كشف رهينة هولندي سابق ظل في قبضة تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا أكثر من عام؛ عن مشاهدات من داخل سجون الإرهابيين تعتبر الأكثر تفصيلًا حتى الآن حول أساليب وممارسات التنظيم.
وقضى المصور الهولندي دانيال راي (26 عامًا) أسوأ أيام حياته في قبضة التنظيم، موضحًا أن المسؤولين عن احتجازه كانوا 3 بريطانيين يعرفون بـ”الخنافس”، أخذوه ومعه هو آخرين محتجزين معصومة أعينهم، في أول يوم لهم لمشاهدة عملية إعدام، كانت لرجل متهم بالتجسس لصالح الغرب، بحسب صحيفة “ديلي ميل”.
وفي حين مضت السيارة بالمحتجزين داخل الصحراء، شرع الخنفس جورج يدندن مع أنشودة لداعش، وعند وصولهم، نزعت ضمادات العينين عن دانيال والآخرين، ووجدوا رجلاً جاثمًا على ركبتيه قرب حفرة، و يداه مربوطتان وعيناه معصوبتان، وفوجئ دانيال بأن التنظيم “لن يضع أصفادًا على رجل ميت”؛ حيث ربطت يدا الضحية بقطعة قماش فقط.
وأجبر عناصر داعش المحتجزين على حمل ورقة كتب عليها “لا أريد أن ينتهي المطاف بي مثله.. ادفعوا مليونين لتحريري”. وحذر جورج دانيال من أنهم سيطلقون النار عليه إذا “أفسد الأمر”، ثم نفذ الجهادي جون (محمد أموازي) عملية الإعدام، بإطلاق النار على الرجل في رأسه، فسقط في الحفرة، ثم سدد عليه 8 طلقات أخرى في صدره.
ورغم بشاعة المنظر، فإن دانيال وجد “راحة” في أن العملية تمت بسرعة، وأنها تمت بمسدس لا ذبحًا، كما توقع من حديث الإرهابيين في البداية. وفي طريق العودة، مال رينجو “أحد الخنافس” على أذن دانيال وقال له: “أتريد أن تعرف سرًّا؟ أنت التالي”. ومنذ احتجاز دانيال في مايو 2013، تعرض للتعذيب والاستجواب يوميًّا، وفي أحد الأيام دخل عليه “أبو هريرة” المعروف بأنه من أعتى حراس السجون في داعش، ونظر إلى رجل ملقى على أرضية الغرفة بلا حراك، وقال لدانيال: “هل أنت مستعد لي؟ بعد 24 ساعة ستصبح مثله”، ثم أمره برفع يديه للأعلى، وربط يديه المربوطتين أصلاً بأصفاد، بسلاسل حديدية؛ ما جعل جسده يتمدد بالكامل نحو السقف، ثم قاله له: “سأراك غدًا، قد تكون مستعدًّا للحديث عندها”.
وحاول دانيال الانتحار، إلا أن محاولته باءت بالفشل؛ الأمر الذي “أسعد” الإرهابيين؛ لأنهم بحاجة لضحايا ليبتزوا دولهم لدفع فدية لهم. وبعد 24 يومًا من الاحتجاز، وعندما وقف دانيال أمام مرآة للمرة الأولى منذ خطفه، وجد علامات سوداء حول عينيه، وعلامات السلاسل الحديدية حول رقبته ويديه، كما أصبح خداه غائرين، ونتأت عظامه من تحت جلده. وبحلول أكتوبر، انضم إلى دانيال أكثر من 12 رهينة من دول غربية، في القبو الذي احتجز فيه بحلب، وكان منهم الأميركي جيمس فولي، والبريطاني جون كانتيل.
وبحسب إفادات دانيال، كان ما يميز “الخنافس” أنهم دائمًا يرتدون أغطية وجه سوداء، وأحذية مناسبة للصحراء، وملابس عسكرية سوداء وخضراء. وكان جورج الأكثر عنفًا، ولا يمكن التنبؤ به. أما رينجو فمتحفظ، والجهادي جون مسؤول عن تنفيذ الإعدامات. وكان الإنذار عن وصول هذه المجموعة رائحة قوية للجسم، في كل مرة يحس السجناء بنفحة منها، تدبّ حالة من الذعر في أوساطهم.
سأل جورج: “من اشترى سيارتك القديمة؟”. وما كان دانيال ليحبذ سؤالاً في العالم أكثر من هذا؛ حيث كان بعث رسالة مشفرة إلى أهله، عبر رهينة محرر سابقًا، راجيًا أن يطلب والداه إجابة سؤال يتعلق بشيء بلون أخضر إذا كان سيطلق سراحه. ولسعادته، كان لون سيارته القديمة أخضر، واشتراها والداه، ما عنى أنهما مستعدان لدفع الفدية (وقدرها 1.5 مليون جنيه إسترليني). وما إن أعطى دانيال الجواب الصحيح، حتى قال له جورج: “حسنًا، بوسعك العودة إلى المنزل”.
عندها، غادر دانيال متنقلاً من سيارة إلى أخرى، من سوريا عبر الحدود التركية، وتم تسليمه للجنود هناك. وفي 20 يونيو 2014، عاد للدنمارك، ليكتب نهاية واحدة من أسوأ القصص التي يمكن أن يعيشها إنسان في حياته. المصدر: ليبانون ديبايت