لم تتمكن مدربة ناشئات نادي الجلاء لكرة السلة، نور أصلو، من الوصول إلى مقرّ ناديها لإجراء الحصّة التدريبيّة الأخيرة لمتدرباتها قبل موعد مباراتهم مع ناشئات فريق العروبة. رصاصة قناص كانت بانتظارها لترديها عبر إصابة دقيقة في القلب، فتخطف روح الرياضيّة الشابة. «قناص مزاجي يتسلّى بأرواح العابرين» بهذه العبارة يصف الكثير من السوريين الحال بعد حادثة نور التي أبت عائلتها إلا أن تودّع ابنتهم زملاءها ومتدرباتها في مقرّ النادي، حيث بدأت من هناك مراسم الجنازة، وحمل الأصدقاء جثمان الشهيدة إلى كنيسة الصليب التي امتلأت بالمحبين للصلاة لراحة روحها.
في اليوم التالي تحوّلت مراسم الجنازة التي شاركت فيها الأسرة الرياضية في حلب إلى احتفال وطني، حيث وحّد الحزن والأسى مشاعر الحاضرين، الذين كانت من بينهم ديانا عقاد، الحكم وعضو نادي الاتحاد، التي كانت آخر من تحدّث إلى نور، وقد قالت متذكرة بأسى: «كنا نمزح، وكانت تحاول معرفة من سيحكّم مباراتها المقبلة مع نادي العروبة. كانت شعلة من نشاط وحيوية، وتشعر بالأسى لعدم انتظام تدريبات لاعباتها، لكون ملعب النادي مكشوفاً». بدوره قال الإعلامي الرياضي خالد عثمان: «فقدنا لاعبة ومدربة واعدة، الإصرار على تدريب الفريق في هذه الظروف هو قمة العطاء والروح الرياضية النبيلة، عندما تتكلم معها تدخل القلب بدون استئذان، وعندما تتعامل معها ترفع لها القبعة احترماً. كانت معطاءة بلا حدود».
رياضيو حلب نور أصلو ليست أوّل ضحية للأسرة الرياضية في حلب، فمسلسل الاغتيالات والقتل بدأ مع الملاكم الشهير غياث طيفور، بطل سوريا والعرب وآسيا الذي اغتالته جماعة «سرية أبو عمارة» التي ظهرت كحامية للتظاهرات السلميّة. ولحق به لاعب قدم الاتحاد، زكريا يوسف، ثمّ لاعبا كرة قدم وسلة الجلاء، جورج رباط، وجاك سلوم، وآخرون استشهدوا خلال تأديتهم الخدمة العسكرية والاحتياطية. وبرغم كلّ ذلك، وبرغم القذائف المنهمرة على حلب منذ عامين ونصف عام، دون توقف، فإن رياضيي حلب لم يتوقفوا عن «العمل»، واستمرت جميع الألعاب، باستثناء كرة القدم، بلاعبيها الصامدين في المدينة، ويوضح رئيس اللجنة التنفيذية للإتحاد الرياضي في حلب، أحمد منصور، ذلك بالقول: «الرياضيون كأي شريحة من المواطنين قدموا الشهداء، وهم يلتزمون الموقف الوطني، كما أنهم نموذج للأخلاق. والرياضة في حلب باقية رغم كل الظروف لتقدم المثال الناصع عن روح المجتمع وروح شبابه». المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية