حرق حافلات الإجلاء من كفريا والفوعة أخزى مُشغلي "المعارضة المعتدلة"
بعد مرور خمس سنوات على الحرب المفروضة على سوريا، وبعد تبخر العناوين العريضة التي روج لها الغرب عن “الجيش السوري الحر” والمعارضة المعتدلة، وبعد هيمنة جماعات تكفيرية على راسها “داعش” وجبهة النصرة الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا، على مسرح العمليات العسكرية، تفتقت عبقرية المخابرات الغربية وعلى راسها الامريكية عن فكرة تمحورت حول اظهار “ذئابها” في سوريا كـ”حملان” ، يجب حمايتها ودعمها امام هجوم الجيش السوري وحلفائه.
لما كان من الصعب اظهار الذئاب الامريكية المفترسة كحملان، ودفعها للتنكر لطبيعتها الدموية، تفتقت العبقرية الغربية عن فكرة اخرى، تمثلت بتغيير لباس الجماعات التكفيرية وعناوينها، ليكون بالامكان اقناع الراي العالمي بوجود معارضة “معتدلة”، وهو ما حدث فعلا في يوم 28 تموز/ يوليو 2016 ، عندما ظهر زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الشام ابو محمد الجولاني، ليعلن عن فك ارتباط جماعته بالقاعدة الام بزعامة ايمن الظواهري، وتغيير اسم جماعته من “جبهة النصرة” الى “جبهة فتح الشام”، وعلى الفور بدات الامبراطوريات الاعلامية التابعة الممولة خليجيا، بتسويق الفكرة، وتقديم “جبهة فتح الشام” على انها جماعة سلفية جهادية، تعمل جنبا الى جنب “الجهادية” الاخرى، ضد الجيش السوري.
الجولاني اعتبر قراره، بفك ارتباط “جبهة النصرة” عن تنظيم القاعدة، انه جاء: “لسد ذرائع المجتمع الدولي وعلى رأسهم الولايات المتحدة وروسيا بسبب قصفهم وتشريدهم لعامة المسلمين في الشام بحجة تنظيم القاعدة ”، بينما الحقيقة لم تكن كذلك، فالقرار جاء تنفيذا لاوامر صدرت من جهات دولية واقليمية راعية لـ”جبهة النصرة” والجماعات التكفيرية الاخرى في سوريا، لتسويقها على انها معارضة “معتدلة”، لتمهد بذلك الارضية لتسليحها وتقديم كل الدعم السياسي والمالي والاعلامي لها وبشكل علني، وهو ما تأكد بعد ان رفضت امريكا، رغم الاصرار الروسي، فرز الجماعات التكفيرية والمتطرفة عن “المعارضة المعتدلة.
اليوم وبعد التوصل الى اتفاق يقضي باجلاء مسلحي “جبهة النصرة” وجماعة “نور الدين الزنكي” و”احرار الشام، المحاصرين في جيب صغير في شرقي حلب، في مقابل اجلاء الجرحى والمصابين والمرضى من بلدتي كفريا والفوعة في ريف ادلب الشمالي، غلب طبع هذه الجماعات التكفيرية تطبعها، فارتكبت يوم الاحد 18 كانون الاول / ديسمبر فعلا شنيعا، يعكس دموية هذه الجماعات التي لا تعترف لا باتفاقيات ولا عهود لا مواثيق، ولا تتحلى بالحد الادنى من القيم الانسانية والاسلامية، ففي الوقت الذي كانت الحافلات تنتظر نقل مسلحي القاعدة وباقي التكفيريين من شرقي حلب، هجم العشرات من مسلحي القاعدة والجماعات التكفيرية الاخرى على الحافلات التي كانت بالقرب من بلدة الفوعة لنقل المصابين والجرحى وكبار السن والاطفال، فاعتدوا على 20 حافلة واضرموا النار في خمس منها واحترقت بشكل كامل، الامر الذي دفع الجيش السوري الى وقف العمل باتفاق اجلاء المسلحين من شرق حلب الى اشعار اخر.
الملفت ان مسلحي القاعدة قاموا بتصوير جريمتهم، وبثوا وقائعها في مقطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تعليقات لاشخاص لم تظهر صورهم، وهم يتوعدون باخراج “الروافض الـ..” جثثا هامدة من كفريا والفوعة، وانهم سيكررون فعلتهم هذه مع كل حافلة تأتي لاجلاء المرضى والجرحى من كفريا والفوعة.
الكلام الطائفي القبيح والوقح الذي تفوه به المسلحون في فيديو احراق الحافلات، لم يكشف اي جديد عن حقيقة هذه الجماعات التكفيرية الدموية، فهذه الحقيقة معروفة للقاصي والداني، وما قالوه لا يضيف اي معلومة جديدة في هذا الشان، الا انه أخزى مشغليهم، فالعالم الغربي الذي يقف اليوم “وقفة رجل واحد” الى جانب التكفيريين في حلب، كما هي فرنسا التي تحاول استصدار قرار اممي لارسال مراقبين دوليين الى حلب لـ”حماية اهلها من الجيش السوري”!! ، بينما الجيش السوري اعاد الحافلات التي كانت تنقل قادة وزعماء جبهة النصرة من شرق حلب، بعد ان انتهك المسلحون الاتفاق، عندما قاموا بتهريب اسلحة نوعية في الحافلات التي اقلتهم، واخذهم اسرى ومخطوفين معهم بالحافلات، للمساومة بهم مستقبلا، ولكن من دون التعرض للحافلات ومن دون التعرض لزعماء الارهابيين الذين كانوا على متن الحافلات، التزاما بالاتفاق، الامر الذي كشف عن الهوة الاخلاقية والانسانية التي تفصل بين الجيش السوري وحلفائه وبين الجماعات التكفيرية التي كانت تحرق الحافلات وتعتدي على السواق، وهي تُكبّر. المصدر : شفقنا