لم يكد عناصر جماعة داعش الارهابية يثبتون مواقعهم بالقرب من مدينة تدمر وسط سوريا، حتى اضطروا لحمل ذخائرهم والانسحاب بعد معارك عنيفة وقصف جوي للجيش الذي استعاد المناطق التي سيطر عليها هؤلاء خلال الايام السابقة.
الجيش السوري خاض معارك عنيفة مع الارهابيين في مناطق العامرية والمدينة الاثرية والمزارع، حيث سقط اكثر من مئة وثلاثين قتيلا في صفوف داعش، في وقت شن الطيران الحربي غارات على حقل السهيل وسد الابيض مستهدفا رتلا مكونا من ثمانين الية للجماعة الارهابية. فيما استعادت القوات السورية سيطرتها على التلة المطلة على المدينة بعد انسحاب الارهابيين باتجاه بلدة السخنة على بعد ثمانين كيلومتر منها.
تدمر الاثرية والتي تعرف بعروس الصحراء والغنية باثارها التاريخية المصنفة ضمن التراث العالمي، لا تقتصر اهميتها على هذه الاطلال الشاهدة على عصور تاريخية مرت من هنا بل تشكل ايضا اهمية عسكرية استراتيجية جعلتها هدفا مهما لداعش.
فالسيطرة على تدمر بالنسبة لداعش تفتح الطريق امامها باتجاه كل من حمص والعاصمة دمشق والسيطرة على الطريق الدولية بينهما. كما تؤمن التحكم بخط الامداد الممتد الى دير الزور ومنها والقدرة على قطعه في وجه الجيش السوري. الاهمية الاخرى للمدينة تكمن ايضا في اكمال محور دير الزور الرقة الممتد الى ريفي حماه وحمص غربا والى محافظة الانبار العراقية شرقا حيث استقدمت تعزيزات في المعارك الاخيرة. يضاف لذلك فتح السيطرة على بلدة السخنة القريبة من تدمر الطريق امام داعش للوصول الى منطقة جبل الشاعر حيث حقول النفط والغاز.
وعليه فان استعادة القوات السورية سيطرتها على المدينة قطع الطريق امام تحقيق داعش هدفا استراتيجيا بالنسبة لها تبدأ ملامحه العامة بتشكيل طوق على الحدود الشمالية الى الداخل العراقي عبر الانبار باتجاه الوسط السوري، وصولا الى تفاصيله المتمثلة باعادة هيبة الجماعة الارهابية التي خفتت بعد سلسلة انتصارات للجيشين في العراق وسوريا، خاصة وان الهجوم على تدمر تزامن مع سيطرتها على مناطق عديدة في دير الزور السورية والرمادي العراقية.
ولا يخرج من دائرة انجاز استعادة الجيش السوري السيطرة على المدينة، انقاذها من مجزرة بحق التراث والفن حيث كانت قلاعها التي تروي عشرات القرون من التاريخ قاب قوسين او ادنى من مصير مثيلاتها في العراق.