نهاية الطبخة: الإرهابيون المعتدلون ينضمون إلى تنظيم القاعدة
شاب الكثير من الخلط واللبس الاقتتال الدائر بين "المتمردين" في محافظة إدلب السورية، لكن الوضع بات يتضح الآن، بعد الحيل والخدع الأخرى مثل إعادة تسمية كل مجموعة، وهذه الخدع لم تنجح ولم تعد تنطلي على أحد، أخيراً كشف تنظيم القاعدة النقاب عن وجهه، ولم يعد يتخفى بين "المعارضين المعتدلين" لكن الآن (مرة أخرى) هناك جماعات يمكن تحديدها بوضوح –جماعات قريبة من تنظيم القاعدة اندمجت معه، بينما هناك مجموعات أخرى انشقت بكامل عدتها وعتادها وانضمت لتنظيم القاعدة.
"مجموعة الزنكي"، التي تحظى بدعم وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA وكانت تتلقى الأسلحة المضادة للدبابات من الولايات المتحدة ومن رعاتها الخليجيين، أيضاً جفش أو JFS وهو الاسم المختصر لجبهة فتح الشام، وكانت تُعرف سابقاً بجبهة النصرة، وهي المجموعة الرسمية لتنظيم القاعدة في سورية وأقوى مجموعة "متمردة" على الأرض، أبو جابر وهو الزعيم السابق لأحرار الشام وناقش طويلاً موضوع دمج المجموعتين، "أحرار الشام" وهي المجموعة التي كانت تحظى بدعم تركيا والولايات المتحدة الأميركية انشقت الآن رسمياً، وقد يكون القسم الأكبر منها الذي يخضع لقيادة أبو جابر قد انضم إلى تنظيم القاعدة.
المجموعة "الجديدة" هيئة تحرير الشام (HTS) ليست ائتلاف للمجموعات المختلفة لكنها مجموعة جديدة لتنظيم القاعدة على الأرض ذات قيادة موحدة وايديولوجية واحدة أيضاً، القائد العسكري الناطق باسمها هو أبو جابر بينما مؤسس تنظيم القاعدة في سورية أبو محمد الجولاني سيبقى في الخلفية كأمير عام على المجموعة بأسرها، ولهيئة تحرير الشام تحالف عسكري في إدلب مع مجموعة محلية صغيرة من تنظيم داعش –جند الأقصى- ويبدو الانضمام إليهم غير مريح "حتى الآن".
تجدر الإشارة إلى أن التشكيل الأخير الموسع لتنظيم القاعدة تحت الاسم الجديد "تحرير الشام" يُعد حتى الآن أكبر الكلاب "المتمردة" في مدينة إدلب -حيث يضم هذا التشكيل أكثر من سابقه 10000 مقاتل فعال، من بين جميع المجموعات الأخرى المنشقة عن "المعتدلين" يُعد أحرار الشام أكبرها على الإطلاق حيث يُقدر عدد مقاتليه بـ5000 مقاتل وترك بجانبه بعض المجموعات أو "الشظايا" (مثل الزنكي) التي انضمت بشكل رئيسي لتنظيم القاعدة، بينما لا يزال بعض أمراء الحرب المحليين وعصاباتهم الصغيرة حوله وهذه المجموعات ستواصل تلقيها الدعم من تركيا والولايات المتحدة، لكن لن يكون لديهم الفرصة ضد أي من التجمع الأكثر قوة من تنظيم القاعدة.
لقد ارتكب زعيم تنظيم القاعدة في سورية أبو محمد الجولاني خطأً فادحاً عندما شرع بالانشقاق العلني عن "المعتدلين" ولم يعد باستطاعة هذه المجموعة الآن التخفي عبر "الاندماج" مع "المعتدلين" المدعومين من الـ CIA، وعندما سيتم مهاجمتها من قبل الجيش السوري لن تستطيع الزعم والإدعاء بأنها ضحية، باعتبارها مجموعة إرهابية تم إدراجها على لائحة المنظمات الإرهابية من قبل الأمم المتحدة، لذلك هي لن تتلقى أي دعم خارجي ذو أهمية، حتى انها لا يمكنها الانتقال إلى وضع حرب العصابات لأن "الأسماك" لن تجد "المياه" للسباحة فيها، بمعنى آخر لن يكون بإمكان العصابات إيجاد مكان لهم بين السكان المحللين المتعاطفين معهم.
لقد أجادت الأيادي الروسية اللعبة التي بدأت بمؤتمر أستانة تماماً لهذا الهدف، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تعلن في عهد أوباما وكيري استحالة فصل القاعدة في سورية عن "المتمردين المعتدلين" الذين دعمتهم، إن مؤتمر أستانة وما تمخض عنه من نتائج يتجسد الآن في هذا الصراع المفتوح مع "المعتدلين" الذين حققوا الانفصال.
اما بالنسبة لباقي "المعتدلين" فلديهم الآن ثلاث خيارات فقط تتمثل، إما بالانضمام لتنظيم القاعدة أو الاستسلام للدولة السورية وحلفائها أو الفرار من البلاد، حفاظاً على حياتهم.
في هذه الأثناء هناك أخبار جيدة تأتي من العاصمة دمشق حيث استعاد الجيش السوري أخيراً عين الفيجة في وادي بردى الذي يزود دمشق بالمياه ويروي ظمأ 5،5 مليون شخص بمياه الشرب العذبة، هذه المياه التي حرموا منها بعد استيلاء التكفيريين عليها وتسميمها وإغلاق النبع منذ شهر ونصف، وبعد ثلاث اتفاقيات فاشلة سابقة وافق التكفيريون المهزومون على نقلهم إلى إدلب.