يخطئ كثيراً من يتصور أو يظن أن المجموعات الإرهابية المسلحة مثل "جبهة النصرة" و"جيش الفتح" ومن انضوى معهما سابقاً ولاحقاً في ظل التحديث والتطوير المستمرين لمنظومة الإرهاب في سياق المراهنات عليها من رعاتها وداعميها، يخطئ من يظن أن تقوم هذه المجموعات من وحي خيالها أو بوازع منها، بحرق مدينة حلب تحت شعار «ملحمة حلب» من دون أن تتلقى الإشارة من منتجيها ومشغليها للقيام بذلك،
إذ يستميت معسكر التآمر والإرهاب لتحرير جزء من منظومته الإرهابية المحاصر في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، ويسعى بشتى الطرق لتذخير الإرهابيين هناك، عدة وعتاداً وأفراداً، وفق حسابات مخطط المعسكر المذكور، في محاولة لفرض ما يشبه الطوق المضاد على القوات السورية وحلفائها ومحاصرتها والعمل على استنزافها.
وعلى ضوء الحرب الإعلامية غير المسبوقة على سورية وروسيا للتحريض والتشويه واتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، والتذرع بالمساعدات الإنسانية، واستناداً إلى تفاصيل المشهد الممتد من العراق إلى سورية، يمكن استلماح جوانب المخطط لمحاولة محاصرة الجيش السوري وحلفائه في حلب من خلال ما يلي:
1- إضافة عصابات إرهابية جديدة إلى ترسانة الإرهاب المعروفة (داعش والنصرة) ومن انضم إليهما، حيث أدخلت واشنطن المنتج والراعي الأول للإرهاب عصابة (نور الدين زنكي) و(أحرار الشام) وغيرهما التي وصل عددها إلى عشر عصابات بعد أن حظي إرهابها برضا واشنطن ومنحته صفة (الاعتدال) وهذا يدخل في سياق تطوير منظومة الإرهاب وترسانته لتكون قادرة على استنزاف وإسقاط الدولة السورية.
2- إطلاق الآلاف من الدواعش من مدينة الموصل نحو الرقة ودير الزور حيث يظهر من المشهد الحالي أن المعركة في الموصل هي لتحرير "داعش" وليس الموصل وسكانها من قبضة التنظيم الإرهابي، وبالتالي تحقيق الهدف الأميركي بإعادة احتلال تدمر، وهذا ما سيعزل سورية عن العراق من جهة، وسيكون إحدى الكماشات المطبقة على الجيش السوري وحلفائه من جهة أخرى، في الوقت الذي ستكون معركة الرقة تحت تصرف الولايات المتحدة وعملائها «من الأكراد وتركيا».
3- الإيعاز الأميركي إلى أردوغان بتوجيه قواته وإرهابيي "الجيش الحر" الذي تقوده الاستخبارات التركية نحو مدينة "الباب" الإستراتيجية، قبل أن يصل إليها الجيش السوري ويقطع الإمدادات من تركيا، بمعنى أن المخطط الأميركي التركي هو إحكام الحصار من جهة شمال حلب. وهذا كله اتفق عليه خلال زيارة "أشتون كارتر" الأخيرة إلى أنقرة والتنسيق مع أردوغان حيال خطط التدخل السافر في الشأن السوري.
لاشك بأن الهدف من كل ذلك، هو مَنْع سورية وحلفائها من الحسم في مدينة حلب وتحريرها من الإرهاب، وإعادة احتلال المناطق السورية المحررة.
من خلال ما تقدم يمكن الخروج بالاستنتاجات التالية: – السقوط الذريع لكذبة وبدعة "المعارضة المعتدلة"، فما تفعله أميركا وأدواتها، يعزز الإرهاب. – إن التذرع بالإنسانيات، وإظهار الخشية على المدنيين هما "كذبة إضافية" لستر الدعم العسكري الكبير الذي وصل للإرهابيين من بينه أسلحة متطورة وصواريخ مضادة للطيران محمولة على الكتف. – افتضاح الدور التركي الذي يلعب ويرقص على جميع الحبال، ويكشف الأطماع العثمانية المتجددة في العراق وسورية كما أفصح عنها أردوغان، إذ إن تذرعه بمنع قيام كيان كردي على الحدود مع تركيا، ما هو إلا حيلة لخداع موسكو وطهران تحديداً. – إن من يدمر حلب ويحرقها هم أصحاب ورعاة ومشغلو "ملحمة حلب" وداعموها، ولكن رغم كل ذلك، فإن قوة الإرادة لدى الجيش السوري وحلفائه وأصدقائه كفيلة بإفشال ما يخطط له معسكر التآمر والإرهاب. المصدر: الوطن السورية