هكذا عملت المجموعات المسلحة في حلب الشرقية على تجوّيع المدنيين!
من لم يمت برصاص المسلحين كان يقتله الجوع واحتكار المسلحين للاغذية. هكذا كان حال المدنيين في احياء حلب الشرقية، بعد ان منعت المجموعات المسلحة بكافة اسمائها وتشكيلاتها وصول المساعدات الغذائية والطبية اليهم، ومصادرتها واحتكارها في مخازن ومستودعات خاصة بها.
بين سندان سياسة التجويع ومطرقة الارهاب والقهر، عاش اهالي احياء حلب الشرقية البالغ عددهم، بحسب احصائيات الامم المتحدة، حوالي 300 الف نسمة، في 60 حيا، وعانوا جميع صنوف الاستغلال من اجل لقمة العيش.. إذ حاولت المجموعات المسلحة تعويض النقص في عديد المسلحين بممارستها سياسة التجنيد مقابل الغذاء، في محاولة منها لتعويض النقص في عدد المقاتلين، سيما بعد الضربات المؤثرة التي نفذها الجيش السوري، واغلاق طريق الكاستلو، واطباق الحصار على المسلحين.. ومن أبرز تلك المجموعات تلك المنتمية إلى فصائل ”فاستقم كما امرت” و”الجبهة الشامية” و”جيش الفتح” و”نور الدين زنكي” وما يسمى بـ”غرفة فتح حلب”.
وبعد تقدم الجيش وسيطرته على الاحياء الشرقية لحلب، وخروج المدنيين من تلك الاحياء، بان ما يمكن تسميته كارثة على المستوى الانساني، فشهادات الناس الخارجين من داخل تلك الاحياء، تقشعر لها الابدان، والمستمع للاهالي، يعتقد لبرهة ان هؤلاء الناس كانوا في كابوس حقيقي، وان وصول الجيش السوري مثل الخلاص بالنسبة لهم.
احدى العائلات التي خرجت من باب الحديد، تحدثت عن احتكار المسلحين لافران الخبز التي كانت قد خفضت الى 3 افران فقط، تغطي حاجة سكان كل تلك الاحياء.. وبحسب محمد (39 عاماً) فقد كان عناصر من “الجبهة الشامية” يوزعون ربطة خبز تحتوي 6 ارغفة لكل عائلة لمدة ثلاثة ايام، أي بمعدل رغيف واحد لكل شخص خلال ثلاثة ايام، ويضيف محمد أن هذا التعامل كان منذ سيطرتهم على الاحياء الشرقية، رغم وصول كميات طحين من الدولة السورية عبرت الى تلك الاحياء عبر الهلال الاحمر السوري، مؤكدًا “كنا نشاهد نقل الطحين الى مستودعات الجبهة الشامية في باب الحديد، وتخزينها هناك بعد ادخالها من قبل الهلال الاحمر”.
وبحسب المعلومات الخاصة التي حصل عليها موقع العهد الاخباري، فإنه من المؤكد ان المسلحين في غرفة “فتح الشام”، كانوا يملكون مستودعات خاصة في منطقة اقيول وباب النصر والبياضة، يتم فيها تخزين الطعام القادم من المنظمات الانسانية والدولة السورية، وكانت توزع حصرا من قبل “أوكسفام ومنظمة القلب الكبير والجمعية الطبية الامريكية السورية وجمعية احسان”، حيث كان يتولى عبد الوهاب جسري من منظمة القلب الكبير، التنسيق داخل الاحياء الشرقية لاستلام المواد الغذائية بين المنظمات الانسانية والمجموعات المسلحة، ويساعده المدعو عبد الهادي حلابو. اما التنسيق المباشر كان يتم مع الإرهابي المدعو الشيخ جهاد البطوشي وهو مقرب من “جبهة النصرة”، وهذا الاخير كان يجبر الناس على الانضمام للمسلحين والقتال ضد الجيش السوري مقابل الحصول على الحصص الغذائية، بينما باقي المواد الغذائية كانت تسرب عبر تجار صغار ليصار الى بيعها في السوق باسعار خيالية، كانت اغلى بكثير من قدرة المدنيين على شرائها، في ظرف حرب واوضاع اقتصادية سيئة.
لبرهة من الزمن يمكن الاعتقاد ان هناك مبالغة وانه فعلا ربما لا يوجد مواد غذائية داخل الاحياء، خصوصا حي الجديدة.. لكن ما تم إيجاده لم يصل إلى ما وُجد في احياء حلب الغربية.. حيث احتوت المستودعات على كميات من المواد الغذائية والمعلبات بكل انواعها والطحين والسكر والارز وبكميات تكفي ليس فقط لعدة اشهر بل لاكثر من سنة. وفي حي باب النصر بالقرب من مصنع الافندي للثلج، عثر على اكثر من 5 مستودعات ضخمة كانت تخزن فيها المواد الغذائية التي تحتاج الى شروط خاصة بالتخزين، وكانت مجموعة ارهابية تطلق على نفسها اسم “كتائب الصفوة الاسلامية”، هي المسؤولة عن حماية هذه المخازن، بالاضافة الى مخازن اصغر منها كانت تحت امرة هذه المجموعة موجودة في منطقة القاطرجي والمواصلات القديمة.
لا يختلف اثنان على أن انهاء معاناة المدنيين في داخل احياء حلب الشرقية، كانت وما زالت تمثل اولوية للجيش السوري والحلفاء، وأن هذه الاولوية على المستوى الانساني هي الهدف الاسمى، حيث مثلت تلك المجموعات بممارساتها ابشع الجرائم التي يمكن ان تمر في التاريخ الانساني. المصدر: العهد