. المغنية الرئيسية اسمها أنسام وهي طفلة سورية نازحة تبلغ من العمر10 أعوام، فاقدة للبصر منذ الولادة، وهي
واحدة من 3 ملايين طفل نازح في سوريا أجبروا على ترك بيوتهم بسبب الحرب. التصوير تمَّ في منطقة سورية تضررت جراء النزاع، وقد شاركها
في الفيديو أطفال نازحون آخرون لوَّنوا الأنقاض والحطام بألوان زاهية.
وعن كيفية تمكنه من إيصال المعاناة عبر الموسيقى على الرغم من أنه لم يعش الحرب ، قال ملحن الأغنية ديراني ، إنَّه "إذا أغمضتم عيناكم وتخيّلتم ما
يجري، ستشعرون حتماً بالمآسي والأوجاع. فكرة الأغنية جاءت من تفاعلي مع أبناء إخوتي ذات الـ 4 سنوات، والعام الواحد، أرى اللمعة في عيونهم،
فضولهم وحبهم للحياة، سألتُ نفسي ماذا لو كان هؤلاء الأطفال قد ولدوا في سوريا؟ هل كانوا سيواجهون الحرب والدمار! لذا، كان من السهل تأليف
اللحن لأنَّ خبرتي مع الموسيقى تؤكد أنَّ صدق المشاعر عابر للحدود" ووجه ديراني رسالة إلى أطفال سوريا والعالم بقوله "رسالتي إلى أطفال العالم، تشاركوا أحلامكم واستمروا في الأمل بمستقبل أفضل، ولأطفال
سوريا أقول صوتي مع صوتكم، وسنمضي قدماً حتى تنتهي الحرب". رسالة سلام من قلب الدمار بدوره، يشرح الشاعر جاد الرحباني بأنَّ "الكلمات كُتبت قبل تصوير الفيديو، الأغنية مكتوبة بالإسبانية وطلب مني زيد كتابة نسخة منها بالعربية،
الكتابة كانت سهلة فنحن نعيش العذاب والمعاناة، ومتأثرون بطريقة غير مباشرة. صحيح أنَّ الحرب ليست على أرضنا، ولكنَّ لبنان ليس بعيداً عن
الأجواء، نحن جيل عاش مرحلة صعبة شبيهة بتلك الجارية في سوريا حيث الدمار الإنساني والمادي أكبر. الأغنية خطوة نأمل في أن تُساهم بإيصال
رسالة علَّ من يسمع أو من يرى. يكفي العالم دماراً أمنياً وسياسياً، لا نعرف إلى أين سنصل! قد يسمع 1% من الناس رسالتنا ولكنْ يجب التحرك
الجدي ليس من أجل السياسة بل من أجل الناس، لكي نصل إلى سلامٍ نشعر ببوادره على الكرة الأرضية وليس فقط على نطاق سوريا". قد لا يتسنى لصوت أنسام أن يعيد إعمار ما دُمِّر، ولكنه حتماً ملهمٌ بأنْ لا نفقد الأمل بالمستقبل، فكل ما يطلبه الأطفال هو استعادة طفولتهم المسلوبة،
ووقف الحرب التي يحصدون نتائجها القاسية.
إن عام 2016 كان الأسوأ بالنسبة الى اطفال سوريا، اذ وصل التدهور إلى الحضيض 2.3 مليون طفل سوري لاجىء في تركيا ولبنان والأردن
والعراق ومصر، فيما 5.8 ملايين طفل بحاجة للمساعدات داخل سوريا، و2.8 مليون طفل يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها. وبالرغم من
كل الأهوال والمعاناة هناك قصص رائعة لأطفال وعائلات لديهم الإصرار على تحقيق آمالهم وتطلعاتهم من أجل مستقبل أفضل.