لم يكن اليوم الأخير من كانون الثاني هادئاً على السوريين في دمشق ومحيطها، بعد استهداف بلدة السيّدة زينب بتفجيرات ضخمة راح ضحيّتها العشرات، فيما شهدت شوارع العاصمة سقوط دفعة من الرصاص المتفجّر. وبالرغم من إعلان وزارة الداخليّة السوريّة سقوط ٥٠ قتيلاً وإصابة 110 آخرين في ثلاثة تفجيرات تبنّاها تنظيم «داعش»، إلَّا أنَّ معلومات تشير إلى تجاوز عدد القتلى الـ٧٠، وسط ترجيحات بارتفاع الحصيلة، خصوصاً أنَّ حالة عدد كبير من الجرحى «حرجة ما يجعل عدد الشهداء قابلاً للارتفاع»، وفق وكالة «سانا». وفي تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم أمس، دخلت سيارة مفخّخة إلى منطقة كوع سودان في حي البحدلية، حيث يوجد حاجز عسكري وحافلة كانت تستعد لتقلّ عدداً من المقاتلين، قبل أن تقترب السيارة وتنفجر، ليتبعها تفجير انتحاريين نفسيهما بحزامين ناسفين عند تجمّع المدنيين عقب التفجير الأول، ما أسفر عن ارتفاع عدد الضحايا. وضربت القوى الأمنيّة طوقاً حول المنطقة مع بدء التحقيقات حول مصدر السيارة المفخّخة والاختراق الذي حصل في إحدى البلدات الأكثر اكتظاظاً بالسكان، بالرغم من قربها من مواقع ساخنة. وأعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» بعد ظهر يوم أمس، مسؤوليته عن التفجير. وجاء في البيان: «تمكّن جنديان من جنود الخلافة من تنفيذ عمليتين استشهاديتين على وكر للرافضة المشركين في منطقة السيدة زينب في دمشق، حاصدين نحو خمسين قتيلاً وقرابة المئة والعشرين جريحاً». وإلى جانب الخصوصية الدينية لبلدة السيدة زينب، تُعدّ المنطقة أحد أكثر المواقع الحاضنة للجيش السوري والقوات الرديفة. وتقع البلدة قرب طريق مطار دمشق الدولي (10 كيلومترات إلى الجنوب)، إلى جوار سلسلة من البلدات التي تشكل طوقاً حول الجهة الجنوبية من العاصمة حيث حجيرة وبويضة وسبينة وجميعها استعادها الجيش منذ ثلاث سنوات، كذلك بيت سحم والذيابية والحسينية، فيما تقع المنطقة الأكثر خطراً ضمن الحجر الأسود ومخيم اليرموك، وهي الجهة المتوقعة أن تكون مصدر الانتحاري والمفخخات، خصوصاً أنَّ الأسلوب هو ذاته الذي اتُبع في تفجيرات استهدفت حمص، سبق أن تبنّاها «داعش» الذي يسيطر على الحجر والمخيم جنوب دمشق. ومن المتوقّع أن يؤثّر التفجير الأخير على مصير ما تبقّى من مواقع سيطرة «داعش» في جنوب دمشق، لا سيما أنَّ اتّفاقاً كان قد أُنجز لخروج المسلحين وتسليم المواقع للحكومة، ولكن الاتفاق قد توقّف بسبب خلافات بين المقاتلين حول جهة الخروج، ما أدّى إلى تأجيل تنفيذه لتعود وتشهد الجبهة هدوءاً نسبياً قبل مقتل أمير التنظيم في الحجر الأسود برصاص «جبهة النصرة» قبل أيام، وهو ما أعاد السخونة وأجواء التوتّر في الحي، كما يأتي التفجير في السيدة زينب ليعيد خلط الأوراق في المنطقة من جديد. المشهد في قلب دمشق، لم يكن أفضل حالاً، إذ استُهدفت أحياء وسط العاصمة بعشرات الدفعات من الرصاص المتفجّر، لا سيما القصاع والعدوي وشارع بغداد، ما أدّى إلى ارتقاء فتى في الرابعة عشرة من عمره في حي المزرعة، في وقت شنّ الطيران الحربي عشرات الغارات على حي جوبر، تبيّن لاحقاً أنَّها كانت عمليّة إسناد لتقدّم برّي أسفر عن استعادة كتلتين سكنيتين في مدخل جوبر لجهة قطاع طيبة، وهو ما أقرّت به بعض «تنسيقيات» المعارضة بعد فترة هدوء نسبي في المنطقة، انعكست إيجاباً بتراجع قذائف الهاون والصواريخ في مختلف مناطق دمشق. المصدر: صحيفة السفير